القائمة الرئيسية

الصفحات

[LastPost] أخر المواضيع

ابن سينا،حياته، مؤلفاته، فلسفته

ابن سينا،حياته، مؤلفاته، فلسفته

هو أبو علي الحسين بن عبد الله بن سينا، ولد في أفشنة بالقرب من بخارى سنة (٣٧٠هـ - ٩٨٠م)، المعروف بالشيخ الرئيس، أما لقب (الرئيس) فقد كان إشارة إلى اشتغاله بالسياسة، وتقلده الوزارة، في حين أن لقب (الشيخ) كان دلالة على إشتغاله بالعلم والفلسفة.

وقد ترجم إبن سينا بنفسه تاريخ حياته (وأكمل تلميذه أبو عبيد الجوزجاني تاريخ حياة الرئيس حتى مماته)، إذ يذكر جمال الدين القفطي في كتابه تاريخ الحكماء سيرة إبن سينا هذه وهو أنه قال: ((إن ابي كان رجلاً من أهل بلخ وإنتقل منها إلى بخارى في أيام نوح بن منصور وإشتغل بالتصرف وتولى العمل في أثناء أيامه بقرية يقال لها خرمثين من ضياع بخارى وهي من أمهات القرى وبقربها قرية يقال لها أفشنة وتزوج أمي منها وقطن بها وولدت منها بها، وولد أخي ثم إنتقلنا إلى بخارى وأحضرت معلم القرآن ومعلم الأدب وكملت العشر من العمر وقد أتيت على القرآن وعلى كثير من الأدب حتى كان يقضى مني العجب))، ويذكر إبن سينا في هذه الترجمة أيضاً أنه بعد أن درس الفقه، أخذ المنطق والهندسة وعلم النجوم عن أبي عبد الله الناتلي، ولما كان التلميذ قد نما جسمه ونضج عقله في سن مبكرة فقد أعتمد على نفسه في دراسة الطبيعيات والإلهيات والطب.


وقد مارس صناعة الطب وذاع له صيت واسع فيه حتى بدأ فضلاء الأطباء يقرأون عليه وهو لم يتجاوز السادسة عشرة من عمره.


وقد إستدعاه سلطان بخارى في ذلك الوقت نوح بن منصور لمعالجته من مرض ألم به وعندما شفاه أذن له الأمير في دخول (دار كتبه) ومطالعتها وقراءة ما فيها.


فقرأ إبن سينا تلك الكتب وظفر بفوائدها ولما بلغ ثمانية عشرة سنة من العمر فرغ من هذه العلوم كلها كما يقول.

أبن سينا


وبعد وفاة والده تصرفت به الأحوال ودعته الضرورة إلى مغادرة بخارى إلى جرجان حيث إتصل بتلميذه أبي عبيد الله الجوزجاني الذي لازم ابن سينا بعد ذلك طوال حياته وأكمل كتابة سيرته كما أملاها عليه ابن سينا.

ومن جرجان غادر إلى همذان إذ إستوزره أميرها شمس الدولة بعد أن شفاه ابن سينا من القولنج ولكن عسكر الأمير ثاروا على الفيلسوف وأغاروا على داره وأخذوا جميع ما كان يملكه وزجوه في السجن وسألوا الامير قتله فإمتنع منه وعدل إلى نفيه عن الدولة طلباً لمرضاتهم.


وتوارى ابن سينا أربعين يوماً، فعاود القولنج الأمير شمس الدولة وطلب الشيخ الرئيس فحضر إليه فإعتذر إليه الأمير وأعيدت إليه الوزارة ثانية وأقام عند الأمير مكرماً مبجلاً بعد أن عالجه إبن سينا وشفاه.


حتى إذا توفي الأمير رفض إبن سينا الوزارة في بلاط خلفه، ثم إتهمه بعد ذلك تاج الملك بمكاتبة علاء الدولة سراً، فتوارى ابن سينا فدل عليه بعض أعدائه وأخذوه إلى قلعة يقال لها فردجان، وأنشأ هناك قصيدة منها هذا البيت الممزوج بالفلسفة ولا سيما فكرته عن الموت إذ قال:


دخولي باليقين كما تراه      وكل الشك في أمر الخروج


وبقي فيها أربعة أشهر ثم أفرج عنه بعد ذلك ذهب إلى أصفهان حيث اصبح من ندماء علاء الدولة، وحيث كان ملازماً لعلاء الدولة في بعض حروبه تعرض ابن سينا لمرضٍ طالما كان يعالج غيره منه وهو مرض القولنج (أي إنحباس الريح) وكان ابن سينا يعالج نفسه فينتكس ويبرأ في كل وقت وحين قصد علاء الدولة همذان سار معه الشيخ فعاودته في الطريق العلة إلى أن وصل إلى همذان وعلم أن قوته قد سقطت وأنها لا تفي بدفع المرض فأهمل مداواة نفسه، وأخذ يقول: ((المدبر الذي كان يدبرني قد عجز عن التدبير والآن فلا تنفع المعالجة))، وبقي على هذا أياماً ثم إنتنقل إلى جوار ربه ودفن بهمذان وكان عمره ثمانياً وخمسين سنة وكان موته في سنة ثماني وعشرين واربعمئة.


كان ابن سينا سريع الفهم قوي الذاكرة إلى حد عجيب وقد تجاوزت مصنفاته المئتين، بين كتب ورسائل تدل على سعة ثقافته وبراعته في العلوم الفلسفية وغير الفلسفية. (١)


مؤلفات ابن سينا


لابن سينا عدد من المؤلفات الفلسفية والطبية، كما اوردها الدكتور محمد عاطف العراقي: (٢)


۱- الشفاء: أعظم كتبه في الفلسفة على الإطلاق. ومن الكتب الخالدة في تاريخ الفكر الفلسفي. جمع فيه ابن سينا جميع العلوم الأربعة، وصنف طبيعياته وإلهياته في عشرين يوما بهمذان. ثم وضع في أصفهان المجسطي، والأرثماطيقي، والموسيقى. وانتهى من قسم الحيوان والنبات فى السنة التى توجه فيها علاء الدولة للقاء سابو رخواست. وبذلك انتهت تلك الموسوعة الضخمة التى جعلت لابن سينا مكانة بارزة عند مؤرخي الشرق والغرب معا.


وكان هذا الكتاب من أهم الكتب التي نقلت إلى لغات أخرى.


٢- النجاة: ملخص الشفاء، وينقسم هذا الكتاب - الذي صنفه ابن سينا في السنة التي توجه فيها علاء الدولة إلى سابو خواست - إلى أربعة أقسام تقابل جمل الشفاء الأربع.


بالإضافة إلى أن الفصول في الكتابين متشابهة ومنها ما هو مكرر بنصه.


وإذا كانت الفكرة الرئيسية التي بني عليها الشفاء هى استيعاب المنطق والطبيعة والرياضة والإلهيات، فإن هذه هى نفسها التي اعتمد عليها في كتاب النجاة. 


يقول ابن سينا فى أول كتابه مشيراً إلى سبب تأليفه وما يتضمنه من موضوعات: لا فإن جماعة من الإخوان سألونى أن أجمع لهم كتابا وأن أبدأ فيه بإفادة الأصول من علم المنطق ثم أتلوها بمثلها في علم الطبيعيات ثم أورد من علمى الهندسة والحساب ما لا بد منه لمعرفة القدر الذي يقرن بالبراهين على الرياضيات وأورد بعده من علم الهيئة ما يعرف به حال الحركات والإجرام والأبعاد ... وأن أختم الرياضيات بعلم الموسيقى. ثم أورد العلم الإلهى ... فأسعفتهم بذلك وصنفت الكتاب على نحو ملتمسهم.


ولكن ابن سينا لم يتفرغ لإيراد الرياضيات لعوائق عاقته، وكان عند تلميذه الجوزجاني من مصنفات أستاذه كتاب في أصول الهندسة مختصر من إقليدس وكتاب في الأرصاد الكلية والهيئة وكتاب مختصر فى الموسيقى، فرأى أن يضيف هذه الرسائل إلى كتاب النجاة ليتم مصنفاته كما أشار إليه الشيخ الرئيس في فاتحة الكتاب.


ولما لم يجد في الإرثماطيقي شيئاً شبيهاً بها اختصره من كتابه في الإرثماطيقي رسالة وأودعها ما يرشد إلى معرفة الموسيقى وأضافها إليه أيضا.


ولكتاب النجاة عدة شروح أهمها شرح فخر الدين الرازي وشرح الحارثي السرخسي.


وقد طبع كتاب النجاة في روما سنة ۱۵۹٣ م وراء كتاب القانون في الطب وبه قسم الرياضيات. ثم طبع في القاهرة سنة ۱۳۳۱ه. 


ثم طبع سنة ١٣٥٧ هـ - ۱۹۳۸ م. وهذه الطبعة لا تحوى الرياضيات.


وأدرج الأب قنواتي هذا الكتاب في فهرسه تحت رقم ۲۳ (فلسفة عامة)


٣- الإشارات والتنبيهات: اتفق المؤرخون على أن هذا الكتاب آخر ما صنفه الشيخ الرئيس في الحكمة وأجوده وأنه كان يضن بها.


وقد شغل الشراح بهذا الكتاب إلى حد كبير. فنجد له الكثير من الشروح والتعليقات. بقول ابن خلدون: «لأهل الشرق عناية بكتاب الإشارات وللإمام ابن الخطيب عليه شرح حسن، وكذلك الآمدي. وشرحه أيضا نصير الدين الطوسى المعروف بخواجه من أهل المشرق وبحث مع الإمام في كثير من مسائله، فأوفى على أنظاره وأبحاثه».


وأهم هذه الشروح شرح الإمام فخر الدين محمد بن عمر الرازي وهو شرح طعن فيه بنقض أو معارضة وبالغ في الرد على صاحبه ولذلك سمى بعض الظرفاء شرحه جرحنا، وشرح العلامة نصير الدين محمد بن الحسن الطوسي ذكر فيه أن الرئيس كان مؤيداً بالنظر الثاقب. وقد أشرت إلى هذين الشرحين في قائمة المراجع واستفدت منهما الكثير.


ويقول ابن سينا في مقدمته لكتاب الإشارات والتنبيهات: أيها الحريص على تحقق الحق: إنى مهدت إليك في هذه الإشارات والتنبيهات أصولا وجملا من الحكمة، أن أخذت الفطانة بيدك سهل عليك تفريعها وتفصيلها.


وكما أشرت، كان ابن سينا يعتز بالحكمة الموجودة في هذا الكتاب، وعباراته الآتية تؤيد ذلك - فهو يقول في مقدمته لقسم الطبيعيات من كتابه: هذه إشارات إلى أصول وتنبيهات على جمل يستبصر بها من تيسر له، ولا ينتفع بالأصرح منها من تعسر عليه، والتكلان على التوفيق. وأنا أعيد وصيتي وأكرر التماسي أن يضن بما تشتمل عليه هذه الأجزاء كل الفن على من يوجد فيه ما اشترطه.


٤- دانيش ناما العاني: هذا الكتاب الذي صنفه لعلاء الدولة بن كاكويه، والذي ذكرته قوائم المؤلفات الخاصة بابن سينا سواء منها القديمة والحديثة، يشتمل على بحوث في المنطق والطبيعيات والإلهيات بقلم ابن سينا، أما الرياضيات فلم ينجزها هو، بل أنجزها تلميذه أبو عبيد الجوزجاني.


وقد ألف أبن سينا هذا الكتاب فيما يرجح بين سنة ٤١٢ هـ - و ٤٢٨ م أى ۱۰۲۱م ، ۱۰۳۷ م. أم بين كتابى النجاة والإشارات (انظر مقدمة الترجمة الفرنسية لهذا الكتاب ص ١٦). وإذا كان كتاب الشفاء يمثل عرضا كاملا لفلسفته باللغة العربية ، فإن دانش نامة يمثل عرضاً لفلسفته باللغة الفارسية (انظر مقدمة الترجمة الفرنسية ص ۱۸ - ۱۹).


يقول القزويني: إن هذا الكتاب لم يكن قد بقى منه بعد وفاة الشيخ غير الأجزاء الخاصة بالمنطق والطبيعيات والإلهيات، وتلف الباقي. 


ولكن الجوزجاني استناداً إلى ما يقوله في مقدمة رياضيات دانش نامه - قد ترجم الأرثماطيقي عن إرثماطيقي كتاب الشفاء ترجمة واختصاراً.


أما فصول الهيئة والموسيقى فقد نقلها عن رسائل أخرى لابن سينا باللغة العربية، وهكذا رتب الكتاب وأكمله.


٥- الهداية: صنف ابن سينا هذا الكتاب بقلعة فردجان التي حبس فيها لاتهامه بمكاتبة علاء الدولة.


ويشتمل هذا الكتاب على ثلاثة أقسام هى المنطقيات والطبيعيات والإلهيات: وقد أدرجه الأب قنواتي تحت رقم ٢٤ فلسفة عامة في فهرسه.


٦- عيون الحكمة: أشارت قوائم المؤلفات القديمة إلى هذا الكتاب. وأدرجه الأب قنواتي في فهرسه تحت رقم ١٥ فلسفة عامة. ويذكر هذا الكتاب أحيانا باسم الموجز، وقد اختصره نجم الدين الحكيم يحيى بن محمد بن عبدان بن اللبودي، كما شرحه فخر الدين الرازي.


وينقسم هذا الكتاب إلى ثلاثة أقسام: المنطقيات والطبيعيات والإلهيات، وهي الأقسام التقليدية في الفلسفة الإسلامية المشائية. وهو يعالج كل هذه الأقسام بإيجاز شديد.


طبع هذا الكتاب عدة طبعات منها طبعة إستانبول سنة ١٢٩٨ هـ، وطبعة القاهرة سنة ١٣٢٦ هـ - ۱۹۰۸ ضمن تسع رسائل في الحكمة والطبيعيات - الرسالة الأولى (قسم الطبيعيات فقط)، وطبعة حلمى ضيا أو لكن ضمن رسائل ابن سينا - كلية الآداب - جامعة استانبول سنة ١٩٥٣ م، وطبعة طهران سنة ١٩٥٤ ، ثم نشرة الدكتور عبد الرحمن بدوى سنة ١٩٥٤ م بمناسبة ذكرى ابن سينا - الكتاب الخامس - منشورات المعهد العلمي الفرنسي للآثار الشرقية بالقاهرة.


٧- حد الجسم: لهذه الرسالة نسخة مصورة بمعهد إحياء المخطوطات بجامعة الدول العربية. ولها عدة نسخ مخطوطة ومصورة بدار الكتب المصرية. وأدرج الأب قنواتي هذه الرسالة ضمن رسائل ابن سينا في الطبيعيات تحت رقم ٦٠.


٨- النفس الفلكية: لها نسخة مصورة بمعهد إحياء المخطوطات بجامعة الدول العربية رقم ١٨٧ «فلسفة ومنطق» . ولها نسخة بدار الكتب المصرية ضمن مجموعة مخطوطة رقم ۱۹۷ (معارف عامة طلعت )، وقد أدرج الأب قنواتى هذه الرسالة ضمن رسائل ابن سينا في الطبيعيات تحت رقم ٧٤.


٩- النهاية واللانهاية: لها نسخة مصورة بمعهد إحياء المخطوطات بجامعة الدول العربية رقم ۱۹۷ «فلسفة ومنطق»، نقلا عن نسخة مكتبة: أحمد الثالث بإستانبول. ولها نسخة بدار الكتب المصرية رقم (۳۹۳)، (فلسفة) وأدرج الأب قنواتي هذه الرسالة ضمن رسائل ابن سينا في الطبيعيات تحت رقم ٧٥، وقال إن اسمها أيضا رسالة في حجج المثبتين للماضي مبدأ زمانيا.


۱۰- الفلك والمنازل = المختصر في علم الهيئة: يبدو أن هذا الكتاب الذي ذكره الأب قنواتي تحت رقم ١٦٦ «هيئة» هو نفسه كتاب: المختصر في علم الهيئة الذي ذكره الأب قنواتي ككتاب غير الكتاب الأول تحت رقم ۱۷۳ «هيئة» دليل هذا أن الأب قنواتي يذكر أن الكتاب رقم ۱۷۳ له نسخة مصورة بدار الكتب المصرية «١٠ هيئة» في حين أن النسخة الخطية تبدأ وتنتهي ببداية الكتاب رقم ١٦٦. 


ولهذا الكتاب نسخة خطية مكتوبة بقلم مغربي بخط على بن الترجمان ١١٦٣ هـ. بدار الكتب المصرية ضمن مجموعة خطية «١٠ هيئة».


كما أن له نسخة مصورة: بمعهد إحياء المخطوطات بجامعة الدول العربية. 


ولا يحتوى هذا المختصر - على الرغم من عنوانه – على المسائل الفلكية فقط، بل فيه أبحاث فلسفية وطبية وهندسية وجغرافية لبعضها تعلق بعلم الهيئة، وذلك شأن الكثير من كتب ابن سينا. إذ أنه كثيراً ما يتطرق إلى بحث موضوعات قد تكون بعيدة الصلة عن الموضوع الأصلى للكتاب. ولهذا يجب ألا تخدعنا عناوين كتبه ورسائله، بل يجب فحص كل جزئية صغيرة من جزئيات كل كتاب من كتبه حين دراسة أى نظرية من نظرياته فى أى مجال من المجالات العديدة التي طرقها.


ويتحدث ابن سينا في هذا الكتاب عن صورة العالم وكيفية تركيبه وبين أن السماوات هي الأفلاك، وأن الأفلاك تسعة هي السماوات السبع، وفلك الكواكب الثابتة والعرش العظيم المحيط بهذه الأفلاك الثمانية. 


وذهب إلى أنه لا يوجد في العالم فراغ، وأن موضع الشمس في وسط العالم. ثم تحدث عن حركة الفلك الأعظم وهيئة البروج واختلاف دوران الأفلاك حول الأرض وعلة خسوف القمر وكسوف الشمس وفيض البحر ونقصانه من القمر ثم درس حوادث الجو وتغيرات الهواء والهالات وقوس قزح والشهب وانقضاض الكواكب التي ترى بالليل وذوات الأذناب.



۱۱- الفصول الثلاثة: تحتوى هذه الرسالة على الفصول الآتية:


  • إثبات الصانع وإيراد البرهان القاطع.
  • العلل والمعلولات.
  • في علمه تعالى.


ولهذه الرسالة نسخة خطية ضمن مجموعة ۱۹۷ معارف عامة بدار الكتب المصرية، وقد أدرج الأب قنواتى هذه الرسالة تحت رقم ۱۸۷ «ميتافيزيقا وتوحيد»، وقال إن اسمها أيضاً: «رسالة في إثبات الصانع وإيراد البرهان القاطع»


۱۲- تفسير آية ثم «استوى إلى السماء وهي دخان»: لهذا التفسير نسخة مصورة بمعهد إحياء المخطوطات بجامعة الدول العربية رقم ١٢٦ «تفسير وعلوم قرآن» نقلا عن النسخة الخطية بمكتبه أحمد الثالث بتركيا، وقد أدرج الأب قنواتى هذه الرسالة في فهرست تحت رقم ۲۰۷ «وتفسير وعلوم قرآن».


ومن الجدير بالذكر أن ابن سينا يشير فى تفسيره لهذه الآية إلى بعض الأصول التي تقررت عنده في الفن الثانى من طبيعيات الشفاء وهو السماء والعالم، فيشير مثلاً إلى افتراق العناصر الأرضية عن مادة الأفلاك السماوية . . . إلخ.


۱۳- المسائل الحكمية: توجد نسخة لهذا الكتاب الذى يسمى أيضاً، خمس وعشرون مسألة، أو رسالة غريبة فى الحكمة بدار الكتب المصرية ضمن مجموعة مخطوطة (۱۹۷ معارف عامة طلعت)، كما توجد له نسخة مصورة بمعهد إحياء المخطوطات بجامعة الدول العربية رقم ١٣٤٣ «فلسفة ومنطق» نقلا عن مخطوط آيا صوفيا. وأدرج الأب قنواتي هذه الرسالة في فهرست تحت رقم ۲۲ (فلسفة عامة) ولم يشر إلى النسخة المصورة بمعهد إحياء المخطوطات ولا إلى نسخة دار الكتب.



١٤- أقوال الشيخ في الحكمة: تسمى أيضاً: رسالة في تعريف الحكمة وأقوال الحكماء. وتوجد لها نسخة خطية ضمن مجموعة (۱۹۷ معارف عامة طلعت) بدار الكتب المصرية كما توجد لها نسخة مصورة بمعهد المخطوطات بجامعة الدول العربية رقم ٣١ «فلسفة ومنطق» نقلا عن مكتبة أحمد الثالث باستانبول. وأدرج قنواتي هذه الرسالة رقم ٥ « فلسفة عامة».


١٥- رسالة الأجرام العلوية: تسمى أيضاً: رسالة الفوائد في الرأى المحصل عند الأقدمين في جوهر الأجرام السماوية وبيان مذهبهم، كما تسمى: رسالة في بيان الجوهر النفيس. ويقول ابن سينا في أولها: «هذه رسالة أبنت فيها من خالص رأى الأقدمين في حقائق الأجرام العلوية حسبما استخلصته من كلامهم المعرب الواصل إلينا».


وطبعت هذه الرسالة ضمن «تسع رسائل» بالآستانة سنة ١٢٩٨ هـ، بعنوان: «رسالة في الأجرام السماوية أو العلوية». كما طبعت ضمن تسع «رسائل في الحكمة والطبيعيات» - القاهرة سنة ١٣٢٦ هـ - سنة ۱۹۰۸م. ثم طبعت أيضاً بعنوان بيان «الجوهر النفيس» في مجموعة رسائل الكردى - الرسالة الثانية عشرة من ص ٢٥٨ إلى ص ۲۷۹ سنة ۱۳۲۸ هـ - مطبعة كردستان العلية. وأدرجها الأب قنواتي في فهرسه تحت رقم ٥٣ «طبيعة».


١٦ - رسالة في إبطال أحكام النجوم: تسمى هذه الرسالة أيضاً: الإشارة إلى علم فساد أحكام النجوم. وأدراجها الأب قنواتي في فهرسه تحت رقم ٥٢ (طبيعة)، وقال إنه لم يعثر على النسخة المطبوعة التي يتحدث عنها عثمان أرجن. 


ويبدو أنها لم تطبع قبل عام ١٩٥٣ م. فقد طبعها حلمى ضيا ولكن فى مجموعة رسائل ابن سينا ج ٢ من ص ٦٧ - الى ص ١٤٩ - مطبعة إبراهيم خروز باستانبول.


۱۷ - رسالة عن علة قيام الأرض في وسط السماء: طبعها محيي الدين صبري الكردي في جامع البدائع - الرسالة الثانية عشرة من ص ١٥٢ إلى ص ١٦٤ - الطبعة الأولى - مطبعة السعادة سنة ۱۹۱۷ م.


وأدرجها الأب قنواتي في فهرسه تحت رقم ١٦٨ «علم هيئة».


ويجيب ابن سينا في هذه الرسالة على سؤال أبى الحسين أحمد السهلي. ويقول في أولها: ( إن الشيخ أبا الحسين أمرنى بأن أشرح له المذهب الحق عن علة قيام الأرض فى حيزها الذى هى فيه مما يقرب تصوره، وتزول الشبهة فيه، وأن آتي البيان في ذلك من بابه وأقدم عليه من مباديه، فتلقيت أمره بالطاعة مستعينا بالله واهب العقل والقوة ملتمساً من قصده العزيز أن يصفح عما عسى أن يقع فيه من الخلل والزلل فيمهد عذر المجتهد فيه ) .


وقد قسم ابن سينا هذه الرسالة عشرة فصول هي:


  • في بيان تناهى الجهات.
  • في أن الجهات لا توجد ولا تتصور ألبتة إلا أن يكون جسم موجود له إحاطة على أجسام أو فضاء.
  • في أن لكل جسم موضعاً طبيعياً.
  • الحركة المستقيمة ليست طبيعية للجسم على الإطلاق.
  • لا يمكن أن يكون الجسم من الأجسام حركة طبيعية مستقيمة بلا نهاية.
  • كل جسم إذا كان في موضعه الطبيعي فإنه لا يتحرك عنه طبعاً.
  • رفع التعجب الذي يعرض للوهم من قيام الأرض في الوسط، وإمكان قيام الحيوان والأجسام الثقال عليه من جميع الجوانب كلها.
  • السبب في التعجب والاستنكار من قيام الأرض في الوسط.
  • في أنه يجب أن يكون الوضع الطبيعي للأرض، الوسط الذي هي فيه وأنها قائمة فيه بطباعها وجوهرها.
  • تعديد أقاويل العلماء القدماء في هذا الباب.


۱۸- المباحثات: أشارت القوائم القديمة المؤلفات ابن سينا إلى هذا الكتاب. وهو في مجموعة عبارة عن جملة من الأسئلة وضع بعضها بهمنيار بن المرزبان، ووضع أبو منصور ابن زيله جزءاً منها ، وبعضها الآخر من وضع غيرهما وأجاب ابن سينا عن هذه الأسئلة.


والكتاب بالصورة الموجودة عليها لم يرتبه ابن سينا بل لم يجمعه في كتاب. ويرجح أن أحد تلاميذ الشيخ أبي منصور أو غيره، جميع الكتاب بعد وفاته، أو أن أحد الكتاب قد استخرجه من أوراق بهمنيار وأوراق الشيخ أبي منصور بعد وفاة كليهما. وهذا سبب التفاوت والفروق البعيدة بين نسخ المباحثات.


وتدور أكثر المباحثات حول النفسيات. وعدد المباحثات خمسمائة مباحثة. وبعضها غير واضح وموجز جداً ولا يكشف عن الفكرة بوضوح حتى استحالت إلى مجموعة من الخواطر. وهناك تكرار لبعض المباحثات في الكتاب ، وبعضها لا يختلف إلا في اللفظ وإن اتحد في المعنى. مثال التكرار، المباحثة رقم ٣٧ هي نفسها رقم ٥٩ وهى أيضاً رقم ۳۱۸، وإن اختلفت هذه الأخيرة عن السابقتين في أنها تحتوى على السؤال الذي استتبع الجواب.


حقق الدكتور عبد الرحمن بدوى هذا الكتاب ضمن ( أرسطو عند العرب ) ج ۱. القاهرة النهضة المصرية سنة ١٩٤٧ م من ص ۱۲۲ إلى ص ۲۳۹ عن المخطوط رقم ٦ م حكمة وفلسفة بدار الكتب المصرية، وأدرج الأب قنواتى هذا الكتاب في فهرسه تحت رقم ١٩ «فلسفة عامة».


۱۹- الإنصاف: ذكرت قوائم المؤلفات هذا الكتاب ، ولكنها اختلفت حوله، هل فقد نهائيا، أم أن منه بعض الأجزاء التي ما زالت باقية. فيؤكد القفطى وابن أبي أصيبعة والكاشي أو الكتاب فقد نهائيا، ويذهبون إلى أنه في اليوم الذي قصد فيه السلطان مسعود أصفهان نهب عسكره رحل الشيخ وكان الكتاب من جملته وما وقف له على أثر، ويقولون إن هذا الكتاب كان في عشرين مجلداً شرح فيه كتب أرسطو، وأنصف فيه بين الشرقيين والغربيين. أما البيهقي فيرى أن الضياع لم يتناول غير أجزاء من هذا الكتاب.


ويقول ابن سينا إن المسائل الشرقية كتبت أعيانها بل كثيراً منها في أجزائها لا يطلع عليها أحد، وأثبت أشياء منها «من الحكمة العرشية» في جزازات. فهذه التي ضاعت إلا أنها لم تكن كبيرة الحجم، وإن كانت كثيرة المعنى جداً، وإعادتها أمر سهل. بلى كتاب الإنصاف لا يمكن أن يكون إلا مبسوطا، وفي إعادته أمر وظيفة.



٢٠ - إيضاح البراهين في مسائل عويصة: لهذه الرسالة نسخة مصورة بمعهد إحياء المخطوطات بجامعة الدول العربية رقم ٣٤ «فلسفة ومنطق » نقلا عن مخطوطة مكتبة أيا صوفيا بتركيا. وأدرج الأب قنواتي هذه الرسالة في فهرسه تحت رقم ۷۹ «نفس».


۲۱- التعليقات: هذا الكتاب عبارة عن عدة فصول في الفلسفة بأقسامها الثلاثة من منطق وطبيعيات وإلهيات. ولم ينشر هذا الكتاب حتى الآن. ويقال إن التعليق من رواية بهمنيار، أو من عمل برهان أبو العباس الفضل بن محمد الموكرى تلميذ بهمنيار. ولهذا الكتاب نسخة مصورة بمعهد إحياء المخطوطات بجامعة الدول العربية رقم ٥٣ «فلسفة ومنطق» نقلا عن مخطوطة مكتبة أحمد الثالث بتركيا. كما أن له أكثر من نسخة خطية بدار الكتب المصرية. وأورد الأب قنواتي هذا الكتاب في فهرسه تحت رقم ۸ « فلسفة عامة». وهذا الكتاب غير كتاب التعليقات على حواشي كتاب النفس لأرسطو المذكورة آنفاً.


۲۲ - رسالة في الحدود: أشارت قوائم المؤلفات القديمة والحديثة إلى هذه الرسالة. ويعرف ابن سينا في هذه الرسالة ثنتين وسبعين مصطلحاً تعريفات موجزة دقيقة. وقد ذكر ابن سينا في أول هذه الرسالة سبب تأليفها قائلا إن جماعة من أصدقائه سألوه ذلك وألحوا في سؤالهم ورغبوا في أن يدلهم على مواضع الزلل التي في الحدود. نشرت هذه الرسالة ضمن كتاب «تسع رسائل فى الحكمة والطبيعيات » لابن سينا - القاهرة سنة ١٣٢٦ هـ - سنة ۱۹۰۸ م. 


وترجمتها الآنسة جواشون خازنة دار الكتب في كلية الطب بباريس سنة ١٩٣٣ م بعنوان: أ.م.جويتشون: مقدمة لابن سينا، رسالة التعريفات. ترجمة وملاحظات تمهيدية للسيد آسين بالاسيوس.


ثم نشرت هذا الكتاب نشرة ممتازة مع ترجمتها إلى الفرنسية سنة ١٩٦٣ م اعتماداً على مخطوطات جديدة وصدرت بمناسبة ذكرى ابن سينا - الكتاب السادس المعهد العلمى الفرنسي للآثار الشرقية بالقاهرة. وقد أدرج الأب قنواتي رسالة الحدود تحت رقم ٩ «فلسفة عامة».


٢٣- أقسام العلوم العقلية: يقول ابن سينا في أول هذه الرسالة: (وبعد فقد التمست منى أن أشير إلى أقسام العلوم العقلية إشارة تجمع إلى الإيجاز الكمال، وإلى البيان الإلمام فبادرت إلى مساعدتك ونزلت عند اقتراحك) ؛ وقد قسم ابن سينا هذه الرسالة إلى عدة فصول تناول بالبحث فيها ماهية الحكمة وأقسامها النظرية والعملية وأقسام الحكمة الطبيعية وفروعها والحكمة الرياضية والأقسام الأصلية للعلم الإلهى وفروعه وختمها ببيان أقسام المنطق.


طبعت هذه الرسالة ضمن تسع رسائل فى «الحكمة والطبيعيات» - القاهرة سنة ١٣٢٦هـ - سنة ۱۹٠٨م (۲). كما طبعت في مجموعة محيي الدين الكردى سنة ۱۳۲۸ هـ - من ص ٢٢٤ إلى ص ٤٣، وأدرج الأب قنواتي هذه الرسالة في فهرسه تحت رقم ٤ «فلسفة عامة».


٢٤- رسالة في أجوبة مسائل سئل عنها أبو ريحان البيروني: يتناول ابن سينا في هذه الرسائل عدة مسائل مشكلة في كتاب السماء والعالم لأرسطو أشكلت على البيرونى ويجيب عليها. 


ويقول في أولها: سألت أدام الله سلامتك الإبانة عن مسائل ما تراه جديراً بأن يؤخذ على أرسطو طاليس إذ تكلم عنها في كتابه الموسوم بالسماء والعالم.


وطبعت هذه الرسالة بالقاهرة سنة ۱۹۱۷ م - طبعها محيى الدين صبري الكردي في «جامع البدائع» - الرسالة الحادية عشرة من ص ١١٩ إلى ص ١٥١.


كما نشرها حلمى ضيا أولكن فى مجموعة رسائل ابن سينا ج ٢ من ص ١٠ إلى ص ٣٥ مطبعة إبراهيم خروز - إستانبول سنة ١٩٥٣م، وقد أدرجها الأب قنواتي بفهرسة تحت رقم ٥٤ «طبيعة».



٢٥- جواب ست عشرة مسألة سأل عنها أبو ريحان البيروني: أدرج الأب قنواتى هذه الرسالة في فهرسه تحت رقم ١ فلسفة عامة. ونشرت هذه الرسالة سنة ١٩٥٣ م - نشرها حلمى ضيا أولكن في الجزء الثاني من رسائل ابن سينا من ص ٢ إلى ص ٩.


٢٦- أجوبة عشر مسائل: يجيب ابن سينا في هذه الرسالة عن بعض المسائل التي سئل عنها - وتتناول هذه الأسئلة الموضوعات الآتية:


  • معنى مفارقة العلة الأولى.
  • حقيقة الطبع ومعنى الطبيعة.
  • حقيقة النفس الكلية والعقل الكلى والروح وهل هذه جواهر . وهل كل ذلك أحياء أم لا ؟.
  • تعلق الحياة بالشمس والقمر وسائر الكواكب ..
  • هل يجوز أن يكون القديم أكثر من واحد.
  • حقيقة الواحد وماهيته.
  • الفرق بين فعل الإرادة وبين فعل الطبع.
  • بيان حقيقة المعدوم.
  • بيان حد الموجود.


١٠- كيفية تعلق الفعل بالفاعل: ونشر حلمي ضيا أولكن هذه الرسالة في الجزء الثاني من رسالة ابن سينا من ص ٧٦ إلى ص ۸۲ - مطبعة إبراهيم خروز - إستانبول سنة ١٩٥٣م.


وأدرك الأب قنواتى هذه الرسالة في فهرسه تحت رقم ٢ «فلسفة عامة». 


على الرغم من اختلاف أول مخطوطات هذه الرسالة مع مخطوطات رسالة في أجوبة مسائل سئل عنها أبو على الحسين بن عبد الله بن سينا وفصول من كلامه، التي أدرجها الأب قنواتى في فهرسه تحت رقم ١٧٦ ميتافيزيقا وتوحيد، إلا أن هذين الاسمين المدرجين تحت رقمين مختلفين  «فلسفة عامة»، ١٧٦ ( ميتافيزيقا وتوحيد اسم لكتاب واحد. وبالرجوع إلى تفصيل المسائل في نشرة أولكن؛ وكذلك بالرجوع إلى قائمة دار الكتب المصرية لأسماء مؤلفات ابن سينا تبين لى أن الرقمين في الغالب الرسالة واحدة.


۲۷- رسالة في جواب المسائل: نشر هذه الرسالة حلمى ضيا أولكن ضمن «رسائل ابن سينا» ج ۲ من ص ٧٢ إلى ص ٧٥. مطبعة إبراهيم خروز بإستانبول سنة ١٩٥٣ م. وأدرجها الأب قنواتى بفهرسه تحت رقم ٣ «طبيعة»، بعنوان «السؤال والجواب».


ويجيب ابن سينا في هذه الرسالة عن بعض المسائل ومنها قول القائل بأن النار جوهر لأنها مركبة من هيولى وصورة، ولكل مركب من هيولى وصورة فهو جسم وكل ما صدق فيه القول بأنه جسم صدق فيه القول بأنه جوهر، فيصدق القول في النار


إنها جسم ويصدق فيها أنها جوهر. ومنها الرد على أن الشيء الواحد يرتقى إلى مقولتين من جهة واحدة. وبيان أن الشيء الواحد يرتقى إلى مقولات كثيرة من جهات مختلفة. ومنها تحليل قول القائل بأنه إذا لم يكن هناك ضد للجوهر، والحرارة والبرودة والخفة والثقل لها أضداد، فيصير للجوهر ضد، وهذا محال.


۲۸- جواب السؤال بعض المتكلمين: نشر هذه الرسالة حلمى ضيا أولكن ضمن رسائل ابن سينا ج ٢ من ص ١٥٥ ١٩٥٣ الى ص ١٥٩ مطبعة إبراهيم خروز - إستانبول. وأورد الأب قنواتى هذه الرسالة في فهرسه تحت رقم ٦٧ «طبيعة» بعنوان «الفضاء». وهذه الرسالة تدور حول تفسير حقيقة الفضاء والخلاء وأدلة القول بهما أو نفيهما.


فلسفة ابن سينا


عندما نتعمق بدراسة انتاج ابن سینا الفلسفي العقلاني العرفاني يتبين لنا أنه لم يتقيد بمذهب فلسفي واحد معين أسوة بغيره من فلاسفة وحكماء عصره، بل نلاحظ أنه كان يعتمد على أفکار وآراء بعض فلاسفة اليونان القدامى أمثال أفلاطون وأرسطو خاصة، ومن ثم نراه يقف حائرا أمام المذهب الاسکندرانی، وينطلق في فلسفته العقلانية معتمدا على ماذهب اليه الفارابي في حكمه واقواله.


ومن الكتب العقلانية الفلسفية التي أعيت ذكاء وعبقرية ابن سينا كتاب (ما وراء الطبيعة) للحكيم اليوناني أرسطو.


فقد أطلع عليه وقرأه - كما يشير ابن سينا الى ذلك بالذات - أربعين مرة .. ولكنه عجز عن فهمه، وعن استيعاب النظريات العقلانية التي حشدها أرسطو فيه.


ويحدثنا ابن سينا عن هذا الموضوع فيقول: ... وعدلت الى (العلم الإلهي) وقرأت كتاب ما وراء الطبيعة، فما كنت أفهم ما فيه ! والتبس علي غرض واضعه حتى أعدت قراءته أربعين مرة، وصار لي محفوظا عن ظهر قلب، وأنا مع ذلك لا أفهمه ولا أفهم المقصود به! ويئست من نفسي وقلت: هذا كتاب لا سبيل الى فهمه. 


وإذا أنا في يوم من الأيام حضرت وقت العصر في الوراقين و بيد دلال مجلد ينادي عليه .. فعرضه علي فرددته رد متبرم معتقد الا فائدة في هذا العلم. 


فقال لي: اشتر مني هذا .. فإنه رخيص أبيعه بثلاثة دراهم .. لأن صاحبه محتاج الى ثمنه .. فاشتريته .. فاذا هو كتاب لأبي نصر الفارابي في أغراض كتاب ما وراء الطبيعة، ورجعت الى بيتي وأسرعت في قراءته فانفتح علي في الوقت أغراض ذلك الكتاب .. بسبب أنه كان لي محفوظا .. .. عن ظهر قلب، وفرحت بذلك وتصدقت في ثاني يومه بشيء كثير على الفقراء شكرا لله سبحانه وتعالى ..» .


وهكذا نجد ابن سينا رغم ما يتمتع به من ذكاء خارق وعبقرية فذة يعترف بصدق وأمانة بأن الفارابي كان صاحب فضل عليه، وكان أذكى منه في فهم أغراض كتاب ما وراء الطبيعة.


ومن وقتها حرص ابن سينا على مطالعة كافة أعمال الفارابي العرفانية، ووثق بأفكاره العقلانية الفلسفية ط، وخاصة ما يتعلق منها بالفيض، والمنطق والالهيات، فاعتنقها وأخذ فيها فيما بعد، وتبناها في أبحاثه ونظرياته التي حدد فيها معالم تفكيره الفلسفي، وحكمته العرفانية.


ومما لا شك فيه أن ابن سينا خصص جل أبحاثه ومطالعاته حول النفس الإنسانية، وتحليل ماهيتها وانفعالاتها وما تعانيه من أمراض تحول دون سعادتها، ويلاحظ بأنه صنف أكثر من ثلاثين رسالة عن النفس الإنسانية، منها (رسالة فوق القوى النفسية) ورسالة (في معرفة النفس الناطقة) وغيرهما من الرسائل الاخرى.


وتظهر معالم النفس الانسانية عند ابن سينا في جميع مؤلفاته العرفانية العديدة التي خصص أبوابا منها لبحث الأمور النفسية ومقوماتها وعللها ومعلولاتها، كما دبج القصص الرمزية الهادفة الى اظهار انفعالات النفس البشرية وأسبابها كقصته في (رسالة الطير) وقصة (سلامان وأبسال) وقصة (حي بن يقظان) وغيرهما من القصص الاخرى.


ولما كان ابن سينا ينظم الشعر باللغة العربية بأسلوب علمي سلس رقيق ينم عن موهبة شعرية فذة فقد نظم قصيدة طويلة رائعة عن النفس البشرية. (٣)


قائمة المراجع:


١- شيماء غازي أسعد، فكرة الموت عند فلاسفة الإسلام ابن سينا أنموذجاً، رسالة ماجستير، كلية الآداب، جامعة بغداد، ٢٠٠٤، ص ٤٣-٤٤-٤٥.


٢- د. محمد عاطف العراقي، الفلسفة الطبيعية عند ابن سينا، مكتبة الدراسات الفلسفية، دار المعارف، ط٢، ١٩٩٨، ص ٤٣-٦٩.


٣- د. مصطفى غالب، ابن سينا، في سبيل موسوعة فلسفية، منشورات دار ومكتبة الهلال، ١٩٩١، ص ٣١-٣٢-٣٣-٣٤



reaction:

تعليقات