القائمة الرئيسية

الصفحات

[LastPost] أخر المواضيع

مفهوم التنمية المستدامة مع المراجع

مفهوم التنمية المستدامة مع المراجع

ظهرت التنمية المستدامة في العقود الماضية، وكان ظهورها مرتبطاً ارتباطاً وثيق بالتغير البيئي الذي يعتبر من أهم ما يشغل الناس. 

وفي بداية السبعينات عرض تقرير عن حدود النمو سنة ١٩٧٢م، وذلك نتيجة عن احتمال تناقص الموارد الغير متجددة وصيغت كلمة (Sustainable Development) باللغة الإنجليزية في عام ۱۹۸۰م، للتعريف على شكل من التنمية الاقتصادية المحترمة للبيئة والمفهوم تجدد الموارد الطبيعية واستخداماتها العقلانية، وذلك بالطريقة التي تؤمن استمرار المواد الأولية والتنمية الاجتماعية والتطور التقني للإنسان، هذا وتجيب هذه النظرة للتنمية على الحاجات الحالية للمجتمع دون تعريض إمكانية الأجيال اللاحقة لإيجاد حلولاً لحاجاتهم المستقبلية للخطر، ونمت فكرة التنمية المستدامة في عام ۱۹۸۰م عند الدول الصناعية، عندما قام الاتحاد الدولي لحماية الطبيعة (IUCN) في الولايات المتحدة بوضع إستراتيجية الحفاظ العالمي (WCS). 


ويعتبر هذا أول ظهور للتنمية المستدامة، واستخدام لها بالرد على الاستنزاف الهائل للموارد.


وتعتبر المرحلة الحالية هي المرحلة التي يسعى لها العالم بتطبيق النمو المستدام والتنمية المستدامة، وردع كافة مخربي البيئة والعالم الطبيعي وهم الدول الصناعية الكبرى، التي تعتبر من أسباب الانهيار البيئي، وحسب تقرير ودراسات الأمم المتحدة بأن تطبيق التنمية المستدامة باهظة الثمن ويؤثر على النمو الاقتصادي والسياسي. 


وفي عام ١٩٨٣م قامت الأمم المتحدة بتشكيل لجنة عالمية للحفاظ على البيئة وتنميتها (WCED)، وذلك لدراسة المشكلات البيئية الناتجة من استخدام المصادر الطبيعية وتنميتها على وجه الأرض وبعد ثلاثة سنوات من العمل المستمر والدراسة المستفيضة للسبل المناسبة لمواجهة تحديات البيئة والتنمية وذلك بإعادة تنظيم الأنشطة الاقتصادية والبشرية. 


ومصطلح التنمية المستدامة الذي صدر من خلال تقرير"مستقبلنا المشترك" في عام ١٩٨٧م عن اللجنة العالمية والذي يُميز العقد الماضي من العمل البيئي على مستوى العالم بسيادة مفهوم التنمية ومنظمة الصحة العالمية للتنمية والبيئة برئاسة رئيسة وزراء النرويج السابقة جروهار لم بروندتلاند والتي حالياً منصب رئيسة المنظمة، قد أوضحت بأن مفهوم التنمية المستدامة هو مفهوماً جديداً وثورياً في الفكر التنموي، إذ إنه وللمرة الأولى دمج ما بين الاحتياجات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية في تعريف واحد. 

التنمية المستدامة

وفي مدينة ريو دي جانيرو بالبرازيل في شهر يونيو من عام ۱۹۹۲م عقدت أضخم قمة على مستوى العالم في القرن العشرين أطلق عليها قمة الأرض (Earth Summit) أو ما يعرف بقمة ريو، شارك فيها ما يقارب ۱۷۸ من رؤساء الدول و ۳۰۰۰ من علماء البيئة من جميع وكانت التنمية المستدامة في المفهوم الرئيسي للقمة. 


بينما ارتكزت أهم محاوره على التغيرات المناخية للكوكب والتنوع البيولوجي وحماية الغابات، وقد أعتمد المؤتمر جدول أعمال بشأن حماية البيئة، كما تم توصيف العواقب السياسية والاقتصادية المترتبة على الاستمرار في تدمير البيئة، لكن رغم الهالة الإعلامية الكبيرة التي أعطيت لهذا المؤتمر إلا أن النتائج المحسوسة القاضية بحماية الطبيعة ومعالجة المشاكل المتعددة المترتبة عن تدهور البيئة كانت خجولة جداً. 


وقد أكد مؤتمر الأرض على أهمية هذه النظرة وجعلها كهدف لكل الهيئة الدولية، مثال ذلك هو الاستخدام الدائم للطاقات المتجددة (كالطاقة الشمسية) والذي يؤدي إلى حماية البيئة ويخلق إمكانيات واسعة للعمل والتجارة والتصدير وإنتاج البضائع المرتبطة، كذلك الأمر في مجال استخدام أساليب المحافظة وذلك عبر الاستخدام الدائم للموارد الطبيعية والقلة من النفايات، وإمكانية تصنيعها من جديد. 


وقد أسفر هذا المؤتمر عن عدة قرارات أهمها هو مسئولية الدول الكبرى عن التلوث البيئي وتحمل مسئولية توفير الموارد المالية اللازمة لمعالجة ومجابهة مشاكل التنمية والتكفل بنقل تقنية البيئة إلى دول العالم النامي. 


وكان الهدف الرئيسي لهذه القمة هو المشاركة العالمية لتأمين مستقبل الأرض وكذلك قامت الأمم المتحدة برعاية عدة مؤتمرات للمحافظة على البيئة وحل مشكلاتها، وجعلها قضية عالمية ودولية يتحمل نتائجها جميع دول العالم.


وفي نيويورك عام ۱۹۹۷م انعقد مؤتمر قمة الأرض الثاني، وقد قدم الرئيس الأمريكي بيل كلينتون مبادرات لمكافحة ارتفاع درجة حرارة الأرض، وبعد ذلك أقيم مؤتمر كيوتو في اليابان الذي يهدف إلى تخفيض الغازات التي تؤدي إلى ارتفاع درجة حرارة الأرض في نفس العام.


وعقد خلال شهر سبتمبر في عام ٢٠٠٢م في جوهانسبيرغ بجنوب أفريقيا قمة تحت شعار (مؤتمر القمة العالمية للتنمية المستدامة)، وبالتالي فإن الاستدامة حسب المنهجية والتعريف تدعو إلى عدم الاستمرارية في الأنماط الاستهلاكية والاستعاضة عنها بأنماط استهلاكية وإنتاجية مستدامة. يمكننا تحسين معيشة الناس والمحافظة على مواردنا الطبيعية في عالم يشهد نمواً سكانياً، يصاحبه طلب متزايد على الغذاء والماء والمأوى والإصحاح والطاقة والخدمات الصحية والأمن الاقتصادي.


ويجب أن تعيد البلدان النظر في أنماط استهلاكها وإنتاجها وأن تلتزم بالنمو الاقتصادي المسوؤل والسليم بيئياً، وأن تعمل معاً على توسيع نطاق التعاون عبر الحدود توسعاً كبيراً من أجل تبادل الخبرات والتكنولوجيا والموارد، وهذه التغييرات يمكن تحقيقها من أجل ازدهار كوكبنا ورخاء سكانه. (١)


تعريف التنمية المستدامة


قدمت أدبيات التنمية العديد من التعريفات الخاصة بعملية التنمية المستدامة وإن اختلفت وتنوعت لكن من حيث المضمون كانت متقاربة. 


ويعتبر ومن أهم تلك التعريفات وأوسعها انتشارا ذلك الوارد في تقرير Brundtland عام ١٩٨٧م عن القضايا البيئية، والذي عرف التنمية المستدامة على أنها:-


التنمية التي تلبي احتياجات الجيل الحاضر دون التضحية أو الإضرار بقدرة الأجيال القادمة على تلبية احتياجاتها إعتبر البنك الدولي أن نمط الاستدامة هو رأس المال ومن هذا المنطلق عرف التنمية المستدامة على أنها:-


تلك التي تهتم بتحقيق التكافؤ المتصل الذي يضمن إتاحة نفس الفرص الحالية للأجيال القادمة وذلك بضمان ثبات رأس المال الشامل أو زيادته المستمرة عبر الزمن.


كما عرف Edward Barbier التنمية المستدامة بأنها:- ذلك النشاط الذي يؤدي إلي الإرتقاء بالرفاهية الاجتماعية أكبر قدر ممكن مع الحرص والحفاظ على الموارد الطبيعية المتاحة، وبأقل قدر ممكن من الأضرار والإساءة إلى البيئة.


وعرفت منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (FAO) التنمية المستدامة بأنها:-


"أداة لحماية قاعدة الموارد الطبيعية وتوجيه التغيير التقني والمؤسسي بطريقة تضمن تحقيق واستمرار وإرضاء الحاجات البشرية للأجيال الحالية والمستقبلية".


وهنا يجب الإشارة إلى أنه على الرغم من الإهتمام الدولي بعملية التنمية المستدامة وعلى الرغم من أنها تبدو واضحة إلا أنها عرفت وطبقت بطرق مختلفة مما أدي إلي وجود نوع من الغموض حول مفهومها والذي يعتبر من المفاهيم الصعبة الخادعة وفي هذا السياق يجب الإشارة إلي أن كل من Fowke and Prasad عام ۱۹۹٦ قد قدموا أكثر من ثمانين تعريفاً مختلفاً للتنمية المستدامة، أغلبهم متنافسين أو متناقضين حيث أظهرت تلك التعاريف أن هناك شبه إجماع نظري بأن المساواة سواء بين أفراد الجيل الحالي من جهة أو بين الأجيال المختلفة من جهة أخرى تعتبر عنصراً أساسيا للمفهوم إلا أن مضمون تلك المساواة لا يزال غامضاً. (٢)


مكونات التنمية المستدامة


حدد البنك الدولي عام (۲۰۰۳) أربعة مُكوّنات للتنمية المستدامة للقرن الحادي والعشرين متمثلة بالآتي: رأس المال الاقتصادي الملائم، والبنية التحتية كالطّرق والموانئ ومحطات توليد الطاقة، ورأس المال البشري المتضمن توفير صحة جيّدة ومستوى تعليمي مقبول، ورأس المال الاجتماعي الذي يُقصد به تحسين مهارات الأفراد وقدراتهم وكذلك المؤسسات والعلاقات والقواعد التي تحدد طبيعة العلاقات بين الأفراد، وأخيراً صيانة رأس المال البيئي ليشمل من الموارد الطبيعية المتجددة وغير المتجددة. (٣)


أهداف التنمية المستدامة


تهدف التنمية المستدامة إلى توفير الرفاهية الاقتصاديّة وتحقيق مساواة وعدالة اجتماعية لأجيال الحاضر والمستقبل، والحفاظ على البيئة وصيانتها وإيجاد توازن بين الاحتياجات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية وهذا ما يُشكل نظاماً لدعم الحياة الإنسانية ككل.


كما يمكن تحديد عدد من الأهداف التي تسعى إلى تحقيقها التنمية المستدامة، هي على النحو الآتي:


  1. تحقيق العدالة والتوازن بين الأجيال المختلفة وبين دول العالم كلها.
  2. تحقيق الاحتياجات الإنسانية الضرورية والطموحات.
  3. الحد من التلوث ومحاولة القضاء عليه عن طريق التوعية وتوضيح أن التنمية المستدامة هي أفضل وسائل التحكم بالتلوث والسيطرة عليه. 
  4. تبني كل سياسة تحقق عدم استنفاذ الموارد الطبيعية والعناصر الأساسيّة للثّروة البيئية.
  5. ترشيد استهلاك الطاقة، وإدخال موضوع الطاقات البديلة. (٤)


خصائص التنمية المستدامة 


  1. الاستمرارية (Continuity):- إذ يتطلب توليد دخل مرتفع يمكنه من اعادة استثمار جزء منه حتى يسمح بإجراء الإحلال والتجديد والصيانة للموارد وتنظيم استخدام الموارد الطبيعية المتجددة وكذلك القابلة للنفاذ بما يضمن مصلحة الأجيال القادمة.
  2. تحقيق التوازن البيئي (Ecological balance):- وذلك من خلال المحافظة على البيئة بما يضمن حياة طبيعية سليمة وضمان إنَّتاج الثروات المتجددة  مع عدم استنزاف الثروات غير المتجددة وبناءاً على ما سبق فإنَّ التنمية المستدامة هي التنمية ذات القدرة على الاستمرار والاستقرار من حيث استخدامها للموارد الطبيعية التي تتخذ من التوازن البيئي هدفا مهما لها بهدف رفع مستوى المعيشة من جميع جوانبه مع تنظيم الموارد البيئية والعمل على تنميتها لذلك يوجد علاقة وطيدة بين التنمية المستدامة والعمل على استمرارها، إذ تشكل عنصراً اساساً ضمن اي نشاط تنموي بحيث تؤثر على توجيهات التنمية واختيار أنشطتها ومواقع مشاريعها بما يهدف الى المحافظة على سلامة البيئة. (٥)


مراحل التنمية المستدامة


المرحلة الأولى: وفيها ينتقل المجتمع إلى عصر الصناعات والتقنيات النظيفة التي تستخدم الحد الأدنى من الطاقة والموارد، وينجم عنها الحد الأدنى من الغازات والملوثات التي ترفع درجة حرارة الأرض وتؤدي إلى تآكل طبقة الأوزون.


المرحلة الثانية: يتم في هذه المرحلة السعي إلى تحقيق استقرار النمو السكاني، والحد من الهجرة إلى المدن للتقليل من الاكتظاظ السكاني وما قد ينجم عنه من مخلفات ملوثة للبيئة، ويتم تحقيق ذلك من خلال توفير متطلبات السكن كافة في الأرياف.


المرحلة الثالثة: جعل التنمية المستدامة سبباً دائماً لتطوير نوعية الحياة الإنسانية مع الأخذ بالاعتبار قدرة النظام البيئي الذي يحتضن الحياة وإمكاناته.


المرحلة الرابعة: تكون التنمية المستدامة متمثلة بالإدارة المثلى للموارد الطبيعية وذلك من خلال الحصول على الحد الأقصى من منافع التنمية الاقتصادية، بشرط المحافظة على خدمات الموارد الطبيعية ونوعيتها. (٦)


مزايا وعيوب التنمية المستدامة 

        

مزايا التنمية المستدامة او جوانبها الايجابية فهي تتضمن التقدم المادي الكبير والتحسن في مستويات المعيشة وحدوث التقدم التكنولوجي (Technological advances) يخفف من معاناة الإنسان، فضلا عن زيادة الترابط بين إنَّحاء العالم بفضل ثروة المعلومات والاتصالات، اما الجوانب السلبية للتنمية فهي تتضمن كسر حاجز الرغبات، فالتقدم السريع وما صاحبه من تطور مادي كبير في وسائل اشباع الحاجات ادى الى عدم الاستقرار عند مستوى معين لإشباع الحاجات. (٧)


قائمة المراجع:


١- نايف بن نائل بن عبد الرحمن ابوعلي، التنمية المستدامة في العمارة التقليدية في المملكة العربية السعودية، رسالة ماجستير، كلية الهندسة والعمارة الإسلامية، جامعة أم القرى، المملكة العربية السعودية، ١٤٣٢، ص ٤٥-٤٦-٤٧.


٢- لمياء فاروق مهدي عيسى، أبعاد التنمية المستدامة وعلاقتها بالاستثمار الأجنبي المباشر، المجلة العلمية للاقتصاد والتجارة، ص ٣٧١-٣٧٢-٣٧٣.


٣- وئام ميشيل اسبر، التنمية البيئة المستدامة في برامج منظمات المجتمع الأهلي "دراسة تقويمية ميدانية لبرامجها التربوية في محافظتي دمشق وحمص"، رسالة ماجستير، كلية التربية، جامعة دمشق، ٢٠١٠، ص ٢١.


٤- المرجع السابق نفسه، ص ٢٢.


٥- ابراهيم كاطع علو الجوراني، الاقتصاد الاخضر مسار جديد في التنمية   المستدامة في اقتصاد (الصين، البرازيل والعراق)، أطروحة دكتوراه، كلية الادارة والاقتصاد، جامعة كربلاء، ٢٠١٥، ص ٣٧.


٦- أحمد عنيد سلمان علوان، أهداف مقترحة للتربية الرياضية بالمرحلة المتوسطة في ضوء بعض أهداف التنمية المستدامة في العراق، رسالة ماجستير، كلية التربية البدنية وعلوم الرياضة، جامعة بابل، ٢٠٢١، ص ٤٢-٤٣.


٧- ابراهيم كاطع علو الجوراني، مرجع سابق، ص ٣٧-٣٨.



reaction:

تعليقات