التفكير الإيجابي، خصائصه، فوائده، أنواعه
يرتبط التفكير الإيجابي بعلم النفس الإيجابي، وتعود جذور هذا العلم إلى الكتب اليونانية والفلسفة الشرقية والكتب المقدسة والروايات التاريخية القديمة التي تحوي معلومات هامة حول القوة البشرية.
فعلم النفس الإيجابي أحد فروع علم النفس الذي يركز على التفكير الإيجابي والمشاعر الإيجابية، وقد تم طرح فكرة علم النفس الإيجابي في سبعينيات القرن العشرين على يد العالم سليجمان Seligman مدير مركز علم النفس في جامعة بنسلفانيا، حيث عمل على إجراء العديد من الأبحاث، واهتم هذا العلم بعدم انتظار الشخص للوقوع في الحالة المرضية من أجل مساعدته بل تعدى ذلك إلى دراسة كيف يمكن أن يعيش الشخص سعيداً في حياته من خلال ما يملك من قدرات عقلية وبدنية من أجل تحقيق السعادة لديه، فقد أصبح الإحساس بالسعادة حاجة من حاجات الإنسان الأساسية كالطعام والماء.
فالنجاح لا يتقرر بكتلة الدماغ؛ إنما بمستوى تطور التفكير، فقد تبيّن أن كمية ونوعية رصيد الإنسان المادي وصحته وسعادته لا يتقرر إلا بمستوى فكره الإيجابي، وبتأثير البيئة من حوله، فقد يتسبب تعرض الشخص للعديد من المواقف العصيبة لظهور السلبية والإحباط، حيث يُسمح لهذه العقبات والمنغصات الحياة أن تسيطر على عقول الأشخاص حتى تحتل مكانة عليا في حياتهم، وبهذا تصبح هذه العقبات من العوامل المؤثرة في نمط التفكير الخاص بهم.
أن تحكم الإنسان بذاته وتفكيره هو أمر صعب للغاية، فهو أن يكون الفرد قادراً على توجيه نفسهُ وأفكاره نحو ما يريد، ويتحمل مسؤولية ما يُصدر عنه، ويكون قادراً على العيش بإيجابية بأن يشعر بالرضى، ويعيش حياة متوازنة، ويقوم بعمله بشكل جيد، أما إن لم يكن قادراً على ما سبق؛ فإنه سيواجه صعوبة بالغة في العيش حياة متوازنة سعيدة، فالتحكم بالذات لا يعني أن الأمور تتحكم بالشخص بل إنه مسيطراً عليها، كما أن انتظار الحدث ليحدث ليس كافياً، بل إن الشخص نفسه هو الوحيد الذي باستطاعته أن يُفكر، ويحدد كيف يتصرف ويسلك، وبالتالي فإنه لديه القدرة على التفكير الإيجابي بشكل إرادي، وبمقدوره أن يحصد النتائج، إنه أمر عائد إليه.
ويتفق خبراء الصحة النفسية والعلاج النفسي المعاصر على أن العلاج النفسي لا تتحقق فاعليته دون تطور في أدواته التشخيصية، إضافة إلى اكتشاف الجوانب والقوى الإيجابية في الشخصية ودون تطور في تقنيات العلاج النفسي، بهدف تنمية هذه الجوانب الإيجابية، ووضع البرامج الملائمة لتعزيزها وتطويرها. (١)
خصائص التفكير الإيجابي
- يدفع الأفراد نحو الابداع والحماس في الحياة.
- يحسن من العلاقات الاجتماعية والأسرية.
- مصدر من المصادر التي تقوي الإيمان بالله تعالى.
- يعطي التفكير الايجابي للناس انطباعات حسنة عن الشخص.
- الاحترام المتبادل مع الآخرين وحب الحياة.
- افضل طريقة للتحاور مع الآخرين وادارتهم وتحفيزهم. (٢)
فوائد التفكير الإيجابي
يذكر المؤلفون فوائد عدة للتفكير الإيجابي منها: (٣)
- يعزز بيئة العمل بالانفتاح والصدق والثقة وهو سر الأداء العالي.
- باعث على التغيير والتحرك نحو بيئة عمل ايجابية.
- يعتمد على الواقعية وهو العنصر الأقوى لحل المشكلات المستعصية.
- يمكن الفرد من اختيار أهدافه المستقبلية.
- يحفز على الإبداع والابتكار.
سمات التفكير الإيجابي
يتميز الشخص ذو التفكير الإيجابي بالسمات التالية: (٤)
- يذعن للحق وعنده توق الى معرفة كل معلومة جديدة سواء كان مخالفاً لها أو متفقاً معها.
- تتميز اللغة التي يستخدمها صاحب التفكير الإيجابي بأنها قابلة للأخذ والعطاء وتبتعد عن الحدية والقطعية والتعميم. أما مفرداته فتكون علمية ويدخل في حوارات مفيدة ومثمرة له وللآخرين.
- يمتاز صاحب التفكير الإيجابي بقدرته العالية على انتقاء الكلمات التي يوجهها للآخرين فلا يستهزئ بهم أو يجرحهم بل بالعكس يقدم ملاحظاته وانتقاده لهم بشكل بناء ومفيد.
- يستخدم صاحب التفكير الإيجابي المصطلحات والمفاهيم التي تناسب الموقف أو موضوع النقاش دون زيادة أو نقصان وذلك لأن فكره مستنير ويحترم الرأي الآخر ويبتعد عن الثرثرة واستخدام مفاهيم محدودة وجاهزة وبالتالي يكون حديثه ملائم للموقف ومقنع للطرف الآخر.
- يعطي صاحب التفكير الإيجابي عن نفسه تصوراً طبيعياً وواقعياً أمام الآخرين كونه يعرف أنه لا يوجد شخص كامل ومثالي وبالتالي فإنه لا يحتاج الى تقنيع ذاته بما لا يفيد.
- يعد صاحب التفكير الإيجابي بأنه شخص مبدع كونه يمتلك وسائل حديثة ومبتكرة تتناسب مع التطورات الموجودة وبالتالي فهو يقدم حلول ناجعة للمشكلات التي تواجهه والآخرين.
- يمتلك صاحب التفكير الإيجابي القدرة على تجنب المواقف المربكة والمحرجة أثناء النقاش بما لديه من ناحية من الفكر والثقافة والمرونة الفكرية التي تساعده على متابعة النقاش بموضوعية.
صفات المفكر الإيجابي
للمفكر الإيجابي صفات عدة، نذكر منها ما يلي: (٥)
- إيمانه بوجود سلبيات في الحياة، لكن إيمانه أقوى بأن لكل مشكلة لها حل.
- رفضه للهزيمة مهما كانت النتائج والإصرار على التغلب عليها.
- ثقته بقدراته وإمكانياته المتاحة وعدم التقليل من قيمتها.
- تحدثه بإيجابية ومستوى الرضا عن الحياة لديه إيجابي.
- إيمانه بأن لكل فرد ابداعاته ولكن قد يحتاج لمن يساعده على إظهارها.
- بنيته العقلية قوية ومتماسكة.
- متوكل على الله عز وجل.
- لديه قيم عليا.
- رؤيته للأشياء تكون واضحة.
أنواع التفكير الإيجابي
من المهم أن نستخدم التفكير الإيجابي في جميع أوقاتنا وجوانب حياتنا، فلا نجعله مؤقت لزمن معين، أو المرحلة معينة، أو لظرف معين فقط. لذلك قسم التفكير الإيجابي إلى أنواع منها: (٦)
- التفكير الإيجابي لتدعيم وجهات النظر: بمعنى أن كل فرد لا ييأس من كلام الآخرين، ويحاول تأكيد وجهة نظره إذا اعتقد أنها صحيحة.
- التفكير الإيجابي بسبب التأثر بالآخرين: بمعنى أن كل فرد يستطيع أن يحقق حلمه، أو فكرته، عن طريق اتباعه لغيره والتأثر بهم في أفكارهم الإيجابية.
- التفكير الإيجابي بسبب التوقيت: وهو تفكير إيجابي ينتج عنه سلوك إيجابي مرتبط بتوقيت وزمن معينين فيتكرر التفكير في مثل تلك الظروف.
- التفكير الإيجابي في المعاناة: بعض الأزمات التي تواجهنا والصعوبات التي تنتابنا، قد تكون هي مفتاح الأمل، وبوابة التغيير إلى الأفضل.
- التفكير الإيجابي المستمر مع الزمن: يعد أفضل أنواع التفكير الإيجابي؛ لأنه مستمر مع الفرد مدى حياته، فإذا واجهته مشكلة استخدم معها تفكيره الإيجابي فأوجد لها الحل.
الفرق بين التفكير الإيجابي والتفكير السلبي
التفكير الإيجابي: هو أن يمتلك الفرد قناعات ومعتقدات إيجابية تجعله أكثر قدرة على مواجهة مصاعب الحياة من خلال وضع توقعات إيجابية لخبراته المستقبلية، مما يقوي ثقته بنفسه، حيث يعتمد التفكير الإيجابي على التحليل المنطقي والمحاولات المعرفية لتدبر الفرد للمشكلة وتقييمه للتهديد ثم البحث عن المعلومات لحل المشكلة.
التفكير السلبي: هو تلك الرؤية التشاؤمية للأشياء والاعتقادات السلبية التي تجعل الفرد يبالغ في تقييم الظروف والمواقف التي يواجهها في حياته إلى درجة العثور على السلبيات في أي شيء حتى لو كان إيجابيا. (٧)
قائمة المراجع:
١- إسلام فايز أكرم الزعبي، التفكير الإيجابي وعلاقته بتقدير الذات وأسلوب العزو لدى عينة من طلبة الجامعة الأردنية، رسالة ماجستير، كلية الدراسات العليا، الجامعة الأردنية، ٢٠١٦، ص ٩.
٢- أ.م.د محمد هادي حسن الشمري، رسل طارق حسن القريشي، لارك الفلسفة واللسانيات والعلوم الاجتماعية، المجلد ٣، العدد ٣١، ۲۰۱۸، ص ١٣٥.
٣- أ.م.د. منتهى مطشر عبد الصاحب، م.د. سوزان درید احمد، التفكير الايجابي وعلاقته بالدافعية الاكاديمية الذاتية والاتجاه نحو مهنة التدريس لدى طلبة كليات التربية، مجلة البحوث التربوية والنفسية، العدد ١٤، ٢٠١٤، ص ١٢٠.
٤- أ.م.د. یاسمین طه ابراهيم، إسهام التفكير الإيجابي في الأداء الوظيفي لدى معلمات رياض الأطفال، مجلة أبحاث الذكاء والقدرات العقلية، العدد ٢٧، ٢٠١٩، ص ٢٦٢.
٥- علاء بن أحمد بن حسن سليم، التفكير الإيجابي كمتغير وسيط في العلاقة بين المسميات الشخصية ومعدل الأخطاء في قيادة السيارات، رسالة ماجستير، كلية التربية، جامعة أم القرى، المملكة العربية السعودية، ٢٠١٥، ص ٤٦.
٦- المرجع السابق نفسه، ص ٤٦.
٧- مجدوب خيرة، بشلاغم يحيى، نمط التفكير (الايجابي - السلبي) في ضوء بعض المتغيرات دراسة ميدانية على طلبة جامعة تلمسان، دراسات نفسية وتربوية، المجلد ١٤، العدد ١، ٢٠٢١، ص ١٨.