التفكير التأملي، مفهومه، أهمية، خصائصه، مراحله
التفكير التأملي هو قلب التفكير، وجوهره وروحه، ويحدث التفكير التأملي عندما يتأمل الطلبة في تفاعلاتهم، وعندما تتوفر لهم الفرصة المناسبة، والوقت اللازم للتفكير والتفاعل والاستبصار والتأمل في الموقف مما يسمح لهم بربط الأفكار القديمة بالخبرات الجديدة، وينمى التفكير التأملي عن طریق مروره بالخطوات الآتية:
- مرجعية الفعل - الوعي والإدراك بالأوجه الأولية للعملية.
- إيجاد الفروض والبدائل المناسبة - تجربة الفعل وفحصه وتقويمه.
لذلك يعد التفكير التأملي من أنماط التفكير التي تعتمد على الموضوعية ومبدأ العلية والسببية في مواجهة المشكلات وتفسير الظواهر والأحداث (ضبط هذه الظواهر).
واجتهد الباحثون في تعريف التفكير التأملي، فعرفه جروان بأنه " تفكير لحل المشكلات كما يحلو للبعض تسميته، وهو يتكون من عدد من الاستراتيجيات المتتابعة مثل التعرف على المشكلة وتحديد المشكلة والبحث عن الحلول ومن ثم تقويم الحلول واختيار الحل الأنسب". (١)
أهمية تعليم التفكير التأملي
تنبع أهمية تعليم التفكير التأملي بالاطلاع إلى المجتمع الحديث وزيادة تعقيداته مما يقتضي من مستخدميه إعادة التفكير بشكل مستمر وهكذا تتنامى أهمية استثارة التفكير التأملي في تطوير أساليب تطبيق المعرفة الجديدة لدى الطلبة مما يساعدهم على تكوين وتطوير مهارات تفكير ذات مستوى أعلى، وبالتالي تعلمهم يكسبهم القدرة على التعامل الإيجابي مع مجتمعهم وزيادة كفاءته الاجتماعية.
ويرى (عبد الوهاب، ٢٠٠٥) أن أهمية تعليم التفكير التأملي تكمن فيما يتضمنه من التحليل واتخاذ القرار، وقد يسبق عملية التعليم ويحدث أثناءها، وبعدها، وعندما يفكر الفرد تفكيراً تأملياً يصبح قادراً على ربط الأفكار بالخبرات السابقة والحالية والمتنبأ بها، والفرد المتأمل هو الذي يخطط ويراقب دائماً، ويقيم أسلوبه في العمليات والخطوات التي يتخذها لإصدار حكم، ويعتبر التفكير التأملي من المهارات المهمة في التعليم القائم على حل المشكلات والتفكير التأملي ضروري للمتعلم، حيث يتطلب اندماج العقل فيما يتم تعلمه، ومع تنقل الطلبة من معلم تنقل الطلبة من معلم لآخر يتعزز التفكير إذا تكررت لآخر يتعزز التفكير إذا تكررت أنماطه في مجالات المحتوى العديدة، ويساعد الطلبة على التفكير الجيد ويعمق العمليات اللازمة لحل المشكلات والخطوات المتبعة بها، يساهم في تنمية الإحساس بالمسؤولية والعقل المتفتح والخلاق ويعطي الطلبة إحساسا بالسيطرة على تفكيرهم واستخدامه بنجاح، وينمي شعور الثقة بالنفس في مواجهة المهمات المدرسية والحياتية، ويكون الفرد المتأمل أكثر قدرة على توجه حياته، وأقل انسياقاً للآخرين. (٢)
خصائص التفكير التأملي
ذكر (المشهراوي ٢٠١٠) خصائص للتفكير التأملي ومنها أنه واقعي وفعال، وذو نشاط عقلي مميز يتبع منهجيّةٍ واضحة ودقيقة، ويرتبط بشكل دقيق في النّشاط العلمي للفرد، ويعتمد على القوانين العامة للظواهر، وينطلق من النظر والاعتبار والتدبر والخبرة الحسية ويعكس العلاقات بين الظواهر، من خلال استراتيجيات تفسير النتائج وفرض الفروض واتخاذ القرارات؛ لذا فإنّه يتفاعل بحيوية للوصول إلى حل المشكلة والحلول المقنعة، ويُعد التفكير التأملي تفكيرًا فوق معرفي، وذاتي الإدراك؛ لأنه يستلزم التفكير في التفكير والنظر في الموقف وتأمله، ويجب أن تكون مقاييسه عالية المستوى عند استخدامه المقاييس، وهو تفكير واقعي لأنّه تفكير في المشكلات الحقيقية، ويدل على شخصية الفرد من خلال تعزيز الإمكانيات الشخصية لديه وضبطها. (٣)
مستويات التفكير التأملي
أشار (الزراعة ۲۰۱۲) إلى أربع مستويات للتفكير التأملي، كالآتي:
- العمل الاعتيادي: وهو العمل الذي تعلمه المتعلم سابقاً، ومن خلال الاستخدام المتكرر نشاطاً يصبح يؤدي تلقائياً.
- الفهم: أي العمل التفكيري، حيث يستفيد المتعلم من المعرفة الموجودة دون محاولة تقييم تلك المعرفة.
- التأمل: وهو التفكير الذي يتضمن الانتقاد للافتراضات المتعلقة بالمحتوى، أو عملية حل المشكلات.
- التأمل الناقد: ويتطلب مراجعة جادة للافتراضات السابقة من الوعي واللاوعي السابق للتعلم ونتائجه. (٤)
مراحل التفكير التأملي
أما بما يتعلق بمراحل التفكير التأملي فقد قسم (شون) مراحل التفكير التأملي على أنها ثلاث مراحل أساسية وهي:
- التأمل من أجل العمل (Reflective for action) هنا يتبع المتعلم طرق ذهنية ليصل إلى أهدافه والسلوكيات المراد إتباعها لتحقيق النتائج المرجوة والمرغوب بها، بحيث يوجه أنتباهه وتركيزه نحو أهدافه المنشودة والنتائج المرجوة والمتوقع تحقيقها ونحو المشكلة للتعرف على مكوناتها.
- التأمل في أثناء العمل (Reflective in Action) هنا يقوم المتعلم باستخدام طرق ذهنية لمراقبة سلوكياته في إنجاز المهمات التعليمية المتنوعة والوعي بأثرها على إنجازه، وذلك لعمل التعديلات المناسبة في أثناء العمل للوصول إلى النتائج المرجوة.
- التأمل بالعمل (Reflective on-Action) هنا يستخدم المتعلم عمليات تفكير منظم يدرك من خلالها توابع سلوكياته مثل الاستنتاج بحيث يصل إلى النتائج المناسبة والكشف عن المغالطات والتفسير المقنع لهذه الحلول واقتراح الحلول، واتخاذ القرارات والحكم عليها وإجراء التعديلات المناسبة على خططه المرسومة. (٥)
نموذج التدريس التأملي
إن العمليات الروتينية التي تتم في الغرفة الصفية تجبر الطلاب على إجابات سريعة قبل أن يمضي وقت كافٍ للتأمل، لذلك على المعلم أن يشجع التفكير في الغرفة الصفية من منطلق أن التفكير يحتاج إلى فترات من الصمت، حيث تتاح الفرصة للطلبة لتأمل الإجابات والإجابات البديلة، ويمكن للمعلم في هذه الحالة أن يقوم بتوجيه أسئلة تتحدى تفكير الطلبة وفي هذه الحالة يواجه الطالب عملاً عقلياً غير عادٍ. وعلى المعلم الذي يشجع الطالب على ممارسة التفكير التأملي أن يتبع الخطوات التالية من أجل اكتساب مهارة التعبير التأملي:
- التأمل في الموقف والقراءة الواعية الدقيقة.
- التمييز بين المعطيات والمطلوب.
- أن يختار المعلم الطريقة المناسبة التي يساعد بها الطالب على أن يحدد العمليات التي ينبغي إجراؤها و ترتيبها لمعالجة الموقف.
- تساعد الطلبة على توضيح وملاحظة المواقف، لتحقيق تغيير سلوكي و أداء افضل. (٦)
قائمة المراجع:
١- ا.م.د. ياسر خلف رشيد علي الشجيري، أثر استراتيجية الإدراك المنفصلة في تنمية التفكير التأملي لدى طلبة أقسام القرآن الكريم والتربية الإسلامية في مادة الفقه الإسلامي، مجلة البحوث التربوية والنفسية، العدد ٤٦، ٢٠١٥، ص ١٦٣. نقلا عن: جروان، عبد الرحمن فتحي، تعليم التفكير، ط١، دار الفكر للنشر والتوزيع، عمان، ١٩٩٩، ص ٥١.
٢- رفعت محمد سعيد ظافر، التفكير التأملي وعلاقته بالكفاءة الاجتماعية لدى الطلبة الموهوبين في مدارس الملك عبدالله الثاني للتميز في محافظة البلقاء، رسالة ماجستير، كلية الدراسات العليا في جامعة البلقاء التطبيقية، ٢٠١٤، ص ١٩. نقلا عن: عبد الوهاب، فاطمة، فاعلية استخدام بعض استراتيجيات ما وراء المعرفة في تحصيل الفيزياء وتنمية التفكير التأملي والاتجاه نحو استخدامها لدى طلاب الصف الثاني الثانوي الأزهري، مجلة التربية العلمية، مجلد ٨، العدد ٤، مصر، ٢٠٠٥.
٣- قتيبة أحمد إبراهيم البياتي، درجة توافر مهارات التفكير التأملي في نشاطات كتاب اللغة العربية للصف الثاني المتوسط في العراق، رسالة ماجستير، كلية الدراسات العليا، الجامعة الأردنية، ٢٠٢٢، ص ٢٢. نقلا عن: المشهراوي، بسام محمد، الدافع المعرفي والبيئة الصفية وعلاقتهما بالتفكير التأملي لدى طلبة المرحلة الثانوية في مدينة غزة - فلسطين، جامعة الأزهر في غزة، ٢٠١٠.
٤- عبد السلام عيد العمرو، مستوى تضمين مهارات التفكير التأملي في كتب التربية الإسلامية للمرحلة الأساسية العليا في الأردن، رسالة ماجستير، المعهد العالي للدراسات الإسلامية، جامعة آل البيت، ٢٠٢٢، ص ١٦. نقلا عن: الزراعة، ليلى، برنامج مقترح لتنمية التفكير التأملي لدى عينة من طالبات كلية التربية بجامعة الملك فيصل، مجلة كلية التربية، عدد ٤٨، ٤٥-٨٩.
٥- ذاكرين عبد الكريم عواد الزواهرة، القدرة التنبؤية لكل من التفكير التأملي والتنظيم الذاتي بالإبداع الجاد لدى طلبة الجامعة الأردنية في ضوء توجهاتهم الهدفية، أطروحة دكتوراه، الدراسات العليا، الجامعة الأردنية، ٢٠٢٢، ص ١٤.
٦- صالح، ونام هاشم، أثر استخدام طريقة لعب الأدوار في تنمية التفكير التأملي لدى تلامذة الصف الخامس الأساسي في مادة التاريخ، مجلة جامعة تشرين للبحوث والدراسات العلمية - سلسلة الآداب والعلوم الإنسانية، المجلد ٣٧، العدد ٤، ٢٠١٥، ص ٢٥٧.
