بحث عن الصحة النفسية pdf
إن الصحة أمل ينشده الناس كلهم بلا استثناء، ومطلب يود الوصول إليه كل مخلوق - إن الإنسان يبحث دائما عن السعادة والراحة والنجاة من غوائل الأمراض ويضحي من أجل ذلك بالغالي والنفيس وذلك من قديم الزمان وحديثه - إلا أن هذا الاهتمام ازداد بصورة كبيرة في هذا القرن الصاخب إذ تتسم الحضارة الإنسانية في القرن العشرين وبخاصة في الثلث الأخير منه بزيادة معدلات الإصابة بالاضطرابات النفسية والأمراض العقلية و انحرافات السلوك وغيرها من أنواع الشذوذ السلبي، وتنسحب مثل هذه الزيادة على معظم بلدان العالم إلا قليلا.
إن الصحة النفسية موضوع تمس حياة كل إنسان، ويتصل بها بقوة في كل حال يعرض له، فالفرد في كل أحواله يمكن أن يوصف بأنه إما متمتع بالدرجة المرتفعة من الطريق إلى الصحة النفسية، ويجوز درجة مرتفعة من الشذوذ أو عدم السواء مع درجات متباينة تفاوت بينهما ويمكن أن تتغير من وقت لآخر.
ومن الطبيعي أن يزداد الاهتمام بالصحة النفسية مع ازدياد انتشار الاضطرابات التي تصيبها الإنسانية، وزيادة المعلومات عنها.
وعزا بعض الدارسين كثرة الاضطرابات والأمراض النفسية التي تصيب الناس إلى عدة أسباب
1- قيام الحربين العالميتين مما ترتب عليهما مشکلات اقتصادية وسياسية ونفسية شتى.
٢- عدم الاستقرار السياسي في كثير من الدول.. وصاحب ذلك التغير الاجتماعي السريع مما أخل بالتوازن في المجتمع بين الأصالة والتجديد .
٣- إهمال وإغفال القيم والمعتقدات والأخلاق وبزوغ نجم العلم المادي مما أثر تأثيرا بالغا على القيم التي هجرت بسبب ما لابسها من فساد أهلها.
كل ذلك وغيره آير تأثيرا بالغا على نفوس الأفراد فأنتج أمراض خطيرة. يقول نعیم الرفاعي: «إن مقدار انتشار حالات الاضطرابات النفسية والاهتمام بها في العالم يمكن أن يظهر أمامنا في مثال نأخذه من الولايات المتحدة ، يذكر مؤلف کتاب: «أنماط من السلوك الشاذ»: أن حوالي 150 من المرضى الذين تستقبلهم المستشفيات يعانون من أحد أحد أنواع الاضطرابات النفسية ذات الدلالة أو أنهم بكلمة أخرى، يعانون من أمراض عاطفية حادة، كان هذا هو الحال قبل ربع قرن من الزمن»، فكيف الآن بعد ثلاثين سنة من قول الكاتب الرفاعي، ولذا جعلت الدول من أولى اهتماماتها الاهتمام بصحة الفرد جسدا ونفسا، فظهرت الدراسات والبحوث وبرزت الجمعيات والمؤسسات التي تهتم بالصحة الجسدية و النفسية وأصبح هناك تخصصات بهذا المسمى في الجامعات والدراسات العليا وأصبحت المطابع تقذف بعشرات الكتب ستويا التي تعالج مثل هذا الموضوع المهم .
نسبية الصحة النفسية
ورد في بعض التعريفات الجامعة للصحة النفسية التي ذكرها حامد زهران وعبد الخالق أن الصحة النفسية الحالة دائمة نسبا، ويعني ذلك أن الصحة النفسية ليست حالة إحصائية ثابتة، إما أن تتحقق أو لا تتحقق ، بل إنها حالة ديناميكية متحركة، نشطة ونسبية تتغير من فرد إلى فرد کمانتباین صفات عديدة كالطول والذكاء، كما يمكن أن تتغير من وقت لآخر لدى الفرد الواحد وإن كان ذلك في حدود ضعيفة.
ومع ذلك تجب الإشارة إلى ذوي الدرجة المرتفعة من الصحة النفسية لديهم درجة مرتفعة من الثبات النفسي، على حين يتسم ذوي الدرجة المنخفضة من الصحة النفسية بالتغير و التذبذب والتقلب من وقت إلى آخر، ونسبية الصحة النفسية ترجع إلى اختلاف المعايير بين المجتمعات بل وحتى تتغير بتغير مراحل النمو عند الفرد، وكذلك الزمان والمكان، ولذا تحجب الرؤية ويتعين الحذر عند إصدار الأحكام على أغلاط السلوك الدالة على التوافق أو سوء التوافق أي التي تشير إلى الصحة النفسية أو إلى الشذوذ النفسي، إذ يتعين أن تراعي مثل هذه الأحكام فتختلف المتغيرات التي تؤثر في الصحة النفسية والتي تعد إلى حد كبير نسبية.
مؤشرات الصحة النفسية
يطلق عليها بعض الباحثين في مجال الصحة النفسية مظاهر أو خصائص، وعلى كل فالمؤدئ واحد، والمعنى متحد وقد وضع بعض علماء النفس قوائم من المؤشرات التي يتصورون أنها تعبر في مجموعها عن الصحة النفسية للفرد، ومن هذه القوائم ما أشار إليه محمد عودة بأن عبد الغفار ذکرها على النحو التالي :
١- قائمة جودة (۱۹۰۸م): جاء في هذه القائمة المؤشرات التالية:
تقبل الذات واحترامها ، الشعور بالوجود ، الاستقلالية ، التلقائية ، تكامل الشخصية، مرونة الأنا، القدرة على تحمل الإحباط ، القدرة على تحمل القلق، الاعتماد على النفس، الحساسية الاجتماعية، الكفاءة في العلاقات الشخصية ، الكفاءة في العمل، والقدرة على التكيف .
وهذه القائمة تهتم أساسا بالبعدين النفسي والاجتماعي، ولا تتعرض لأي من الجانبين الجسمي والروحي للإنسان .
۲- قائمة بارون (۱۹۹۸م): تذهب هذه القائمة إلى أن الفرد صاحب النفسية السوية ذاك الذي لا يكذب، ولا يفسق، ولا يغتاب ، ولا يقتل، ولا يفعل أي شيء يهدد سير الحياة وجوها، لايفعل إلا ما يراه صوابا .
وهذه القائمة تركز أساسا على القيم الاجتماعية والأخلاقية وتهمل بشكل واضح الجوانب الإنسانية الاخرى.
مرتكزات تحقيق الصحة النفسية
يرى الباحث من خلال قراءاته لمفهوم الصحة النفسية ومؤشراتها:
١- عدم وجود مرتكزات أو سبل تعمل على تحقيق الصحة النفسية وربما تندرج تحت مظاهر الصحة النفسية وغيرها .
٢- وجود تشابه بل أحيانا تماثل بين مظاهر الصحة النفسية وسمات الشخصية السوية وعوامل التكيف أو التوفل الحسن، وكل هذه مجموعة لا تعدو أن تكون مؤشرات ومظاهر يستدل بها على الصحة والسواء .. إلا أن في بعضها ثنائية الاستخدام ؛ إذ من الممكن أن تكون مظهرا وفي نفس الوقت مرتكزا وعاملا وطريقا
التحقيق الصحة النفسية، ولذا رغب الباحث في استخلاص بعض المرتكزات التي تعمل على تحقيق الصحة النفسية من وجهة نظر الدراسات النفسية الحديثة وهي كما يلي:
1- إشباع الحاجات الأولية والشخصية: ويقصد بالحاجات الأولية ، الحاجات العضوية أو الفسيولوجية كالحاجة إلى الطعام، أما الحاجات الشخصية فهي الحاجات الاجتماعية النفسية كالحاجة إلى الانتماء وغيرها.
2- تقبل الذات: ويقصد به أن يتقبل الفرد ذاته بضعفها وقوتها، وأن يشعر بالرضا عن الحياة التي يعيشها في الحاضر، ويخطط للمستقبل بما يتفق وما هو عليه حقيقة.
3- القدرة على ضبط الذات وتحمل المسئولية: إن الشخص الصحيح هو الذي يستطيع أن يتحكم في رغباته وأن يكون قادرا على إرجاء بعض حاجاته، والشخص المتمتع بالصحة النفسية هو الذي يعتبر نفسه مسؤولا عن أعماله ويتحمل هذه المسئولية عن طيب خاطر.
وقد أطلق عليها أحد الباحثين القدرة على التحكم في الذات وكذلك حددها سيرز وآخرون بمقاومة الغواية والإغراء والتهذيب الذاتي.
4- اكتساب الفرد العادات والمهارات السليمة التي تساعد على إشباع حاجاته: وهي أمور يتعلمها الفرد في مراحل حياته المبكرة ولذا نجد أن الصحة النفسية أو التكيف أو الأمراض النفسية هي في الواقع محصلة لما مر بالفرد من خبرات وتجارب ومهارات اكتسبها من بيئته الأولى، وهذا يدل على أهمية التربية والتنشئة الاجتماعية وأثرها المهم على النفس صحة ومرضا، كما أكدت ذلك كثير من الدراسات النفسية .
5- التعاون والتفاعل والمبادأة: إن الشخص السوي هو الذي يستطيع أن يحقق الطبيعة الاجتماعية وهي التعاون الذي يعتمد عليه الآخرون، كما أنه يقرر في الوقت نفسه حاجته إلى الآخرين.
وإلى ذلك أشار مصطفی بالضرورة على التضحية وخدمة الآخرين وجعلها من أهم سمات الشخص الذي يريد أن يتمتع بالصحة النفسية .
والتفاعل شيء أساسي للصحة النفسية وهذا ينبني على إدراك الإنسان لما حوله، فبإدراك الفرد الواقع الإجتماعي حوله، والتعامل المثمر معه، ومواجهة ظروفه الطارئة تمايلزم هذه كلها تؤلف طرقا في مسألة التفاعل بين الفرد ومحيطه.
6- المحافظة على الثبات النفسي والنضج الانفعالي: ويتمثل في عدم التردد المتكرر، وفي الثبات المناسب فيما يتصل بالاتجاهات التي يستخدمها الشخص من شئون الحياة المختلفة ثباتا يسمح للملاحظ بأن يتنبأ بما يحتمل أن يفعله ويشير إلى ذلك أحمد عبدالخالق بالاتزان الانفعالي والثبات الوجداني، ووجود حالة من التماثل بين الانفعالات و مشیر اتها.
7- المسايرة والمرونة: وذلك لكي يتجنب الإنسان المصادمة والصراع مما يؤثر سلبا على حياته فالمسايرة أو المسالمة تعني خضوع الفرد للظروف والأحوال التي يعيش فيها فيسالم الجماعة،
ويخضع لنظمها ويتكيف مع أهدافها .
أما المرونة فقريبة من المسايرة إلا أنها تعني استجابة الفرد للمؤثرات الجديدة استجابات ملائمة، فالشخص غير المرن لا يتقبل أي تغير يطرأ في حياته.
8- اتخاذ أهداف واقعية: وذلك أن يضع الفرد أهدافا ومستويات للطموح، ويسعى للوصول إليها وحينئذ لا يكون البعد شاسعا بين فكرة الشخص عن نفسه وبين الأهداف ومستويات الطموح التي وضعها لنفسه .
وقد أطلق نعیم الرفاعي، مسمى بين طاقات الشخص وإنجازاته مشيرا إلى أن من دلالات الاضطراب النفسي هو عدم تمكن الفرد من جعل طاقاته الجسدية والنفسية أمرا واقعيا بحيث تعمل في كامل
حدود ما تستطيعه، وإلى ذلك أشار (إسماعيل) وسماه مستوى الطموح فقال :
«... فالتوافق المتكامل ليس معناه تحقيق الكمال بل معناه الجهاد والعمل المستمر طبقا لخير ما يمكن أن يتصوره الغير من مبادئ، ولكي يتحقق يجب أن تكون الأهداف واقعية وفي إطار إمكانيات الفرد».
9- القدرة على المواجهة: يشير بصورة مباشرة إلى مواجهة الصراعات والإحباطات والأزمات والشدائد التي يتعين على الفرد مواجهته(ط، وقد أشار إلى ذلك «شنایدرز» بالتكامل بين العواطف والتحكم بالصراع والإحباط .
10- العناية بالصحة الجسمية والبدنية: إذ لا شك أن الصحة الجسدية والبرء من الأمراض العضوية ينتج أفعالا نفسية من نوع خاص تعرف بالصحة النفسية.
ومن ثم يمكن القول بأن الصحة النفسية والصحة الجسدية متكاملتان متطابقتان کالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا، ترتبطان معا أيما ارتباط وأوثقه ، يؤثر اضطراب أحدهما في الآخر تأثيرا كبيراً.
البحوث الجاهزة عن الصحة النفسية
بحوث جاهزة عن الصحة النفسية وهي كالآتي:-
1- تداعيات الحجر الصحي على الصحة النفسية- للتصفح أو التحميل: أضغط هنا
2- الصحة النفسية والآثار المعنوية-للتصفح أو التحميل: أضغط هنا
3- الصحة النفسية والطالب- للتصفح أو التحميل: أضغط هنا
4- تأثير إلادمان الألكتروني على الصحة النفسية المدرسية للمراهق- لتصفح أو التحميل : أضغط هنا
5- أثر التحول الصناعي على الصحة النفسية للعامل داخل المصانع- للتصفح أو التحميل: أضغط هنا
مصدر هذه المقالة هي رسالة ماجستير بعنوان الطريق إلى الصحة النفسية، من أعداد: عبد العزيز عبد الله الأحمد : للتصفح أو التحميل: أضغط هنا
تعليقات
إرسال تعليق