العدالة التنظيمية، نشأتها، مفهومها، أهميتها

العدالة التنظيمية، نشأتها، مفهومها، أهميتها

التطور التاريخي للعدالة التنظيمية: ظهرت التلميحات الأولى لدراسة مفهوم العدالة التنظيمية كمجال بحثي في كتابات علم الفلسفة قديماً، لتعبر عن آراء الفلاسفة بشأن هذا المفهوم، وتحول بعد ذلك الى مجال السياسة والقانون وعلم النفس وعلم الاجتماع وصولاً الى علم الادارة، واستخدم في المجال التنظيمي ليوضح دور الإنصاف في بيئات العمل المختلفة عبر السبل التي يحدد بها الأفراد (الموظفين) مدى معاملتهم بصورة موضوعية في أداء وظائفهم، مركزاً على اخلاقيات العمل على اعتبار أنها انعكاس لعمليات التبادل الاجتماعي بين المنظمة والموظفين.

العدالة التنظيمية


وأكد كل من (2017 Nagendra & Lalit) على إن الجذور التاريخية لفكرة ومفهوم العدالة التنظيمية تعود الى نظرية الإنصاف (1965 ,Adams) التي ظهرت في القرن العشرين للميلاد والتي تقوم على فرضية اساسية تشير الى أن الأفراد (الموظفين) في قطاع ما يهتمون بقياس مدى العدالة التي حصلوا عليها بالاعتماد على طبيعة المهام المطلوبة منهم والأساليب التي يستخدمونها لتحقيقها وكيفية تقدير الادارة للمجهودات التي يبذلونها مقارنة بزملائهم في القسم ذاته، أو في الاقسام الاخرى في المنظمة، أي مقارنة نسبة مدخلاتهم إلى مخرجاتهم ومقارنتها مع زملائهم في العمل، وحدد (Adams) المدخلات على أنها خصائص ونوع بيانات الفرد (الموظف) مثل الحالة الاجتماعية، العمر، التعليم، الجهد المبذول ،مدة العمل، في حين يوضح المخرجات على أنها استلام كل ذي حق حقه، مثل الأجر،المكافآت،الترقية. (١)


مفهوم العدالة التنظيمية


عرف المهدي العدالة التنظيمية بأنها: "المعاملة المنصفة والأخلاقية للأفراد في بيئات العمل المختلفة صناعية أم ،تجارية أم تربوية، وتتمثل في مدركات المرؤوسين لمدى معاملتهم بصورة موضوعية خالية من التحيز من قبل الإدارة أو السلطة التنظيمية". (٢)


أما العطوي فيعرفها بأنها: "العدالة في مكان العمل من خلال علاقات المرؤوسين بالمنظمة أو برئيسهم المباشر، والتي تؤثر في النهاية على مواقفهم وسلوكياتهم في العمل". (٣)


أهمية العدالة التنظيمية


تنبع أهمية العدالة التنظيمية من كونها قيمة أساسية ذات بعد اجتماعي ونفسي شغلت عقول علماء الاجتماع، وعلم النفس والإدارة والسلوك التنظيمي فهي مركز اهتمام رئيسي لنا في حياتنا اليومية الاجتماعية والوظيفية، وتزداد أهمية العدالة عند النظر إليها في إطار المؤسسات والتنظيمات العامة والخاصة، إذ لا يختلف علماء الإدارة على أن هدف الإدارة هو تحقيق أهداف المؤسسة التي تشرف على إدارتها، إلا أنهم يختلفون في الأسلوب والأولويات في الوصول إلى هذه الأهداف. (٤)


أبعاد العدالة التنظيمية


يرتبط مفهوم العدالة التنظيمية بعدة أبعاد مختلفة يمكن أن تفسر داخل المؤسسات التعليمية التنظيمية وفي كيفية التعامل وفى توزيع الرواتب والأجور ومشاركة العاملين في اتخاذ القرارات وأخلاقيات العمل، ودرجة تقييم العاملين داخل مكان العمل.


  1. العدالة التوزيعية Distributive Justice: تعد العدالة التوزيعية أول مكونات العدالة التنظيمية، حيث تتضمن النشأة المفهوم و القواعد المكونات العناصر، الفرضيات الخاصة بها. 
  2. العدالة الاجرائية procedural Justice: العدالة الإجرائية تقوم على العمليات التى تم اتخاذ القرارات الخاصة بالعاملين، حيث تتضمن النشأه، المفهوم، المكونات، الخصائص، الأنواع، الشروط، العناصر، القواعد الخاصة بها.
  3. العدالة التفاعلية أو العدالة التعاملية: إن عدالة التعاملات تعد جزءاً لا يتجزأ من الأبعاد التنظيمية الأخري، حيث يتضمن المفهوم، القواعد، الأنواع، الجوانب التنظيمية الخاصة التي قدمت جانب التعامل الذي ينبغي أن يتخذ تجاه العاملين. (٥)


مبادئ العدالة التنظيمية


لكي تحقق المؤسسة أهدافها التي تسعى لتحقيقها وتطور أدائها، لابد من تحقيق مبادئ العدالة التنظيمية، وهذه المبادئ هي كالآتي:


  1. مبدأ المساواة: أي تكافؤ الأجور، الحوافز، ساعات العمل والحقوق والواجبات بين جميع الأفراد في المؤسسة.
  2. مبدأ الدقة والتصحيح: أي أن تكون الإجراءات والقرارات المتخذة مبنية على معلومات واضحة ودقيقة وقابلة للتصحيح إذا لزم الأمر.
  3. المبدأ الأخلاقي: أي الاستقامة والأمانة والنزاهة والصدق.
  4. مبدأ الالتزام: أي الالتزام بالعدل في المعاملة المنصفة والمكافآت المستحقة وفقًا للقوانين المطبقة العاملين في المؤسسة.
  5. مبدأ المشاركة: أي أن تتشارك جميع الأطراف العاملة في المؤسسة بوضع القرارات وتنفيذها. إن تحلي المؤسسة بهذه المبادئ له تأثير إيجابي على الروح المعنوية للعاملين ويسهم في زيادة الانتماء لديهم. (٦)


الحساسية للعدالة التنظيمية


صنف عدد من الباحثين الأفراد من إذ درجة حساسيتهم للعدالة التنظيمية في المؤسسات التي يعملون بها. وهي على النحو التالي:


  1. الشخص الحساس للعدالة: إذ يسعى هذا الشخص باستمرار لتحقيق العدالة والمساواة في التبادل الاجتماعي، وإذا لم يدرك هذه العدالة فإنه يتجه إلى أحد الاتجاهين: - تخفيض مدخلاته أو زيادة عائداته في حالة الإحساس بعدم الرضا. - زيادة مدخلاته أو تخفيض عائداته في حالة الشعور بالذنب.
  2. الشخص الخيري: هو ذلك الشخص الذي يدرك العدالة عندما تزيد مدخلاته عن عائداته عند مقارنة نفسه بالآخرين، ويكون راضيا بذلك ويسعى دائمًا لتقديم المزيد من المساعدات والالتزامات للآخرين بإذ تفوق التزاماته عن العوائد التي يحصل عليها. 
  3. الشخص غير الخيري: هو الشخص الذي يشعر بالعدالة عندما تزيد عائداته عن مدخلاته وذلك عند مقارنة نفسه بالآخرين، لذا فإن هذا الشخص غالبًا لا يشعر بالرضا ويسعى دائما للحصول على المزيد من الفوائد تفوق ما لديه من التزامات، فهو شخص يحب أن يأخذ أكثر مما يعطي. (٧)


قائمة المراجع:


١- إبراهيم ريسان ذنون عبد الله العجيلي، دور العدالة التنظيمية في الحد من سلوكيات التنمر الوظيفي دراسة تشخيصية تحليلية لآراء عينة من الملاكات الوظيفية في عدد من مدارس التعليم الثانوي في محافظة نينوى، رسالة ماجستير، الكلية التقنية الادارية/الموصل، الجامعة التقنية الشمالية، ٢٠٢٣، ص ٣٧.


٢- المهدي، ياسر فتحي، العدالة التنظيمية وأداء المعلمين لسلوك المواطنة التنظيمية بالمدارس الثانوية العامة في مصر، أطروحة دكتوراه، كلية التربية، جامعة عين شمس، ٢٠٠٦، ص ١١.


٣- العطوي، عامر علي، أثر العدالة التنظيمية في الأداء السياقي، دراسة تحليلية لآراء أعضاء الكادر التدريسي في كلية الادارة والاقتصاد، جامعة القادسية، مجلة القادسية، كلية الادارة والاقتصاد، قسم إدارة الأعمال، المجلد ١٠، العدد ١، ٢٠٠٧، ص ٣.


٤- منى علي عبدربه زيدية، أثر العدالة التنظيمية على إدارة الموارد البشرية دراسة تطبيقية على مجموعة الاتصالات الفلسطينية في قطاع غزة، مجلة القسطاس للعلوم الإدارية والاقتصادية والمالية، المجلد ٥، العدد ١، ٢٠٢٣، ص ٣٢.


٥- عامر تيسير عايش شحادات، أثر العدالة التنظيمية على الأداء الوظيفي للعاملين بالفنادق الأردنية دراسة مقارنة بين العمالة المحلية والأجنبية، مجلة كلية السياحة والفنادق ملحق العدد الخامس يونيو ٢٠١٩ الخاص بالمؤتمر العلمي الدولي الثاني - التسويق السياحي لمنطقة الدلتا، ص ٧٨-٧٩.


٦- ريم سعد الدين سليم جرار، العدالة التنظيمية لدى القيادات الاكاديمية في الجامعات الأردنية الرسمية وعلاقتها بالصمت التنظيمي لدى أعضاء الهيئة التدريسية فيها، رسالة ماجستير، كلية الدراسات العليا، الجامعة الأردنية، ٢٠٢٢، ص ٣٤.



٧- المرجع السابق نفسه، ص ٣٣.



مكتبة جواد
مكتبة جواد
تعليقات