القائمة الرئيسية

الصفحات

[LastPost] أخر المواضيع

بحث حول الحداثة مع المراجع

بحث حول الحداثة مع المراجع

انتشر مفهوم الحداثة  في أواخر القرن التاسع عشر بعد مرحلة التنوير التي أصابت المجتمعات الأوربية واستمر بالانتشار حتى وصل العالم بأسره  إذ عملت الحداثة موجة قوية من التغيير الثقافي والاجتماعي في المجتمعات الأوربية فحررتها من رواسب الكهنوت في العصور الوسطى ونهضت بالواقع الاجتماعي فيها عن طريق ترقية الفكر وتوعيته وتطوير مداركه وأدواته المعرفية للوصول إلى الحقائق(١)، واستخدم مصطلح الحداثة للتعبير الاجتماعي وإنها من العوامل المؤدية إلى التغيير الحضاري  في مختلف مجالات الحياة، ويستعمل للتعبير عن التجديد والتحديث كون المصطلح هو نتاج لهاتين العمليتين والتي ترمز إلى حداثة المجتمع وتطوره في حقبة زمنية معينة.(٢)

ويأتي مصطلح الحداثة مرادفا للحداثة الاجتماعية، وما هو إلا تعبير عن روح العصر. وكذلك يشير إلى مذهب تفضيل كل ما هو عصري أو مستحدث عن كل ما هو قديم. ويتضمن مصطلح الحداثة معنيين هما المدح والذم، فهو يستعمل كمدح لوصف شخص منفتح التفكير، مدرك لما يلائم روح العصر من الأفكار والمذاهب، ومحيط لما توصل إليه العلم من حقائق واكتشافات.(٣)


والحداثة تعرف بأنها هي الوعي المتجدد بمتغيرات الحياة والمستجدات الحضارية وتأكيد مبدأ استقلالية العقل الإنساني تجاه التجارب السابقة ذلك الوعي المتجدد بمتغيرات الحياة والمستجدات الحضارية والانسلاخ من أغلال الماضي وهي استجابة حضارية للقفز على الثوابت وتأكيد مبدأ استقلالية العقل الإنساني تجاه تجارب سابقة .(٤)

بحث حول الحداثة

الأفكار والمعتقدات التي توضح الحداثة


وللحداثة مجموعة من الأسس الفكرية العامة تستند عليها، وقد أطلق عليها  (المعتقدات الرئيسة للحداثة) وقد حددت تلك الأفكار والمعتقدات للتعرف على كيفية التعامل مع تغيرات العصر ومستحدثاته لتحقيق اكتساب سمة الحداثة وهي: (٥)


  1. الإيمان بمفهوم التقدم العلمي: وتستند هذه الفكرة على أن الأفراد يكتسبون سمات أو خصائص الحداثة بالتدرج وترتبط هذه الفكرة بنمو المعرفة العلمية وأثرها على التقدم الاجتماعي لتحقيق الحداثة الشاملة بواسطة الجهود العلمية وما توصل إليه العقل البشري من تطور علمي وتقني واجتماعي وحضاري.(٦)
  2. الإيمان بالكليات: أي الإيمان بعمومية وشمولية قوانين الطبيعة إن الاعتقاد بأهمية رؤية الأشياء والظواهر بنظرة شاملة وكلية ومترابطة تؤدي إلى ظهور النظريات في كافة المجالات العلمية كافة وكذلك الإيمان والوثوق بقدرة الإنسان على تحقيق السمو العقلاني في هذا العالم. 
  3. الإيمان بالانتظام: وبقابلية التنبؤ بالظواهر الطبيعية أو عموميتها بعد معرفة القوانين التي تسيرها. وذلك من خلال تثبت قواعد العلوم الفيزياوية والعلوم الاجتماعية. 


الأسس الفكرية العامة للحداثة 


هناك مجموعة من الأسس الفكرية العامة للحداثة والتي يطلق عليها المعتقدات الرئيسة للحداثة، وقد شخصت لتحديد الإطار العام لكيفية التعامل مع متغيرات العصر ومستجداته لتحقيق الحداثة ، ويمكن توضيحها بما يلي:(٧)


  1. الإيمان بمفهوم التقدم الاجتماعي (Social Progress):- يقوم هذا المعتقد على أساس إن الأفراد يتحسنون ويتحدثون بالتدريج وترتبط هذه الفكرة بالتقدم الاجتماعي وبنمو المعرفة العلمية لتحقيق الحداثة الشاملة بواسطة الجهود العلمية وما توصل إليه العقل البشري من تطور علمي وتقني واجتماعي وحضاري.
  2. الإيمان بالكليات (Universals):- أي الإيمان بعمومية وشمولية قوانين الطبيعة فالاعتقاد بذلك قد أدى إلى ظهور النظريات في العلوم المختلفة كنظرية نيوتن وفرويد واينشتاين (Neuten,Freud & Anshtain) وغيرهم من الذين اهتموا برؤية الأشياء والظواهر بنظرة كلية وشاملة ومترابطة.
  3. الإيمان بالانتظام وبقابلية التنبؤ بالظواهر الطبيعية أو عموميتها بعد معرفة القوانين التـــي تسيرها: ويتحقق ذلك من خلال إرساء قواعد العلوم الحديثة كبحث دائم عن قوانين الطبيعة الكلية المنتظمة التي تتحكم في العالمين الفيزيقي والاجتماعي.  


   أنواع المظاهر النفسية للحداثة


لقد ظهرت أنواع  كثيرة ومتعددة للمظاهر النفسي للحداثة ولكن أغلب المصادر اتفقت على الأنواع الآتية وهي: (٨)


  1. الحداثة الاجتماعية: وتعد الحداثة الاجتماعية عنصرا فاعلا في عملية التحديث الشامل لأنه يرتبط ارتباطاً وثيقاً بنشأة النظم الحديثة، ويمتاز بخصائص منها انتقال أعداد من السكان من الريف إلى المناطق الحضرية والصناعية بسبب انتشار شبكة النقل والمواصلات والتي تؤدي إلى نوع من التجانس بين المجتمعين الريفي والحضري.
  2. الحداثة التربوية: يتضمن التحديث التربوي درجة عالية من التخصص في النظم التربوية والتعليمية، ونمو وسائل التعليم، وتطوير المناهج، وكذلك كثيرا من الأدوات والعناصر التي تحدث تغيراً في الاتجاهات للأفراد، ويشمل التطبيق المنظم والدقيق للوسائل التربوية والتعليمية الحديثة في عمليات التربية والتعليم، ومحاولة استغلال الطاقة الكلية وقدرات الفرد الإبداعية وتوظيفها في عملية النهضة العلمية، وعندما تبدأ عملية تحديث التربوي والتعليمي فإن مجموعة القيم التربوية والعلاقات العلمية والاجتماعية ينبغي لها أن تتجاوب عميقا مع تلك التطورات والمواقف والتنظيمات الجديدة من قبيل الإثابة والتدعيم، المكافأة والعقاب، الإيمان بالتطور. (٩)
  3. الحداثة البنيوية: يعد التحديث البنيوي أول ما يواجه المجتمع من مهام رسالته التحديثية والإنمائية، فالبنيات الحديثة للرياضة هي المحرك الإبداعي للقيم التي يلتزم بها هذا المجتمع، وتعد البنية الاقتصادية هي اداة تحديث سائر البنيات. وان تحدي الحداثة والإنماء الرياضي هو اليوم تحدي القابل للبقاء، ويعني هذا أن قابلية أي مجتمع للاستمرار متوقفة على قابليته للاستجابة لهذا التحدي.(١٠)


بواعث الحداثة 


كل المجتمعات تتغير ولكن بتفاوت فمنها من يتغير بسرعة ومنها من يتغير ببطء، وهناك عدد من البواعث التي تؤثر في سرعة التغير وتسهل قبول التحديث، وهذه البواعث  قد تكون اجتماعية أو ثقافية أو اقتصادية، وتشمل ما يأتي : (١١)


  1. الرغبة في التقدير: إذ يكون التحديث مقبولاً أكثر في حالة أضافته شيئاً من النفوذ والتقدير للأفراد الذين يقبلون الحداثة الرياضية.
  2. الاتصال: أن المجتمعات التي تكون على اتصال وثيق بمجتمعات أخرى من خلال السفر والسياحة تميل إلى التحديث السريع  في الجانب الرياضي.
  3. الطبقة الاجتماعية: أكثر الناس قبولاً للحداثة هم أفراد الطبقة الوسطى لأنهم لا يمتلكون عادة اهتمامات مكتسبة قد تهددها التحديثات الكبرى كما يحدث لأفراد الطبقة العليا، كما أنهم لا يخشون من تبنى أفكار تحديثية  مقارنة بأفراد الطبقة الدنيا الذين قد ينظرون إلى الأفكار الحديثة  بأنها تمثل تهديداً شديداً لحياتهم.
  4. واجبات الصداقة: فالصديق يمكن أن يتقبل من صديقه بعض الأفكار والسلوكيات والرياضات الجديدة من منطلق أن واجب الصداقة يقتضي أن لا يقول صديق لصديقه (لا) إذا استطاع.
  5. السلطة: قد يكون استخدام السلطة مطلوباً ضد الأفكار والسلوكيات التقليدية والتأكيد للناس بأن نموذج التحديث الذي تريده مأمون ومفيد ومرغوب فيه.
  6. مشكلة التلاؤم: فالتحديث يسهل قبوله إذا كان يتكامل أو يرتبط مع أنماط تقليدية أو ملائم لرغبات الرياضي.
  7. المشاركة في صنع القرار:- أي أن الحداثة تكون مقبولة أكثر إذا كان الناس الذين سيتعرضون له مشتركين في التخطيط له وتنفيذه.
  8. المنافسة: إذ تعد المنافسة باعثاً للحداثة سواء كانت بين أفراد أو جماعات، ففي دراسة ديفيد بوتر عن البواعث الرياضية للحداثة توصل إلى أن الأساس المشترك عند الأمريكيين للحداثة يتمثل بروح التنافس التي تأخذ شكل ونمط الوفرة الثقافية التي تخلق إمكانية تقبل الجديد وتشجع التجديد وترحب بالتغير. (١٢)


معوقات الحداثة


أي شيء جديد يمكن أن يكون هدفاً للمقاومة، فهناك دائماً معارضة لأشياء كثيرة جديدة، وتنشأ هذه المعارضة والمقاومة عبر عدة مصادر اجتماعية وسيكولوجية وثقافية واقتصادية، يمكن إجمالها بما يأتي:


  1. قد تقوم الحداثة بواسطة أفراد أو جماعات تخشى من فقدان مصالحها المستقرة إذا حدث قبول أي حداثة.
  2. قبول أي حداثة سوف يؤثر في مكانة بعض الأفراد في المجتمع الرياضي وبالتالي فإن الأفراد الذين تصبح مكانتهم مهددة بسبب الحداثة فإنهم يقاومون تبني عناصر هذه الحداثة.
  3. التماسك والتضامن الذي يظهر في المجتمعات الريفية والشعبية يجعل هذه المجتمعات ترفض أي شخص يخرج عن مبادئهم المألوفة، مما يعني مقاومة لأي حداثة.
  4. السلطة سواء على مستوى الأسرة أو المجتمع الرياضي يمكن أن تكون مصدراً لمقاومة التحديث إذا رأت فيه خطراً عليها.
  5. الخوف من المجهول ينشأ عنه قدر كبير من المقاومة الأولية لأي حداثة.
  6. تقاوم الحداثة أحياناً لأسباب معقولة عندما يظهر التحديث المقترح على أنه ضار بالنسق الرياضي، أو عندما تكون نتائجه غير عملية أو قابلة للشك.
  7. تعد القدرية جزءاً مهماً من مقاومة الحداثة حيث يشعر بعض الناس بنقص السيطرة على الطبيعة، فأي شيء يحدث هو بمشيئة الله وليس للإنسان أي دور فيه.
  8. غالباً ما تكون تكلفة الحصول على شيء جديد واستخدامه عاملاً مانعاً في سبيل انتشار تبني كثير من التجديدات الحديثة، فالناس سيكولوجياً قـد يقبـلون الكثير مـن التحـديثات الرياضية ولكن التحمـل الاقتصادي يكون أما كبيراً جداً أو هو أكثر مما يطيقون من أجل تحقيقه. 


وهنا يمكن القول أن كل مجتمع يتضمن عوامل تشجع الحداثة وتدفعه، وأخرى تعوقه وتحاول إبقاء الأوضاع على ما هي عليه، وهذه البواعث والعوائق تعملان في وقت واحد. (١٣) 


متطلبات الحداثة


إن عملية الحداثة تحتاج متطلبات مختلفة لأجل حصولها لذا أن توفر هذه المتطلبات من العوامل المساعدة في نجاح عملية الحداثة في المجتمع ومن هذه المتطلبات ما يلي:


  1. التمهيد لحدوث الحداثة في المجتمع: لابد من أن يواكب الحداثة تقبل وتمهيد لإحداث التغيير في المجتمع، وتحديد كيفية اثارة مشاعر الحماس لدى جماعات المجتمع وأصحاب المصلحة، وان تكون لدى المجتمع القدرة على الحركة السريعة لمواجهة أية مشكلات أو معوقات تقف عقبة في طريق الحداثة.(١٤)
  2. وجود نظام اقتصادي يحكم الحداثة الاقتصادية: أن وجود اقتصاد متين يقوم على أسس علمية دقيقة يؤدي إلى ارتفاع دخل الفرد ومن ثم إلى ازدهار المجتمع وتقدمه اقتصاديا، وبذلك يكون هذا المجتمع مهيأ للحداثة. 
  3. التغيير في مكونات الشخصية: تتطلب الحداثة تغييرا واضحا في مكونات الشخصية ودوافعها، والتحلي بالموضوعية والقدرة على التكيف مع المواقف المتعددة والرغبة في المشاركة في العديد من المجالات، وأن يكون للفرد دافع لتحقيق الإنجاز، وبذلك يصبح قادرا على اختيار أهدافه بموضوعية وتعديل اتجاهاته.(١٥) 
  4. بناء صفوة للحداثة: لابد من وجود أفراد يقومون بعملية الحداثة يكون لهم تأثير في إحداث التحول الناجح لمجتمعاتهم.(١٦)


قائمة المراجع:


١- نور الدين أبو مهرة، ملاحظات حول فشل سياسات التصنيع وسياسات التنمية التكنولوجية في العالم الثالث،  العدد ١٢، حالة العالم العربي، مجلة العلوم الإنسانية، ١٩٩٩، ص ٧٤.


٢- صفوت  فرج، القياس النفسي، القاهرة، دار الفكر العربي، ١٩٨٠، ص ٤.


٣- عبد الأمير الأعسم، إسهام في مفهوم الحداثة في الخطاب الفلسفي المعاصر، العدد٤، مجلة دراسات فلسفية، بيت الحكمة، بغداد، العراق، ١٩٩٩، ص ٥.


٤- عبد الله احمد المهنا، الحداثة وبعض العناصر المحدثة في القصيدة العربية المعاصرة، العدد ٣، المجلد ١٩، مجلة عالم الفكر، ١٩٨٨، ص ٦.


٥- بدر الدين مصطفى. فلسفة ما بعد الحداثة، ط١، عمان، دار الميسرة للنشر والتوزيع، ٢٠١١، ص ١٤.


٦- طراد الكبيسي منزلة الحداثة، ج ١، وزارة الثقافة والإعلام، دار الشؤون الثقافية العامة، بغداد، ١٩٩٢، ص ١٢.


٧- حسين عايش، الحداثة وما بعد الحداثة وانعكاسات كل منهما على المجتمع والأسرة والمدرسة، مجلة دراسات عربية، العدد(٣) دار الطليعة،  لبنان - بيروت، ١٩٩٧، ص ٨٤.


٨- حسين عايش،  نفس المصدر السابق، ١٩٩٧ ، ص ٨٤.

  

٩- 16.    جهينة سلطان ويوسف العيسى، التحديث في المجتمع القطري المعاصر،  ط١، الكويت، شركة كاظمة للنشر والتوزيع والترجمة، ١٩٨٣، ص ٥١-٦٤.


١٠- Giddens, A.  Capitalism and Modern Social Theory. Cambridge: Cambridge University Press1971, p188 .


١١- جهينة سلطان ويوسف العيسى، مصدر سابق، ١٩٧٩، ص ٩١-٩٥.


١٢- سنا الخولي، التغير الاجتماعي والتحديث، دار المعرفة الجامعية، الإسكندرية، مصر،١٩٨٨، ص١١٠-١٥٤.


١٣- سنا الخولي، نفس المصدر السابق،١٩٨٨، ص ١١٠-١٥٤.


١٤- شارلب تلهايم، التخطيط والتنمية، ترجمة إسماعيل صبري عبدالله، دار المعارف، مصر، ١٩٦٦، ص ٥٤.

 

١٥- شيما ديوب، التغير الاجتماعي والتحديث، ترجمة أحمد مصطفى محمد خاطر، المكتب الجامعي الحديث، الإسكندرية، ١٩٧٠، ص ٨٧.


١٦- Benda, J. :A Political Lines in Colontal SouthEast Asia. A N. Historical Analysis in Eisenstadi (ed) Comparative Perspectives on Social Change, 1975, p56.


* انظر للمرجع الرئيسي: المظاهر النفسية للحداثة وعلاقتها بالتوافق النفسي لدى طلاب كلية التربية البدنية وعلوم الرياضة في جامعة بابل، رسالة ماجستير، جامعة بابل، ٢٠١٧، اطلع عليه بتاريخ: ٢٠٢٢/٨/٣.



reaction:

تعليقات