بحث عن أفلاطون مع المراجع

بحث عن أفلاطون مع المراجع

ولد أفلاطون نحو عام ٤٢٧ ق.م.، وكان والداه، آریستون وپیریکتیونی ينتمي كل منهما لأسرة أثينية عريقة. لكن الحرب البيلوبونيزية المدمرة كانت قد نشبت قبل سنتين من مولده ودامت حتى تجاوز العشرين، فنشأ وسط جو المآسي والكوارث التي جاءت بها تلك الحرب الغشوم التي انتهت بهزيمة مهينة لأثينا.

تبدت مواهب أفلاطون الإبداعية مبكرا، واتجه لنظم الشعر والتأليف المسرحي، لكن يبدو أن تأثره بشخصية سقراط وفكره صرفه عن الشعر إلى الفلسفة.


ومن المرجح أن يكون أفلاطون قد رأى سقراط وهو لم يزل طفلا صغيرا، ومن المؤكد أنه لازمه في السنوات العشر الأخيرة قبل موته.


بعد إعدام سقراط في عام ٣٩٩ غادر أفلاطون أثينا وأمضى اثنتي عشرة سنة في ترحال، التقى خلاله بعديد من دارسي الفلسفة والرياضيات، ويحتمل أن يكون قد أمضى بعض الوقت فى مصر.


ولعله كتب معظم أعماله الباكرة في فترة الترحال هذه بعدها عاد إلى أثينا حيث أسس في عام ٣٨٧ مدرسته الفلسفية في حديقة خارج أسوار المدينة مكرسة لـ أكاديموس، فعرفت المدرسة باسم الأكاديميا. وبقيت أكاديمية أفلاطون منارة للإشعاع الفكرى أكثر من تسعة قرون متصلة حتى أغلقها الإمبراطور جستنيان عام ٥٢٩ م.


بحجة تعارض تعاليمها مع تعاليم الكنيسة، رغم أن الكنيسة في نشأتها كانت قد استعارت الكثير من الفكر الأفلاطوني.

بحث عن أفلاطون مع المراجع


بعد تأسيس الأكاديمية تفرغ أفلاطون للدرس والتعليم، ويبدو أنه انقطع عن الكتابة زمنا، غير أنه عاد إليها في وقت متأخر - عاد إليها مع اختلاف في أسلوب الكتابة وفي الموضوعات التي تعالجها تلك الكتابات المتأخرة.

لكن يبدو أنه رغم حرص أفلاطون على التفرغ لمدرسته في العقود الأربعة التي تشكل النصف الثاني من حياته، فإن الظروف اضطرته لترك مدرسته والسفر إلى سراقوسة في صقلية، في ٣٦٧، ٣٦١، استجابة لطلب ديون، شقيق زوجة ديونيسيوس الثانى ملك سراقوسة، في محاولة لإقناع الملك الشاب بأن يجد في دراسة الفلسفة، حتى يحكم حكما مستنيرا يحقق بعض حلم أفلاطون في قيام نظام سياسي تسوده الحكمة. إلا أن المحاولة، لأسباب عديدة باءت بالفشل، بل كانت خاتمتها مأساوية.


مات أفلاطون في ٣٤٧ في نحو الثمانين، بعد أن كان قد فرغ لتوه من تأليف كتابه الأخير، القوانين، وقبل أن يتاح له أن يراجعه مراجعة أخيرة. وخلفه في رئاسة الأكاديمية سپیوسیپوس ابن شقيقته. (١)


فلسفته


من خلال الاطلاع على حياة أفلاطون نجد أن فلسفته تتكون من مجموعة متنوعة من الأفكار والآراء طرحها خلال مسيرة حياته، فأفلاطون في فلسفته لم يعتمد فقط على الفلسفة اليونانية بل سافر إلى مجتمعات متعددة بغرض زيادة معرفته وفلسفته.


وأن هذه التنقلات والمعرفة التي حصل عليها أثرت في أفكاره، وظهر هذا الأمر جلياً في كتابه الجمهورية، وفلسفته اعتمدت على الترابط بين المجتمعات والكيانات المختلفة، والاعتماد على الأساسي منها، وأفلاطون يفترض أنها أبدية غير نهائية، والوصل إليها يعتمد على العقل لا الحواس. (٢)


مؤلفاته


  1. كتاب جمهورية أفلاطون: تاريخ النشر سنة ١٧٩٣.
  2. كتاب محاورات أفلاطون: تاريخ النشر سنة ١٨٩٢. (٣)


تأثره


تأثر أفلاطون بالعديد من العوامل التي تركت بصماتها الواضحة على أفكاره، ومن أهمها تلمذته على يد سقراط حيث لازمه لمدة أربع سنوات وتوثقت الصلة بينهما، ثم إعدام سقراط نتيجة لأفكاره حيث جاءت


أفکار أفلاطون متأثرة ومستلهمة من آراء سقراط. ويبدو هذا من افكاره في شبابه كما عبر عنها، في الجمهورية، وبعد موت سقراط هاجر أفلاطون من أثينا الى صقلية، وقد باعه ملكها ديونيسيوس الأول - الذي عرف باستبداده كرقيق، ولكنه أعتق بنقود كبيرة، وعاد لأثينا ليكرس جهده لنشر تعاليم أستاذه سقراط. (٤)


أسلوبه ومنهجه


يغلب على مؤلفات أفلاطون طابع المحاورة، وهو أسلوب كان شائعا في العصر الذي ازداد فيه نشاط السفسطائيين وسقراط، على أن أفلاطون قد حاول أن يجعل من المحاورة وحدة أدبية تجمع أصول الدراما - كما عرفت عند اليونان.


وهي التي تلتزم الوحدة الثلاثية: الزمان والمكان والظروف المحيطة بالشخصيات والحوادث.


وتتخلل هذه المحاورات مناقشات بين سقراط ومجادليه من السفسطائيين أو معارفه ومخالطة المشهورين من أهل أثينا في عصره، أو أقرباء أفلاطون نفسه، وتتضمن المناقشة عرضا لمشكلة من المشاكل بالتفصيل على طريقة البحث المستفيض، وقد يتبع في بعض الأحايين أسلوب الخطاب الشخصي أو أسلوب الأسطورة، ويتميز أسلوبه في المناقشة باعتماده على منهج التوليد السقراطي، ونرى مثالا لذلك في محاورة "مينون" وهو يستعين أيضا الأسلوب الرمزي كما في أسطورة الكهف في "الجمهورية" وفي أسطورة إروس في محاورة "المائدة" ثم يلجأ إلى الأسلوب الرياضي في وصفه للمثل، كما هو الحال في محاورة "فيليبوس" وفيما عرف عنه من آراء شفوية، وبالإضافة إلى تنوع أساليب الكتابة والمناقشة عند أفلاطون نجد لديه معظم آراء المدارس الفلسفية السابقة عليه فضلا عن تأثره المباشر "بسقراط" ومحاولته إدماج تعاليم الأورفية في مذهبه - فقد أدخل في هذا المذهب جملة من الآراء المتعارضة: تغير هرقليطس وثبات بارمنيدس وأعداد الفيثاغوريين وعناصر انبان وقليس وذرات يموقريطس، ومذهب أنكشاغوراس في العقل، ولهذا فقد اضطر إلى اتباع منهج التوفيق بين هذه الآراء المتعارضة التي حشدها في مذهبه، ونراها تخضع في النهاية للطابع العام للفكر الأفلاطوني.


هذه العناصر المختلفة التي تفاعلت في إنتاج أفلاطون أدت إلى ظهور عدة تفسيرات لمذهبه، وجعلت من الصعب على المؤرخ أن يطمئن إلى تفسير واحد معين لنصوص أفلاطون، وعلى الجملة فإن مذهب أفلاطون قد تعرض خلال العصور المختلفة لتأويلات وتفسيرات شتى. (٥)




قائمة المراجع:


١- داود روفائيل خشبة، أفلاطون قراءة جديدة، ط١، المركز القومي للترجمة، ٢٠١٢، ص ٣٩٥-٣٩٦.


٢- مجول شعلان، الفلسفة الأوروبية، ٢٠٢٣، ص ١٣.


٣-  المرجع السابق نفسه، ص ١٤.


٤- حورية توفيق مجاهد، الفكر السياسي من أفلاطون إلى محمد عبده، ط٧، ٢٠١٩،  ص ٧٥-٧٦.


٥- محمد على أبو ريان، تاريخ الفكر الفلسفي الفلسفة اليونانية من طاليس إلى أفلاطون، ط٢، دار الوفاء لدنيا الطباعة والنشر، ٢٠١٤،  ص ١٣٥-١٣٦.



مكتبة جواد
مكتبة جواد
تعليقات