بحث جاهز عن القلق الامتحاني

 بحث جاهز عن القلق الامتحاني

كثر التركيز في السنوات الأخيرة على العوامل المؤثرة في إنجاز الطالب ودافعيته للتعلم داخل غرفة الصف، باعتبار أن التعرف على تلك العوامل يُعَدُّ هدفاً من أحد أهداف البحوث التربوية والنفسية، ويرى الكثير من الباحثين أن قلق الامتحان واحدٌ من أهم هذه العوامل. (١)   

وقلق الامتحان (exam anxiety) كما يسمى في بعض الأحيان "الخوف من الامتحان" (Test Phobia) هو حالة نفسية تعاني منها شريحة من الطلبة بمراحلهم التعليمية المختلفة (الابتدائي، الثانوي، الجامعي) والتي لها آثار سلبية على المستوى الدراسي والنفسي والاجتماعي كذلك، إضافة إلى أعراض أخرى مصاحبة لهذا القلق. (٢)

     

وقلق الامتحان هو شكل من أشكال المخاوف للطلاب وهو أحد العوامل المعيقة للتحصيل الدراسي بين الطلاب في مختلف مستوياتهم الدراسية، والواقع أن الكثير من الدراسات قد أشارت إلى هذا الأثر السلبي للقلق على التحصيل، فقد أشار سوين عام (١٩٦٨) إلى أن الكثير من الطلاب  يفشلون في دراستهم بسبب عدم قدرتهم على مواجهة الامتحانات التي يتقدمون لها، وما يصاحب هذه المواقف من قلق واضطراب يؤثر في قدرة الطالب على التكيف المناسب مع موقف الامتحان. (٣)

بحث جاهز عن القلق الامتحاني

أنواع قلق الامتحان


وقد فرق العلماء بين نوعين من القلق الامتحاني هما:ـ


  1. القلق المعطل: الذي يعد شكلاً من أشكال القلق المرضي المُعطل لدافعية الفرد والمُعيق لعملية التعلم.
  2. القلق المُيسر: الذي يعد أمراً طبيعياً، فلا يؤثر في أداء الفرد وخصوصاً في مواقف الامتحان، وإنما يسرّع عملية التعلم. (٤)

      

ونتيجة لهذا فقد يلجأ بعض الطلاب بسبب الخوف من الامتحان إلى الهروب من الموقف أو الغياب عن الامتحان أو الارتباك داخل قاعة الامتحان وكلها وسائل دفاعية، تهدف إلى حماية الذات من ذلك الموقف الضاغط ،الذي ينطوي على أسباب عدة مثل: خبرات مؤلمة في الماضي مشابهة للموقف الامتحاني الحالي، أو تحمل قلقاً من النتيجة التي سوف يحصل عليها في الامتحان وغير ذلك من الأسباب التي تنعكس سلباً على أداء الطلاب، فالأشخاص الذين يكون قلقهم مرتفعاً في مواقف الامتحان يميلون إلى إدراك المواقف التقويمية على أنها مهددة لهم شخصياً، وهم يميلون للتوتر والاهتياج الانفعالي في تلك المواقف، وهم أيضاً يعيشون انشغالات عقلية سالبة مركزة حول الذات تشتت انتباههم وتتدخل مع التركيز المطلوب أثناء الامتحان فتشوشه وتعرقله. (٥)  


مظاهر وأعراض قلق الامتحان

      

من الأعراض التي تنتاب الفرد أثناء تعرضه لقلق الامتحان ما يأتي:


  1. التوتر والأرق وفقدان الشهية والأفكار الوسواسية أثناء ليالي الاختبارات.
  2. كثرة التفكير في الامتحانات  (قبلها وأثناءها).
  3. تسارع خفقان القلب وجفاف الحلق  وسرعة التنفس وصب العرق وآلام البطن والغثيان.
  4. الشعور بالضيق النفسي الشديد قبل  تأدية الإمتحانات وأثنائها.(٦)
  5. الرعب الانفعالي الذي يشعر فيه الطالب بأن عقله صفحة بيضاء، وأنه نسي ما قرأه  بمجرد الاطلاع على ورقة أسئلة الامتحان.
  6. وجود تداخل معرفي، يتمثل في  أفكار سلبية غير مناسبة عن الامتحانات، ونقص إمكانية المعالجة المعرفية للمعلومات. 
  7. اضطراب العمليات العقلية كالانتباه والتركيز والتفكير ونقص الثقة بالنفس أثناء أداء الاختبارات.
  8. تشتت الانتباه وضعف القدرة على التركيز واستدعاء المعلومات أثناء أداء الامتحانات. (٧)


أسباب  قلق الامتحان

     

يرى المهتمون في مجال الصحة النفسية والمجال التربوي أن قلق الامتحان يعود إلى الكثير من الأسباب لعل من أبرزها ما يأتي:


  1. نقص المعرفة بالموضوعات الدراسية، ونقص الرغبة في النجاح والتفوق.
  2. وجود مشكلات في تعلم المعلومات أو تنظيمها مراجعتها قبل الامتحان، أو استدعائها في موقف الامتحان نفسه.
  3. قصور الوسائل المستخدمة في عملية التدريس واقتصارها على عمليات الحفظ والتلقين.
  4. ارتباط الامتحان بخبرة الفشل في حياة الطالب، وتكرار مرات الفشل أدى إلى الشعور بعدم الثقة في النفس.
  5. قصور في الاستعداد للامتحان كما يجب ،وقصور في مهارات أخذ الامتحان.
  6. الاتجاهات السالبة لدى الطلاب والوالدين نحو الامتحانات، والشعور بأن المستقبل يتوقف على الامتحانات.
  7. الضغوط البيئية، وخاصة الأسرة، وطلبها تحقيق مستوى طموح لا يتناسب مع قدرات ابنائهم.
  8. الضغوط المباشرة، حين يتعرض الطالب للتهديد أو يواجه الفشل.
  9. محاولة إرضاء الوالدين والمعلمين والمنافسة مع الرفاق.
  10. اكتساب قلق الامتحان حين يقترن بمثيرات منفرة مثل التقييم الاجتماعي السالب، والمصاحبات الفسيولوجية غير السارة. (٨)


مصادر قلق الامتحان

      

يشير التربويون في هذا المجال إلى أن لقلق الامتحان مصادر متعددة منها ما يأتي:


  1. طموحات وتوقعات واهتمامات بالأسرة.
  2. استعداد الطالب نفسه، وعادات الدراسة الجيدة.
  3. المعلم وطرائق التدريس المستخدمة.
  4. طرائق التقويم المتبعة والظروف المحيطة بالامتحانات. (٩)


 سبل وطرق علاج قلق الامتحان

      

يعتقد علماء النفس أن الوقت الوحيد الذي يفرض المباشرة في العلاج هو عندما يفسد القلق العمل الذي يقوم به المتعلم أو عندما يؤثر في وضعه ومركزه، ومن علاجات القلق العلاج السلوكي المعرفي واستخدام الأساليب والطرق الحديثة في التعلم  والهدف منه زيادة البصيرة لدى الفرد المصاب وتحقيق التوافق مع الاسترخاء إذا ما تمت ممارستها بانتظام يكون لها تأثير مشابه لمضادات القلق، كما يمكن أن يكون العلاج بالأدوية اذ انها تساعد في السيطرة على أعراض القلق بسرعة على عكس الوسائل الأخرى التي تحتاج إلى وقت اطول، مثلاً نجد أن دواء الفاليوم لا يزال خياراً مفضلاً بعده دواء للمعالجة إذا ما كان الطبيب يصفه في حالات خاصة ولمدة قصيرة، إذ يستطيع هذا الدواء أن يحقق الراحة للشخص القلق. (١٠)

   

التحصيل الدراسي وقلق الامتحان

      

هناك علاقة بين التحصيل الدراسي وقلق الامتحان فأحياناً يقول الطلاب القلقون بأنهم عجزوا أو تعثروا في الإجابة على الاختبارات ولم يستطيعوا استرجاع المعلومات التي يعرفونها، فالقلق يؤثر في استقبال وتخزين واسترجاع المعلومات، وهذه التأثيرات تؤثر في عمليات الذاكرة ليس من السهل فصلها عن بعضها، وفي ضوء هذا يتوقع أن يكون أداء الطلاب القلقين في المدرسة ضعيفاً وللتحقق من هذه الفكرة قام عالم النفس (تشارلز سبرينجر) بفحص درجات وقدرات الطلبة الذكور بإحدى الكليات، واستنتج أن مستوى القلق له تأثير ضعيف نسبياً في الأداء الأكاديمي للطلاب سواء كانوا من ذوي الاستعداد العالي أو المنخفض وبصرف النظر عن درجة القلق عند الطلاب فقد وجد أن الذكور الذين حصلوا على درجات منخفضة في أمتحانات الاستعداد جاءت درجاتهم منخفضة بوجه عام أما الحاصلون على درجات عالية بالاستعداد فيحصلون على درجات عالية نسبياً، ويبدو أن القلق يؤثر تأثيراً سالباً في معظم الطلاب، وهم الفئة التي حصلت على درجات متوسطة بامتحان الاستعداد ومن هؤلاء ذوو الاستعداد المتوسط إذ ارتبط القلق المرتفع بأداء أكاديمي منخفض. (١١)

      

فالقلق العالي أو الشديد تترتب عليه آثار عكسية تتمثل في اضطراب الأداء وتدهوره لأنه يؤدي إلى تشتيت الانتباه وقلة التركيز ومن ثم التورط في الأخطاء، وقد فسر قلق الامتحان من وجهات نظر متعددة لعل من أهمها ما افترضه كل من (سارا سون وماندلر وزملاؤهما) من أن مواقف الامتحان أو العمل أو حل المشكلات تستثير لدى المرء دوافع متصلة بالأداء وإنجاز العمل وهذه الدوافع من شأنها تنشيط استجابات متعلقة بالعمل نفسه أو أنها تستثير دوافع القلق التي تنشط بدورها استجابات دخيلة على العمل، ويؤدي إظهار النوع الأول من الدوافع (دوافع متصلة بالأداء وإنجاز العمل) ومصاحباته إلى تحسن الأداء ومن ثم التحصيل، وفي ذلك يقول أصحاب نظرية الدافع أن زيادة القلق تزيد من توليد. (١٢) 

   

قائمة المراجع:


١- حمزة، طارق، سليمان، ومصطفى، قياس قلق الاختبار لدى طلاب كلية التربية بنزوى ـ دراسة استطلاعية،  ندوة الإرشاد النفسي في المؤسسات التعليمية من ١٥-١٦ شباط، كلية التربية بالرستاق، سلطنة عمان ، ٢٠٠٤، ص ٣٤٩.


٢- العاسي، رياض، الإرشاد النفسي العملي، ط١، مطابع الإدارة السياسية، دمشق - سوريا، ٢٠٠٣، ص ٢٧٥.


٣- أبو حطب، فؤاد، مناهج البحث وطرائق التحليل الاحصائي في العلوم التربوية والنفسية، ط١، دار المناهج للنشر، عمان - الأردن، ١٩٨٣، ص ٢٨٥.


٤- عاقل ، فاخر، علم النفس التربوي، ط١،  دار العلم للملايين، بيروت - لبنان، ١٩٨٢، ص ٦٧.


٥- أبو حطب، فؤاد، مرجع سابق، ١٩٨٣، ص ١٥٠.


٦- الضامن، منذر عبد الحميد، الإرشاد النفسي، ط١، مكتبة الفلاح ، الكويت، ٢٠٠٣، ص ٢٢١.


٧- زهران، محمد حامد، الإرشاد النفسي المصغر، ط١، عالم الكتب، القاهرة - مصر، ٢٠٠٠، ص ١٠٠.


٨- زهران، محمد حامد، المرجع السابق، ٢٠٠٠، ص ٩٩.


٩- الطيب، محمد عبد ظاهر، مشكلات الأبناء، ط٢، دار المعرفة الجامعية، القاهرة - مصر، ١٩٩٦، ص ٩٦.


١٠- حجازي، أحمد توفيق، تمتع بالتفكير الايجابي وتخلص من التفكير السلبي، ط١، دار الاسرة للنشر والتوزيع، عمان - الاردن، ٢٠٠٧، ص ٤٧-٤٨.


١١- دافيدوف، ليندا  الشخصية - الدافعية - الانفعالات، ط١، الدار الدولية للاستثمارات الثقافية، ٢٠٠٠، ص ١٠٧-١٠٨.


١٢- القريطي، عبد المطلب أمين، الصحة النفسية، ط١،  دار الفكر العربي، القاهرة - مصر، ١٩٩٨، ص ١٨٧.


  


مكتبة جواد
مكتبة جواد
تعليقات