بحث عن التفاعل الاجتماعي مع المراجع
ان من أهم صفات الإنسان هو قدرته على تأسيس نوعا من العلاقات الاجتماعية بينه وبين أفراد مجتمعه وهذه العلاقات تعتمد على ما يصدره الفرد من أفعال وعلى ما يتلقاه منهم من ردود، وقد زخر القرآن الكريم بالآيات التي تحث على التآخي والوئام والألفة والابتعاد عن التنافر والفرقة فأمرنا الله سبحانه وتعالى بالإخوة بين المؤمنين بقوله (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ)(١).
وقد ضرب لنا رسوله الكريم (صلى الله عليه وآله وسلم) المثل قولا وعملا في حرصه على تآخي المسلمين وتوادهم وتراحمهم حتى أنه شبههم بالجسد الواحد الذي تتألم سائر أعضائه بالسهر والحمى كما في الحديث الشريف (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضوا تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى) (٢).
ويعرف التفاعل الاجتماعي على انه التأثير المتبادل بين شخصين او اكثر بحيث يؤدي ذلك الى تقويم مساراته وسلوك الأشخاص.
ويشترط في حدوث التفاعل الاجتماعي توافر موقف اجتماعي ويتكون الموقف الاجتماعي عادة من أطراف التفاعل ووسائطه وعناصره المادية في مكان وزمان معينين، كما يشمل التفاعل الاجتماعي على المكونات الأساسية الآتية التفكير والفعل أو الاستجابة كموضوعات للتفاعل كذلك القيم والمعايير التي تعد كأهداف يتجه التفاعل نحو تحقيقها ويتفاعل الأفراد من أجلها ويتبادلون في مجرى عملية التفاعل الاجتماعي كذلك الأفعال الظاهرة كناقلات أو موصلات تتجسد من خلالها المعاني والقيم والمعايير وتكتسب الصفة الاجتماعية فضلا عن البعد الزمني بما يتضمنه من ماض وحاضر ومستقبل(٣).
النظريات التي فسرت التفاعل الاجتماعي
يشكل مفهوم التفاعل الاجتماعي عاملا مشتركا بين علم النفس وعلم الاجتماع فاتسع استخدامه باتساع هذين المصطلحين لذا تعددت وجهات النظر وتباينت في تفسيره وظهرت العديد من النظريات ما بين نفسية واجتماعية لتفسيره.
وسيتم عرض النظريات المهمة للتفاعل الاجتماعي:
- النظرية السلوكية:- بلور السلوكيون عملية التفاعل الاجتماعي بين الأفراد إلى نظرية المؤثر والاستجابة والتعزيز التي قادها العالم الأمريكي ((سكنر Skinner)) ويرى هؤلاء أن المخلوقات الاجتماعية ليست سلبية في تفاعلها بل إنهم يستجيبون للتأثير أو المنبهات التي يتلقونها خلال عملية التنشئة الاجتماعية القائمة على التفاعل والشخصية التـي تتكون وتتشكل للفرد أو للجماعة هي نتيجة مباشرة لهذا التفاعل، والتفاعل بهذا المعنى يتمثل في الاستجابات المتبادلة بين الأفراد في وسط أو موقف اجتماعي بحيث يشكل سلوك الواحد مؤثرا أو منبها لسلوك الآخر وهكذا فكل فعل يؤدي إلى استجابة أو استجابات في إطار عملية تبادل المنبهات والاستجابات مثير - استجابة- تفاعل - مثير - استجابة(٤).
- نظرية نيوكمب: يفسر نيوكمب التفاعل الاجتماعي بالاستناد إلى مبدأ التشابه والتوازن، وهكذا يرى نيو كمب أن نمط من العلاقة المتوازنة يسود بين شخصين متفاعلين عندما تتشابه اتجاهاتهما أو آراؤهما بالنسبة لشيء أو شخص أو موقف معين وان نمط من العلاقة المتوترة غير المتوازنة ينشأ بين الطرفين المتآلفين إذا كان كل منهما يحمل أفكارا أو اتجاهات متباينة نحو طرف ثالث مشترك(٥).
خصائص التفاعل الاجتماعي
هناك خصائص مختلفة للتفاعل الاجتماعي أهمها ما يأتي:-
- الاستمرارية:- إذ أننا نتفاعل دائما وأبدا حتى وان كنا جالسين لوحدنا نتذكر شخصا ما ونتمثل وضعا ما ونقول على هذا أننا نتفاعل اجتماعيا(٦).
- التمايز:- إذ يعطي التفاعل الاجتماعي للأفراد الفرصة لكي يتميز كل منهم بفرديته وشخصيته المستقلة عن الآخرين(٧). عن طريق الآتي:
- عن طريق التفاعل الاجتماعي:- يقوم كل فرد بدوره ومسئوليته فالأب له دوره ومسؤوليته في الأسرة وقد يكون موظفا له دوره أيضا في مهنته أو عضوا في ناد أو جمعية أو فرقة(٨).
- يتميز التفاعل الاجتماعي:- الذي ينشأ بين الأفراد بالتوقع لان الفرد عندما يقوم بأداء فعل معين داخل محيط الجماعة فإن عدة توقعات معينة قد يقوم بأداء فعل معين داخل محيط الجماعة فإن عدة توقعات معينة قد يتوقع الفرد الاستجابة أو الرفض من بقية أعضاء الجماعة لما قام به من عمل كما يتوقع الفرد أيضا العقاب ويكون مبنيا على خبرات سابقة وعلى القياس لأحداث مشابهة(٩).
- يعد التفاعل الاجتماعي:- وسيلة الاتصال الأساسية بين أفراد الجماعة فعن طريقه يتم التفاهم بين الأفراد من اجل حركة الجماعة والاتصال يتم أما بطريقة مباشرة أو غير مباشرة.
- يتميز التفاعل الاجتماعي:- بين أفراد الجماعة بالأداء فهو العنصر الأول من عناصر التفاعل فأداء الفرد في الموقف الاجتماعي هو الذي يسبب الأداء الآخر (أي رد الفعل) وبالتالي ينشا التفاعل سواء كان هذا الأداء بسيطا أو معقدا والأداء البسيط هو الذي يقوم به الفرد لحاجته إلى تكراره وهو يعكس الأداء المعقد الذي يوضحه الفرد بأنواع أخرى من الأداء وقد يحتاج إلى تكراره عدة مرات(١٠).
أشكال التفاعل الاجتماعي
هناك شكلان أساسيان للتفاعل الاجتماعي هما:
- التفاعل الاجتماعي المباشر: وهو الذي يحدث على نحو مباشر بين شخصين أو أكثر وجها لوجه كموقف المعلم في أثناء المحاضرة مع طلبته أو الوالدين مع أبنائهما في العائلة(١١).
- التفاعل الاجتماعي غير المباشر: وهو الذي يحدث بوساطة وسيط كالهاتف أو كتابة رسالة إلى صديق أو قراءة قصة في كتاب أو البريد الإلكتروني وغيرها(١٢).
مراحل التفاعل الاجتماعي
يمر التفاعل الاجتماعي بمرحلتين وهما:
- التعرف:- وفي هذه المرحلة يتبادل الطرفان عبارات الترحيب والمجاملة والآراء العفوية غير المخططة ويقوم كل طرف بعملية استكشاف مبدئية للطرف الآخر يحدد فيها قيمته وفائدته بالنسبة له ولأهدافه معتمدا في ذلك على مبدأ الكلفة والعائد (الربح والخسارة ) وعلى مدى التشابه والتوافق بينهما(١٣).
- مرحلة التفاوض والمساومة:- وفي هذه المرحلة يسعى كل طرف من خلال استخدام وسائل التفاعل المتاحة لديه والمفضلة عنده إلى تحديد نوع العلاقة التي يفكر في التوصل إليها وإقامتها مع الطرف الآخر باحثا عن أفضل النتائج والمكاسب وهنا يحاول كل طرف تسويق مزاياه للطرف الآخر مبرزا مقدار التشابه والتوافق في المزايا والاتجاهات والطرائق والأهداف(١٤).
وسائل (وسائط) التفاعل الاجتماعي
تتم عمليات التفاعل الاجتماعي عبر وسائط مختلفة متنوعة يمكن تصنيفها في اتجاهين رئيسين هما:
- وسائل التفاعل اللفظية: تعتبر اللغة من الوسائل الهامة للتفاعل الاجتماعي حيث تضم اللغة الكلام المحكي او المسموع: بأشكاله المختلفة ويتأثر هذا الوسيط بالصوت والنبرة والسرعة والوقت والصمت والإصغاء والألفاظ والمعاني والأفكار والمناخ المادي والنفسي السائدين وفرص التبادل والتفاعل. ولما كان عالم اللغة يدرس المكونات المختلفة للغة بهدف اكتساب النظم التي تكون الهيكل الأساسي للغة فان المتخصص في علم النفس يهتم بالدرجة الأولى بأثر اللغة في التفاعل الاجتماعي وكيف يكون للغة الأثر في التعبير عن العلاقات الاجتماعية وتطويرها (١٥).
- وسائل التفاعل غير اللفظية هناك وسائل اتصال تضم كل ما هو غير لفظي إذ يشكل مثيرا او منبها لاستجابات سلوكية مختلفة تسهم في إحداث التفاعل الاجتماعي ومن أمثلة ذلك الأصوات غير الكلامية نحو تعابير الوجه والملابس والألوان والابتسامة كذلك أيضا لغة الإشارات بالنسبة للبكم والصم والتي تفتقر إلى العنصر اللفظي (١٦).
قائمة المراجع:
١- القران الكريم: سورة الحجرات، آية، ١٠.
٢- أبي الحسن النيسابوري مسلم بن الحجاج بن مسلم القشيري: صحيح مسلم، الجزء الثاني، الطبعة الأولى، مكتبة الصفا، القاهرة، مصر، ٢٠٠٤، ص ٦٣٧.
٣- عماد ابراهيم حيدر الاتروشي: الشخصية النرجسية وعلاقتها بالتفاعل الاجتماعي لدى طلبة الجامعة، كلية التربية / ابن الهيثم، جامعة بغداد، ٢٠٠٤، ص ٢٧.
٤- صنعاء يعقوب خضير التميمي: بناء مقياس مقنن للتفاعل الاجتماعي عند طلبة جامعة بغداد، كلية التربية / ابن رشد، جامعة بغداد، ١٩٩٣، ص ٣١.
٥- مرعي (وآخرون): الميسر في علم النفس الاجتماعي، الطبعة الثانية، دار الفرقان، عمان، ١٩٨٤، ص ٥٠.
٦- احمد عبد اللطيف وحيد: علم النفس الاجتماعي، دار المسيرة، عمان، ٢٠٠١، ص ٢٢٣.
٧- عمر احمد همشري: التنشئة الاجتماعية للطفل، الطبعة الأولى، دار صفاء للنشر والتوزيع، عمان، الأردن، ٢٠٠٣، ص ١٤١.
٨- صالح محمد علي ابو جادو: سيكولجية التنشئة الاجتماعية ، الطبعة الثالثة، دار المسيرة للنشر والتوزيع ، ٢٠٠٢، ص ٨٩.
٩- زياد الخالد: العلاقات الاجتماعية ودورها في تنمية التفاعل الاجتماعي، ٢٠٠٢. WWW – trcsr. com، ص ٣.
١٠- زاهر زكار: العلاقات الاجتماعية ودورها في التفاعل الإنساني، مجلة الرافد، السنة (٢)، العدد (٧)، 2004 ،WWW alraafiding- Com، ص ٤-٥.
١١- احمد عبد اللطيف وحيد: مصدر سابق، ٢٠٠١، ص ٢٢٣.
١٢- عمر احمد همشري: مصدر سابق، ٢٠٠٣، ص ١٩٣.
١٣- أحمد الشناوي وآخرون، التنشئة الإجتماعية للطفل، دار الصفاء للنشر والتوزيع، عمان، الأردن، ص ٦٨.
١٤- عمر احمد همشري: مصدر سابق، ٢٠٠٣، ص ١٤٥.
١٥- صالح محمد علي ابو جادو : مصدر سابق، ٢٠٠٢، ص ٩٠.
١٦- عماد ابراهيم حيدر الاتروشي: مصدر سابق، ٢٠٠٤، ص ٣٢.