القائمة الرئيسية

الصفحات

[LastPost] أخر المواضيع

بحث كامل عن القيم الاجتماعية

بحث كامل عن القيم الاجتماعية

يعد مفهوم القيم من أكثر مفاهيم العلوم الإجتماعية غموضا،ً ويعود سبب هذا الغموض إلى ارتباط القيم بالتراث الفلسفي من جهة، والذي يعبر عن أرضية مشتركة للعديد من العلوم من جهة أخرى. 

ولذلك عرفت القيم تعاريف مختلفة على وفق الاختصاصات العلمية فاستخدم علماء النفس مفاهيم كالدوافع والرغبات والاتجاهات واستخدم الأنثروبولوجيون مفاهيم كالأساليب الثقافية، واستخدم علماء الاجتماع مفاهيم كالقواعد السلوكية والمعايير.


وتعرف القيم بأنها ضوابط سلوكية تتأثر بأفكار ومعتقدات الإنسان، وهذه الضوابط تضع سلوك الإنسان في قالب معين يتماشى مع ما يريده المجتمع ويفضله.


كما تعرف القيم الاجتماعية بأنها نظام من الضغوط الجماعية لتوجيه السلوك، ومن الأفكار والتصورات لتأول هذا السلوك وإعطائه معنى وتبريراً معيناً.


أو تعرف بأنها مبدأ مجرد وعام للسلوك، يشعر الجماعة نحوه بالاعتبار الانفعالي القوي ويوفر لهم مستوى للحكم على الأهداف والأفعال.

القيم الاجتماعية


ويعرفها فؤاد البهي السيد بأنها معايير جماعية ذات صبغة انفعالية قوية وعامة تتصل بالمستويات الخلقية التي تقدسها الجماعة ويمتصها الفرد من خلال التنشئة الاجتماعية ويقيم منها موازين يزن بها أفعاله.


ويعرفها حليم بركات على أنها تلك المعتقدات الاجتماعية التي يتمسك بها الأفراد بالنسبة لنوعية السلوك المفضل ويعني الوجود وغاياته، وهي تشكل مصدراً للمقاييس والمعايير والوسائل والغايات والأهداف وأشكال التصرف المفضلة وتعنى بتنظيم العلاقات الاجتماعية وتدعو للامتثال.


والقيم الاجتماعية هي عناصر تركيبية مشتقة من التفاعل الاجتماعي وهي تشكل المكونات الجوهرية للعلاقات الاجتماعية. (١)


أهمية القيم الاجتماعية


تأتي أهمية القيم الاجتماعية من الآتي: 


  1. تقوم بتنظيم أفراد المجتمع، وذلك بتنسيق السلوك اليومي لهم بما يتناسب ومصلحة المجتمع الذي هم جزء منه.
  2. تقوم بالمساعدة باستقرار الحياة الاجتماعية، وخدمة النظام الاجتماعي.
  3. هي قيم مقبولة من الأفراد، كونها تكتسب من الجماعة التي ينتمي لها وهي واحدة من مفاصل الضبط الاجتماعي، يتم من خلالها تقييم وتحديد سلوك الفرد.
  4. توحد سلوك الفرد ضمن الجماعة، وتعاقب المخالفين لها والخارجين عن تعاليمها. 
  5. تساهم في اختيار نموذج موحد للسلوك.
  6. القيم هي جزء من البناء الاجتماعي، حيث أن سلوك معين قد يؤدي لإحداث تغير في بناء المجتمع. (٢)


خصائص القيم الاجتماعية


للقيم الاجتماعية خصائص ذكرها بعض التربويين ومن أبرز ما يميز القيم الاجتماعية عن غيرها ما يلي:


  1. القيم ذاتية وشخصية: ترتبط القيم بذات الفرد وشخصيته ارتباطاً وثيقاً وتظهر لديه على صور مختلفة من التفضيلات والاهتمامات والاختيارات والحاجات والاتجاهات والأحكام، مما يجعلها قضية ذاتية شخصية يختلف الناس حول مدى أهميتها وتمثلها باختلاف ذواتهم وشخصياتهم وبناءً على ذلك يختلف الناس في حكمهم على الأشياء.
  2. القيم الاجتماعية نسبية: أي تختلف باختلاف الزمان والمكان والإنسان فتقديرها وبيان أهميتها وجدواها تختلف من إنسان لآخر ومن مجتمع لآخر ومن مكان لآخر ومن زمان لآخر فهي إذاً نسبية وهي مثار جدل واختلاف بين الأشخاص والثقافات والمجتمعات فما يراه جيل بأنه قيمة إيجابية قد يراه جيل بأنه قيمة سلبية وهكذا.
  3. القيم الاجتماعية تجريدية: فهي معاني تتسم بالموضوعية والاستقلالية تتضح معانيها الحقيقية في السلوك الذي تمثله والواقع الذي تعيشه، فرغم انها معاني كلية ومطلقة ومجردة إلا أنها لا تكون إلا إذا تلبست بالواقع والسلوك أي يؤمن بها الإنسان كموجه له ويحتضنها في سلوكه.
  4. القيم متدرجة: أي تنتظم في سلك قيمي متغير ومتفاعل حيث تترتب القيم عند الفرد ترتيباً هرمياً تهيمن فيه بعض القيم على بعضها الآخر فللفرد قيم أساسية مسيطرة لها درجة كبرى من الأهمية وتأتي في قمة الهرم القيمي وهناك قيماً أقل أهمية مما يشكل عنده نسقاً قيمياً داخلياً متدرجاً، ويظهر السلم القيمي واضحاً جلياً في مواقف الحياة عندما تتعارض القيم المهمة مع تلك التي هي أقل أهمية فيعمل على الاختيار بينها والتفضيل وإخضاع بعضها لبعض.
  5. القيم إنسانية: أي أنها تختص بهذا الإنسان وهذا من خلال التعريف الشامل للقيم الاجتماعية، وإن كان لدى الحيوانات معايير وتفضيلات تقوم عليها قوانين حياتها إلا أنها لا ترتقي لتصل لمفهوم القيم الاجتماعية  لدى الإنسان.
  6. القيم الاجتماعية: تمتلك صفة الضدية فكل قيمة اجتماعية إيجابية نجد أن في مقابلها قيمة سلبية، فمثلاً قيمة التعاون نجد أن ضدها قيمة الأنانية والفردية والنفعية الذاتية وهكذا.
  7. من خصائصها أنها متعلمة: يتوارثها الأجيال وتتناقلها البشرية بواسطة القدوة والتعليم المباشر وغير ذلك من طرق تعلم القيم الاجتماعية.
  8. ومن خصائصها أن لها إلزام جمعي: فالمجتمع يلزم أفراده بعدد من القيم على حسب أهميتها وترتيبها في السلم القيمي ونسق القيم الخاص بذلك المجتمع.
  9. ومن خصائصها أنها مترابطة: فلكل مجتمع نسق قيمي مترابط قد اصطفت فيه القيم الاجتماعية وترتبت حسب ثقافة ذلك المجتمع وظروفه المحيطة ولها نوع من الترابط فلا يمكن أن تنتزع إحدى تلك القيم لتحل مكانها قيمة أخرى إلا بعد عمليات معقدة وجهود متواصلة وهو ما يعرف بالصراع القيمي. (٣) 


وظائف القيم الاجتماعية


لا يعتمد مجتمع من المجتمعات منظومة قيم محددة، ولا يتوافق عليها إلا إذا كانت تلك المنظومة مؤدية وظائف تتحقق معها جل المقاصد التي يطمح المجتمع إلى تحقيقها، وتُدْرَكُ معها جل الغايات التي يُخطط لبلوغها.


ويمكن حصر مجمل الوظائف التي تنهض بها القيم الاجتماعية في الآتي:


  1. تنهض القيم الاجتماعية بدور الوازع الاجتماعي الذي يساعد الفرد "على ضبط غرائزه وشهواته كي لا تتغلب على عقله، لأنها تربط تصرفاته بمعايير وأحكام ترشده وتضبط سلوكه "، فلا يبدر منه إلا ما انسجم مع ما ارتضاه المجتمع من قيم اجتماعية،مستحضرا في ذلك ما رتبه المجتمع من زواجر وروادع تُلجم الغريزة والشهوة بلجام الانضباط، وبذلك فإن القيم الاجتماعية تقوم بتقوية قدرة الأفراد داخل مجتمع من المجتمعات على مقاومة الانحراف والزيغ الذي قد تحرض عليه الغريزة والشهوة.
  2. وفي مقابل ذلك يمكن للقيم الاجتماعية أن تمثل طاقة للعمل الإيجابي، فتتحقق معها بذلك الوظيفة الدافعة التي بفضلها يعمل الأفراد والجماعات على إشاعة تلك القيم وترسيخها وتثمينها بأشكال وصور مختلفة. وإذا ماتيسر هذا التفاعل، تحقق ما يُعرف بين المهتمين بعلم الاجتماع بـ "التوافق النفسي والاجتماعي" بين مكونات المجتمع، وهو الأمر الذي تترتب عنه العديد من النتائج الإيجابية.
  3. وهي كذلك ترقى بالأفراد إلى مستوى التكريم الذي خلقهم الله عليه، ليصبحوا مؤهلين للتفاعل الإيجابي داخل مجتمع قد تتنوع لغاته وأعراقه.
  4. إن القيم الاجتماعية إن تمكنت من أفراد مجتمع من المجتمعات، فتشربوها وصارت لهم ديدنا سلوكيا، يسرت التفاعل الإيجابي بينهم.
  5. وهذه القيم الاجتماعية صمام أمان في وجه الاهتزازات التي قد تعصف بمجتمع من المجتمعات، إذ تضمن هذه القيم بما تقوم عليه من محددات استقرار المجتمعات. 
  6. وهي كذلك أداة من أدوات تمتين الروابط بين مكونات المجتمع الواحد؛ فحينما يبر الولد بوالده أو والدته، ويتضامن الغني مع الفقير في كل ما ينوبه من نوائب الدهر، ويؤدي المؤتمن أمانته.
  7. فإن ذلك يمثل مدخلا من مداخل تقوية الروابط الاجتماعية بين مكونات مجتمع من المجتمعات، حيث أن اعتماد مجتمع من المجتمعات قيما اجتماعية مشتركة متماثلة، وسَعَتِ الممارسة السلوكية شيوعها بين الناس ورسوخها بينهم، لا يمكن إلا أن يحول هذه القيم الاجتماعية إلى أداة من أدوات التضامن الاجتماعي وانجذاب الفئات لبعضها البعض. (٤)


قائمة المراجع:


١- شلال حميد سليمان، الفكر الاجتماعي في الإسلام، أطروحة دكتوراه، كلية الآداب، جامعة بغداد، ٢٠٠٥، ص ١٨-١٩.


٢- أريج عبد الله محمد النابلسي،  تأثير مسلسلات "البودكاست" على اليافعين في ترسيخ القيم الاجتماعية والإنسانية دراسة تجريبية على مسلسل "وليد الصدفة"، رسالة ماجستير، كلية الإعلام، جامعة الشرق الأوسط، ٢٠٢١، ص ٢٦.


٢- مثيب بن محمد بن عبد الله البقمي، إسهام الأسرة في تنمية القيم الاجتماعية لدى الشباب ( تصور مقترح )، رسالة ماجستير، كلية التربية، جامعة أم القرى، ١٤٣٠هـ، ص ٣٩-٤٠.


٤- مرام عطاء عمير الفرهود، القيم الاجتماعية في شعر احمد ابراهيم الحربي، كلية اللغة العربية وآدابها، جامعة أم القرى، المملكة العربية السعودية، ٢٠٢٠، ص ٣٥-٣٦.


reaction:

تعليقات