بحث عن الفيلسوف فريدريك نيتشه
ولد نيتشه في أواسط القرن التاسع عشر، في ١٥ اکتوبر من عام ١٨٤٤، في بلدة ريكن قرب ليبتسج.
وصادف يوم مولده، يوم عيد الملك البروسي الحاكم فريدريك غليوم الرابع.
وقد جلبت هذه المناسبة السعيدة السرور إلى قلب والده الذي ربي العديد من أعضاء العائلة المالكة، فأطلق على وليده الجديد اسم فريدريك تينما باسم الملك، وبهذا الصدد يقول نيتشه: «لقد كانت هناك في كل الأحوال، فائدة واحدة في اختيار هذا اليوم لولادتي، إذ أن يوم مولدي كان طيلة أيام طفولتي يوما للاغتباط الشعبي».
والجدير بالملاحظة أن أسرة نيتشه وأجداده لأبيه، كان معظمهم من رجال الدين، وأمه تنحدر من أسرة ايلر التي شغل كثير من أفرادها مناصب دينية.
ولذلك لعب الدين دورا هاما في طفولته، فسمى نفسه «عدو المسيح» وكرس حياته ليوجه إلى الدين أعنف الانتقادات.
يرسم ويظهر أن وفاة أبيه وهو في سن الخامسة جعلته له صورة أسطورية، ويمتدح فيه صفات لا شك أنه لم يلمسها فيه عن كثب، اذ لا يعقل أن يكون قد حلل شخصية أبيه وهو دون الخامسة من عمره، وعلى العموم، فقد عاش نيتشه بعد وفاة أبيه في بيئة نسائية خالصة، ولا بد أن هذه البيئة لم تكن تروق له، إذا حكمنا على الأمر في ضوء حملة نيتشه العنيفة على المرأة فيما بعد
وفي عام ١٨٥٨ التحق نيتشه بمدرسة بفورتا .. ثم غادرها الى جامعة بون بعد ست سنوات. ولما انتقل معلمه في اللغويات، ريتشل الى ليبتسج، لحقه نيتشه إليها. وخلال تلك الفترة بدأ اتجاهه يتبلور في دراسة اللغويات والآداب الكلاسيكية، وراح ينصرف عن الأمور اللاهوتية، بعد أن كان في الاصل ينهد الى التخصص فيها. وظل نيتشه في الجامعة أربع سنوات، تخللها فترة خدمة عسكرية انتهت بحادثة.
ومن المستغرب أن يختار نيتشه، في نفس العام الذي أنهى فيه دراسته الجامعية، أستاذ لفقه اللغة في جامعة بازل، بعد توصية من معلمه ريتشل، الذي وصفه لدى المسئولين هناك بالعبقرية النادرة. وهكذا بدأت مرحلة شاذة في حياة نيتشه، هي مرحلة التعليم في الجامعة.
وفي تلك الفترة اهتدى نيتشه الى مصدرين أساسيين من المصادر التي اقتبس منها تفكيره، ودارت مجمل فلسفته حولها، اما بالعرض أو بالنقد، وأعني بهما شوبنهور وفاجنر.
حياته الفكرية
يقسم بعض الباحثين حياة نيتشه الفكرية الى مراحل عدة، وفي ضوئها صنفوا نتاجه الفكري، وفقاً لثلاث مراحل، انتظم نتاجه خلالها، وهي المرحلة الأولى الميتافيزيقية أو الرومانسية، وهي التي يفسر فيها الوجود تفسيراً ميتافيزيقياً، ويبرز بوصفه ظاهرة جمالية، والمرحلة الثانية هي المرحلة الوضعية أو النقدية، وهي التي يرتد منها عن الميتافيزيقيا هجوماً شديداً ويتحول الى النزعة الوضعية وروح التنوير المرحلة الثالثة والأخيرة هي مرحلة النضج، التي يشن فيها حرباً على كل القيم الخلقية، ويبشر بالانسان الأعلى والعود الأبدي، وتفسير كل شيء بإرادة القوة. (٢)
ترحاله من ألمانيا
تخلى نيتشه عن الجنسية الألمانية في سنة ١٨٨٠، وكانت تنقلاته السنوية مرتكزة بين منزل والدته في مدينة ناومبرغ ودول فرنسا وسويسرا وإيطاليا وألمانيا، وهذا التنقل بين هذه الدول لم يمتد لفترة طويلة بل لعدة أشهر معدودة.
وكان نيتشه يسافر في فصل الشتاء الى فرنسا وبالتحديد مدينة نيس على ساحل البحر المتوسط، وفي فصل الصيف يسافر الى سويسرا الى قرية سيلس-ماريا. (٣)
مؤلفاته
الف نيتشه عدد من المؤلفات في مسيرة حياته، نذكر منها: (٤)
- كتاب من حياتي، تاريخ النشر سنة ١٨٥٨.
- كتاب عن الموسيقى، تاريخ النشر سنة ١٨٥٨.
- كتاب نابليون الثالث كرئيس، تاريخ النشر سنة ١٨٦٢.
- كتاب القدر والتاريخ، تاريخ النشر سنة ١٨٦٢.
- كتاب الإرادة الحرة والقدر، تاريخ النشر سنة ١٨٦٢.
- كتاب العلم والمرح، تاريخ النشر سنة ١٨٨٢.
- كتاب الفجر، تاريخ النشر سنة ١٨٨١.
- كتاب هو ذا الأنسان، تاريخ النشر سنة ١٨٨٨.
- كتاب قفصية فاغنر تاريخ النشر سنة ١٨٨٨.
جنونه ووفاته
في سنة ١٨٨٨ أصيب نيتشه بالجنون، وخلال هذه الفترة ظل نيتشه يصارع العديد من الأمراض ومنها الصرع وضعف البصر إلى أن توفي سنة ١٩٠٠. (٥)
قائمة المراجع:
١- مصطفى غالب، نيتشه، في سبيل موسوعة فلسفية ٩، منشورات مكتب دار الهلال، ١٩٨٨، ص ١١-١٣.
٢- أ.م. سنا صباح آل خالد، حول فلسفة نيتشه، كلية الآداب، الجامعة المستنصرية، ص ٦٥.
٣- مجول شعلان، الفلسفة الأوروبية، ٢٠٢٣، ص ٢٤.
٤- المرجع السابق نفسه، ص ٢٦.
٥- فاطمة صياد، الوظيفة الرمزية للأسطورة في فلسفة نيتشه، مجلة متون (Moutoune) / ج د. مولاي الطاهر سعيدة، المجلد ١٤، العدد ٢، ٢٠٢١، ص ٥١.