إميل دوركايم، نشأته، تعليمه، أهتماماته العلمية
مولده: ولد في مدينة «أيبينال» عام ١٨٥٨ بمقاطعة اللورين في الجنوب الشرقي من فرنسا لوالدين يهوديين.
نشأته: نشأ دور كايم نشأة دينية، وقد درسه والده الدين اليهودي منذ سن مبكرة جدا من حياته فقد كان «إبنا لرجل دين يهودي، وسليلاً لسلسلة طويلة من رجال هذا الدين، مما دفعه إلى أن يقرر مواصلة طريق أجداده في فترة مبكرة من حياته، ولذلك فقد درس العبرية، والعهد القديم، والتلمود في الوقت الذي واصل فيه دراسته المنظمة في المدارس العلمانية».
تعليمه
تلقى دوركايم تعليمه في المدارس الحكومية في بلده إلى أن حصل على شهادة الثانوية.
وقد كان يميل إلى مهنة التدريس، ولذلك فقد تقدم إلى الإمتحان للدخول في مدرسة المعلمين العليا في باريس عام ١٨٧٩، وقد اجتاز القبول في هذه المدرسة، التي كانت من خيرة المدارس، ودرس بها صفوة علماء فرنسا.
ولكن «دور كايم» لم يعجبه النظام السائد في الدراسة في هذه المدرسة، وذلك لأنها كانت محافظة على النظام التعليمي القديم، وفي شبه عزلة عن التيارات العلمية الجديدة ولذلك كان «دوركايم»، يبدي تبرمه، وسخطه من هذا النظام مما دفع أساتذته إلى وضعه في مؤخرة الناجحين حتى تخرج من هذه المدرسة في عام ۱۸۸۲ (۱).
وقد كان من بين الأساتذة الذين أعجب بهم «دوركايم»، من هذه المدرسة اميل بوترو، أستاذ الفلسفة الذي حبب إليه دراسة الفلاسفة القدماء، وكذلك «فوستيل دي كولدنج» الذي برع في طريقة تدريسه للتاريخ.
وقد عمل «دوركايم» بعد تخرجه من هذه المدرسة بمهنة التدريس فدرس مادة الفلسفة فيما بين عام ۱۸۸۲ ، ۱۸۸۷ م في عدد من مدارس الأقاليم القريبة من باريس.
إهتماماته العلمية
اهتم «دوركايم» بمعالجة المشكلات الخلقية التي كان يعج بها المجتمع الفرنسي آنذاك، وتطلع إلى إيجاد علم يمكن على ضوئه حل هذه المشاكل بطريقة علمية «فأولى لذلك الدراسات الإجتماعية مزيد اهتمامه، ولعل شغفه بها جعله يسافر إلى ألمانيا لفترة قصيرة حيث تتلمذ على أقطاب مفكريها».
وإلى جانب الدراسات الإجتماعية فقد: «درس الإقتصاد، والفولكلور، والأنثروبولوجيا الثقافية».
وبعد عودته من ألمانيا تطلع دوركايم إلى أن تحنو فرنسا حذو ألمانيا في توجيه الفلسفة لخدمة أهداف اجتماعية.
وقد برز «دوركايم» لما كتبه من أبحاث، ومقالات إجتماعية شدت إليه الأنظار فقد «نشر عدة مقالات عن الشئون الإجتماعية والتربوية في المجلات الفلسفية، والتربوية الفرنسية مما أدى إلى تكليفه بتدريس العلوم الإجتماعية، والتربية في كلية الآداب ببوردو».
وكان تعيينه أستاذا في جامعة بوردو عام ۱۸۸۷ م، فقد قررت الجامعة تدريس علم الاجتماع بعد أن كانت لا تهتم بأبحاث «أوجست كونت» في هذا المجال، وقد شهدت سنوات عمله في جامعة بوردو أخصب فترات نشاطه الثقافي، فبالإضافة إلى تدريسه لعلم الإجتماع والتربية، واصل نشره لعدد من المقالات النقدية، وفي عام ۱۸۹۳ م.
قدم رسالته الفرنسية للدكتوراة عن «تقسيم العمل الإجتماعي».
تأثره بأوجست كونت
يعترف «دوركايم» «لأوجست كونت» بفضله عليه يقول ج بنروبي: إن «دوركايم» لا يتردد في أن يعترف بفضل كونت في إنشاء علم الجماعات الوضعي، لأنه بفضل كونت أصبح علم الاجتماع عاملا في الحياة، العلمية.
ويقول محمود عوده في هذا الصدد: «وجدير بالذكر أن كتاب تقسيم العمل الإجتماعي يحتوي على أكثر من سبع عشرة إشارة، يقدر معظمها تقديرا بالغا مؤلف «دروس في الفلسفة الوضعية» أي «أوجست كونت»، ويعترف «دوركايم» بأن «كونت» قد أدرك تماما أن تقسيم العمل يؤدي إلى التضامن الإجتماعي، كما يعترف أيضا بأن القوة الموحدة للمعتقدات الأخلاقية بوضعها أساس التضامن، والتكافل الذي يترتب على تقسيم العمل الاجتماعي هي أفكار مستمدة من أوجست كونت وسان سيمون».
ومن هذا يتبين لنا أن «دوركايم» قد سار على خطى «أوجست كونت» واستفاد من أبحاثه التي قدمها في هذا المجال، وخاصة دعوته إلى دراسة الظواهر الإجتماعية دراسة علمية، إلا أن «دوركايم» أضاف الكثير إلى انتاج كونت» وصحح بعضا من الأخطاء التي وقع فيها «فأوجست كونت» لم يحدد الظاهرة الإجتماعية، فأتم ذلك «دوركايم» وحدد موضوع علم الاجتماع، ووضع منهجه، ولذلك أعتبر «دوركايم» المؤسس الحقيقي لعلم الإجتماع.
مؤلفاته
أهم المؤلفات التي تركها «دوركايم» هي:
- تقسيم العمل الإجتماعي ( ۱۸۹۳م).
- قواعد المنهج الإجتماعي ( ١٨٩٥م ).
- الإنتحار دراسة إجتماعية ( ۱۸۹۷م).
- الأشكال الأولى للحياة الدينية (۱۹۱۲).
- المجلة الإجتماعية المعروفة باسم (السنة الإجتماعية أو التقويم الإجتماعي).
وهناك مؤلفات نشرت بعد وفاته هي:
- التربية وعلم الاجتماع.
- علم الاجتماع والفلسفة.
- التربية الأخلاقية.
- كتاب الإشتراكية.
قائمة المراجع:
عائشة علي روزي الخوتاني، الأخلاق عند المدرسة الوضعية (أوجست كونت ومدرسته)، رسالة ماجستير، كلية الدعوة وأصول الدين، جامعة أم القرى، المملكة العربية السعودية، ١٤١٢ هـ، ص ٤٦-٥٠.