بحث عن العمل التطوعي كامل

بحث عن العمل التطوعي كامل

يعد العمل التطوعي أحد الظواهر الإنسانية القديمة قدم التاريخ الإنساني، ويعتبر من أهم الوسائل المستخدمة للمشاركة في نهضة وتنمية المجتمعات في عصرنا الحالي، حتى أصبح ركيزة أساسية في بناء المجتمع ونشر التماسك الاجتماعي بين المواطنين لأي مجتمع، فهو كممارسة إنسانية ارتبطت ارتباطاً وثيقاً بكل معاني الخير والعمل الصالح عند جميع المجتمعات إلا أنه يختلف في حجمه، وشكله، واتجاهاته ودوافعه من مجتمع لآخر، ومن فترة زمنية لأخرى.

وتبرز أهميته وتزداد الحاجة إليه كلما تقدمت المجتمعات وتعقدت العلاقات الاجتماعية فيها. 


والإنسان كرمه الله سبحانه وتعالى ورفع شأنه وقدره، ولتحقيق هذه الكرامة فهو يسعى إلى توفير احتياجاته ومتطلباته من كساء وطعام، وصحة وأمن، وغيرها، ولا شك أن توفير تلك الاحتياجات والمتطلبات تحتاج إلى جهود كبيرة سواء في الأموال أو القوى العاملة تلتزم الحكومات بتوفيرها، إلا أن الحكومات مهما بذلت من جهود ومهما توفر لديها من إمكانيات تظل عاجزة عن الوفاء بجميع احتياجات ومتطلبات الإنسان.


ومن هنا برز دور مؤسسات العمل التطوعي في إكمال الدور الذي تقوم به الحكومات، من خلال المؤسسات والجمعيات التطوعية، وتؤثر مؤسسات العمل التطوعي وتنظيماته تأثيراً كبيراً على كيفية تفعيل القواعد والنظم الاجتماعية والمواثيق الأخلاقية، مما يجعلها تؤثر بدورها على مستويات التماسك الاجتماعي والترابط بين أفراد المجتمع الواحد.

العمل التطوعي


أن وجود مفهوم صحيح وواضح للعمل التطوعي وضرورته في البيئة الاجتماعية لدى أفراد المجتمع يؤدي إلى زيادة الإقبال على ممارسته، وتتزايد خدماته في ضوء حاجات المجتمع الإنساني وأفراده، ويؤدي أيضاً إلى تنامي الروابط والعلاقات بين الأفراد بصورة إيجابية بناءة. 


ويتميز العمل التطوعي بعدد من الخصائص التي تميزه وتوضحه وتبرزه عن غيره من الأعمال ولأن العمل التطوعي متعلق بحاجات الإنسان ومطالبه الحياتية سواء الدنيوية أو الأخروية وسواء كان ذلك على المستوى الفردي أو على المستوى الجماعي، فلذلك تتنوع مجالات العمل التطوعي. (١)


أهمية العمل التطوعي


تتمثل أهمية العمل التطوعي في كونه يشكل عمليات، وأنشطة تساعد ما تقوم بها الهيئات، والمنظمات الاجتماعية من جهود سواء على المستوى الشعبي أو الرسمي، الأمر الذي يعمل على تكوين قاعدة بشرية من المتطوعين، ويزيد من انتماء أولئك المتطوعين لأوطانهم، وتظهر أهمية العمل التطوعي من حيث دوره في غرس مفاهيم الولاء والتكافل الاجتماعي والتعاون بين أفراد المجتمع الواحد، بما يعزز من ظهور المشاريع والبرامج الخيرية المتعددة.


ومن خلال العمل التطوعي يتم تعزيز الترابط الإيجابي بين أبناء المجتمع بمختلف فئاته، وفي المشاركة في الخطط والمشاريع التي تضعها الهيئات والمؤسسات الاجتماعية بما يعود بالنفع على أفراد المجتمع ويسهم في رسم ملامح التغير الاجتماعي الهادف. كما أن ازدياد درجة الوعي بداخل المجتمعات وتجاوب أفراده مع نداءات العمل التطوعي دليل كبير على تفهم أفراد المجتمع لدوره وأهمية التطوع في تغيير المجتمعات، وفي تعزيز تنميتها الاجتماعية، والاقتصادية، والتعليمية، والثقافية، والصحية وغيرها من المجالات التي ترتبط بالحياة اليومية لأفراد المجتمع. (٢)


خصائص العمل التطوعي


  1. جهود إنسانية تصب في خدمة المجتمع وتحتاج إلى مبادرة في التضحية بالوقت أو المال ودون توقع الحصول على مقابل.
  2. يرتبط بظروف ذاتية مبنية على الرغبة والدافع للتطوع بشكل إرادي وحر للمشاركة في تحمل المسؤولية الاجتماعية.
  3. يرتبط بظروف موضوعية بحكم الاجتماع البشري الذي يحتم على أفراد المجتمع القيام بالمشاركة لتحقيق استمراريتهم في بناء مجتمعهم، وبذلك يحقق غايات وأهداف اجتماعية تعود بالفائدة العامة على المجتمع. (٣)


فائدة العمل التطوعي 


إذا كان العمل التطوعي يشمل كل أنواع الخير والبر مما له صورة شرعية وغير ذلك من أمور تتصل بغاية الشرع وحكمته، فإن معنى ذلك أن بعض أمور الخدمة أو البر تُعد واجباً شرعياً اجتماعياً أو كنائياً تأثم الجماعة يتركها ويرفع الإثم بقيام البعض بأدائها. 


فإذا أغلق أحد محله عن جائع حتى مات أثم الجميع، وإذا تطوع أحد وسد جوعته رفع الإثم عن الجميع. 


وعلى ذلك فإن الأعمال التطوعية التي تسد جوعة أو تستر عورة أو تداوي مريضاً أو تنقذ جاهلاً من غائلة الجهل ترفع الإثم عن المجتمع كله وما أكثر الذين لا ينالهم عطاء المجتمع بسبب غفلة أو قصور أو عدم علم بأحوالهم. (٤)


معوقات العمل التطوعي


تشير الاحصاءات أن المنظمات الأهلية تعاني نقصا في أعداد المتطوعين وترجع أسباب الإحجام عن التطوع الي الاتي (٥): 


  1. عدم ضمان استمرار العمل التطوعي وعدم وجود أي التزام قبل المتطوع.
  2. تعتبر المشكلة الاقتصادية هي العائق الأساسي والتي جعلت توافر المتطوعين مسألة شاقة لعدم استقرار الأفراد.
  3. كما تعتبر المشكلة السكانية أحد أهم المعوقات.
  4. تمثل البطالة خطوره كبيره علي نسبة مشاركة الشباب في العمل التطوعي لأن اهتمام الأول هو البحث عن عمل ويمكن الاستفادة من هذه الطاقات وتدريبها وإعدادها وتنظيمها عند الحاجة إليها لمواجهة هذه الكوارث. 
  5. تسرب بعض الأفراد ذوي السمعة غير الطبيعية والمآرب الشخصية للعمل التطوعي لخدمتهم الشخصية حتى رجال الأعمال كذلك وفقدان الثقة في مصير التبرعات المادية والعينية وعدم وصولها لمستحقيها. 
  6. تدخل انشطة سياسية لها أهداف تتخفي في العمل التطوعي وترتب على ذلك عدم قبول التمويل الخارجي إلا بعد الحصول على موافقة جهة الإدارة وبمضي وقت في الإجراءات رغم شدة الحاجة للتمويل.


مبررات الاهتمام بالعمل التطوعي والحاجة إليه


تتضح مبررات العمل التطوعي والحاجة إليه مما يلي (٦):


  1. ترسيخ عقيدة إيمانية في فكر المسلم تنطلق من مبادئ ديننا الإسلامي الحنيف الذي سبق جميع الأنظمة الوضعية في المجتمعات المدنية إلى تقديم مشروعا متكاملا للعمل التطوعي.
  2. القناعة بأن المشاركة المجتمعية تمثل نقطة الانطلاق إلى آفاق المستقبل اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا وتنمويا بخطى واثقة نحو التقدم والازدهار.
  3. الوصول إلى حالة من الاستقرار الاجتماعي بالنسبة لطبقات المجتمع المختلفة عن طريق التكافل بين الأغنياء والفقراء والتخلص من أمراض القلوب كالحقد والضغينة والحسد وغيرها. وكذلك نقص معدلات الجريمة في المجتمع.
  4. يزيد من الرفاهية الاجتماعية لأنه يعمل بمثابة أداة لإعادة توزيع الدخل بل توزيع الثروة من الأغنياء إلى الفقراء، ويتمثل ذلك في الزكوات والصدقات والتبرعات وغير ذلك من أوجه الخير.
  5. يمثل استثمارا لوقت الفراغ للمتطوعين وللعاطلين عن العمل.
  6. يبرز مدى انتماء الأفراد وولاءهم لدينهم ومجتمعاتهم وأوطانهم وللأمة التي ينتمون إليها.
  7. أن المؤسسات التطوعية لها السبق في التصدي لكثير من الأمراض الاجتماعية التي باتت تؤرق الدول والحكومات.
  8. يعد التطوع مجالاً للتدريب على الحياة العامة واكتساب الخبرات التي تساعد على القيام بالعمل المطلوب، فهو مدرسة تتيح للمتطوعين الإحساس بمشكلات الآخرين.
  9. الحاجة إلى جعل العمل التطوعي ثقافة مجتمعية تبدأ من المؤسسة الاجتماعية الأولى "الأسرة" التي تمارس عملية التنشئة والبرمجة الاجتماعية الأولى في حياة النشء - التي يفوق تأثيرها أثر أي مؤسسة اجتماعية أخرى لكونها تقوم على إشباع حاجات الأبناء الفسيولوجية والعقلية المعرفية والعاطفية بالإضافة إلى غرس أساليب التعامل الاجتماعي ومعايير السلوك بما يكفل لهم القيام بأدوارهم الحياتية، مرورا بالمؤسسات الرسمية وغير الرسمية وذلك من أجل ترسيخ وتقوية روح العمل التطوعي، ولكي تصبح ثقافة التطوع جزءا لا يتجزأ من منظومة القيم والمبادئ والمعايير والممارسات التي تحث على العمل المثمر والفعال وذلك بسبب أن ثقافة التطوع في المجتمع العربي المعاصر تتسم بدرجة متدنية من الفاعلية، وتعاني من إشكاليات أساسية تتمثل في جمود الخطاب الفكري التقليدي في ميدان التطوع، ولا تزال الفجوة قائمة بين النظرية والتطبيق. 


ويؤكد ذلك ما أظهرته نتائج دراسة ميدانية عن التطوع في العالم العربي قامت بها الشبكة العربية للمنظمات الأهلية من أن الشباب من سن ١٥ حتى ٣٠ سنة هم أقل فئة مهتمة بالتطوع برغم إمكانيات وقدرة الشباب في هذا السن للقيام بأعمال تخدم المجتمع بصورة فائقة.


قائمة المراجع: 


١- نايف بن راشد داخل الرحيلي، منهج التربية النبوية في تعزيز قيم العمل التطوعي في العهد المدني وتطبيقاته التربوية، رسالة ماجستير، كلية الدعوة وأصول الدين، الجامعة الإسلامية، المملكة العربية السعودية، ٢٠١٣، ص ٢١-٢٢.


٢- عهود عبد العزيز العنزي، إسهامات التخطيط الاجتماعي في الحد من معوقات العمل التطوعي لدى المرأة السعودية (في مدينة تبوك)، رسالة ماجستير، كلية العلوم الاجتماعية، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، المملكة العربية السعودية، ١٤٣٠هـ، ص ٢٧.


٣- غمار عادل اسماعيل، العمل التطوعي وانعكاساته على برنامج القرى الصحية في سورية ( دراسة ميدانية )، أطروحة دكتوراه، كلية الآداب والعلوم الإنسانية، جامعة دمشق، ٢٠١٢، ص ٣٤.


٤- حريري، عبدالله محمد احمد، العمل التطوعي من منظور التربية الإسلامية، مؤتة للبحوث والدراسات - العلوم الإنسانية والاجتماعية - الأردن، المجلد ٢١، العدد ٥، ٢٠٠٦، ص ١١٩.


٥- داود، محمد يسري أحمد، العمل التطوعي بالمجتمع المدني لتفعيل العدالة الاجتماعية: ورقة عمل، المؤتمر السنوي الثالث عشر (إدارة أزمة الدعم وفعاليات العدالة الاجتماعية) - مصر، المجلد ١، ٢٠٠٨، ص ٥٠٠.


٦- فيحان تركي ناحل الحربي، درجة إسهام الإدارة المدرسية في تعزيز العمل التطوعي من وجهة نظر المعلمين والطلبة في محافظة البكيرية، رسالة ماجستير، كلية التربية، جامعة أم القرى، المملكة العربية السعودية، ٢٠١٥، ص ٤٢-٤٣.



مكتبة جواد
مكتبة جواد
تعليقات