بحث عن زهير بن أبي سلمى

بحث عن زهير بن أبي سلمى

هو زهير بن أبي سلمى بن ربيعة بن رياح ابن قرط بن الحارث بن مازن بن ثعلبة ابن ثور بن هذمة بن لاطم بن عثمان المزني المضري.

ولد سنة ٥٣٠ م في بلاد مزينة، وقيل أنه وُلِدَ في منازل بني مرة وبني عبد الله بن غطفان في العقد التاسع قبل الهجرة. 


وكان ذلك سبباً في اضطراب الروايات حول نسبه، فاعتقدوا أنه غطفاني النسب كما جعله ابن قتيبة في كتابه الشعر والشعراء، وحجته في ذلك أنه ليس له، أو لأبنائه شعر ينتمون به إليها إلا بيت كعب بن زهير وهو قوله:


هم الأصل مني حيث كُنتُ وإنني … من المُزَنِيِّينَ المُصفَينَ بالكَرَم.


رداً على مزرد بن ضرار الغطفاني الذي دفع نسب كعب في غطفان، وردَّه إلى مزينة فلم ينكر كعب عليه ذلك بل أثبت بهذا الشعر أنه منها.

زهیر بن أبي سلمى


وفي الحقيقة أن زهير مزني النسب، غطفاني النشأة بإجماع الرواة أمثال ابن الأعرابي، وابن الكلبي، وأبي الفرج الأصفهاني.


مات والده وهو صغير، نشأ يتيماً في منازل بني غطفان أخوال أبيه بعد أن تزوجت والدته بالشاعر التميمي أوس بن حجر.


عاش في كنف خاله بشامة بن الغدير الذي كان أشعر غطفان في زمانه. أعجب زهير بشعره كثيراً حتى دعاه بالخال فأورثه الشعر، والمال، والخلق الحسن.


وقد روي عن بشامة أنه قال لزهير: "إني أعطيتك ما هو أفضل من المال. فقال زهير ما هو ؟ فقال له شعري". وذلك عندما لم يقسم له شيئاً من ميراثه قبل وفاته.


تزوج زهير من امرأتين الأولى أم أوفى التي طلقها بعد أن أنجبت له أولاداً ماتوا جميعاً، والثانية كبشة بنت عمار التي أنجبت له ثلاثة من الأولاد كعب، وبجير، وسالم.


مع العلم بأن سالماً مات في حياة والده، وقد رثاه ببعض شعره. 


توفي زهير سنة ٦٢٧م أي قبل البعثة قبل إسلام ولديه لأن الرواة لم يذكروه معهما. (١)


العوامل التي أثرت في شخصيته الشعرية


لقد تكاملت شخصية زهير الشعرية بنتيجة عوامل شتى لعل أهمها: (٢) 


  1. النفسية المتفتحة الشفافة؛ والفكر المتقد، والملاحظة الدقيقة التي كان يتمتع بها.
  2. الأخلاق الشخصية: التي تمثلت في أفكاره السلمية، وعفته الذاتية، وتحفه الشديد، وحبه للخير، والدعوة له، والثناء على فاعليه .. وبالاختصار تمتعه بشتى الصفات الحميدة.
  3. البيئة العائلية: التي شب في أحضانها العابقة بالأريج الشاعري من كل جانب، فأبوه - كما يروى - شاعر، وأختاه سلمى - والخنساء شاعرتان أيضاً، وكذلك خاله بشامة بن الغدير شاعر غطفان ومستشارها وكبير حكماتها، إلى جانب زوج أمه أوس بن حجر شاعر مضر الكبير، الذي تنسب إليه المدرسة الشعرية المعروفة باسمه.
  4. البيئة القبلية: التي نشأ فيها، في أواخر العصر الجاهلي، والتي كانت تمثل انحطاطاً فكرياً، واضطراباً اجتماعياً وسياسياً، لعل أبرز مظاهرهما، تلك المنازعات القبلية، والحروب، والغزوات والثارات، التي بلغت من الشدة والضراوة حد الانجراف بالمجتمع العربي آنذاك إلى الدمار والانقراض، لولا ما برز في تلك الحقبة من أفكار تدعو للسلم والإخاء، مقترنة لدى البعض بالأفعال ودفع الأموال، فوضعوا بذلك حداً فاصلا لتلك المآسي، وأثروا بشكل مباشر في شاعرنا زهير، وأثاروا اعجابه، فأثنى عليهم بأماديح خلدتهم وخلدت فعل الخير الى الابد.


شعر زهير


زهير شاعر من شعراء الجاهلية، وصف بأنه حكيم شعرائها، من أصحاب المعلقات، أحاط به الشعر من جميع الأطراف كما قال عنه ابن الأعرابي: "كان لزهير في الشعر ما لم يكن لغيره كان أبوه شاعراً، وهو شاعر، وخاله شاعر، وأخته سلمى شاعرة، وابناه كعب، وبجير شاعران، وأخته الخنساء شاعرة" مما يدل على أصالة شاعريته العريقة المتميزة.


كان شاعراً مقدماً على سائر شعراء عصره، وضع في الطبقة الأولى، وقدمه أهل الحجاز، والبادية على غيره. قال عنه ابن سلام الجمحي في طبقاته: "من قدم زهيراً أحتج بأنه أحسنهم شعراً، وأبعدهم عن سخف، وأجمعهم لكثير من المعاني في قليل من اللفظ، وأشدهم مبالغة في المدح، وأكثرهم أمثالاً في شعره". 


كما جعله أبو الفرج الأصفهاني في كتابه الأغاني أحد الثلاثة المتقدمين على سائر الشعراء وهم امرؤ القيس، والنابغة، وزهير، وقد اختلف في تقديم أحدهم على صاحبيه، ومنهم من يفضله عليهما.


وهذا مما يدل على متانة السبك لدى زهير في شعره، ورصانة الأسلوب، وجودة التراكيب، ووضوح المعاني، وقوة التعبير، وتناسق الأفكار. (٣)


وأهم السمات البارزة في شعره ما يلي: (٤)


  1. الاتزان، والعقل، والتفكير من خلال الربط الواضح بين العقل، والقول والفعل والقاعدة، والسلوك، وهي سمة واضحة في جميع أغراضه الشعرية.
  2. الإيجاز، والبلاغة: أي الوصول إلى المعنى الجيد في قليل من القول نتيجة التنقيح والتهذيب الذي عرف به، وسمي بذلك شاعر الحوليات أي من الشعراء المعنيين بقصائدهم مما فيه دلالة واضحة على كيفية نسج الجملة عنده فنلاحظ أنها تأخذ أبعاداً معينة قد لا نجدها عند غيره من الشعراء. كان يتعهد شعره، ويعمل موازنة دقيقة بين التراكيب، وتكوين عدد من البدائل اللغوية في ذهنه بحيث يختار في النهاية ما يرضيه، ويقدمه في قصيدته.
  3. قدرته على الإبداع، والإحسان في إعادة النظر للشعر، والمداومة على صياغته جيداً حيث اعتبره العلماء من أصحاب مدرسة الصنعة.
  4. نظام الشعر عنده متلاحم، ومتماسك، ومترابط رغم استقلالية كل بيت لديه بمعناه الجزئي خاصة في الأبيات الثلاثة عشر الأخيرة من المعلقة. ود/ محمد حماسة عبد اللطيف في كتابه الجملة في الشعر العربي أشار إلى ذلك بقوله: "البيت الشعري مهما بدأ مستقلاً في بنيته الخارجية من حيث النحو والعروض يخضع للبنية الدلالية العميقة لقصيدته".
  5. السهولة، والوضوح، والبيان نتيجة تجنبه الغموض، والتعقيد، وتداخل الكلام، وهذا ظهر جليا في قول عمر بن الخطاب: "كان لا يعاظل في الكلام، ولا يتبع وحشية .. ".
  6. قوة التعبير، والبراعة في التصوير من خلال قصائده في المدح، والهجاء، والوصف فيكون شعره في الوصف بالذات سهل في موضع الرفق، وقوي في موضع الشدة، وذلك عن طريق استخدامه التناسق، والترتيب، وتخير المعاني، والألفاظ العذبة المتلائمة مع المعنى.
  7. الصدق: أي رجل بعيد عن السخف، والكذب لا يقول إلا ما يعرف، ولا يمدح أحداً إلا بما فيه، وإذا بالغ في المدح تكون مبالغته مقبولة تجعله يصف ممدوحه بجميع الصفات الحسنة.
  8. الإكثار من الأمثال والحكم الرائعة نتيجة تجاربه، وخبرته بالحياة فهو رجل مجرب عرك الحياة، وعركته.


أغراضه الشعرية


لقد نظم زهير في جميع الأغراض الشعرية تقريباً: (٥)


  1. في الوصف: الذي انبث في جميع قصائده تقريباً، حتى ليعتبر القاسم المشترك الأعظم بين مقاطعها. 
  2. وفي المديح: الذي وقف جل حياته الشعرية عليه وأجاد به اجادة تامة، حتى اعتبر من أوائل المادحين.
  3. وفي الحكمة: التي نجدها تحتل شطراً لا بأس به من أشعاره، لتجعله من الشعراء الحكماء المعدودين.
  4. وفي الغزل: الذي ربما قاله لضرورة سلم القصيدة الجاهلية، باعتبار انه لم يعرف عنه أنه أحب، ولو حدث ذلك، لرأينا انفعالات عاطفية أخاذة، ولفقدنا تلك السمات العقلية البارزة التي تنطبع بها أكثر قصائده.


أما بقية الأغراض الشعرية، فقد كان من البديهي، قلة نظمه فيها:


  • فالهجاء، لم يكن من طبعه الذي تأصل فيه حب السلام والاخاء، وكذلك الفخر، لذلك لا نكاد نعثر في ديوانه إلا على عدد قليل من الأبيات فيهما. 
  • أما الخمر: فإن تعففه وبعده عن اللهو، جعلاه بمنأى عنه فإذا به يقل من النظم فيه. 
  • أما الرثاء: فانه لم يكثر منه، اللهم الا من بعض الأبيات التي قالها في رثاء ابنه سالم، وهرم بن سنان، وسنان بن حارثة المري.


تساؤلات حول زهير بن أبي سلمى 


هل أدرك زهير بن ابي سلمى الاسلام؟


لم يدرك الإسلام لأنه مات قبل الهجرة حسب ما ذكرت المصادر، والله أعلم. 


ماذا كانت تسمى قصائد زهير بن ابي سلمى؟


كانت تسمى الحوليات. 


لماذا سميت معلقة زهير بن ابي سلمى بالحوليات؟


يقال انه كان ينظمها في أربعة أشهر، ويهذبها في أربعة أشهر، ويعرضها على خواصه في أربعة أشهر.


هل زهير بن أبي سلمى من الشعراء المخضرمين؟


نعم، هو من الشعراء المخضرمين. 


إلى أي قبيلة ينتمي زهير بن أبي سلمى؟


ينتمي زهير إلى قبلة مُزينة. (٦)


لماذا يكنى بأبي سلمى؟


كنى بذلك لأن اسم سلمى (بضم السين) فريد لدى العرب كما يقولون، ولذلك رؤى أن يكنى باسم ابنته التي انفردت بهذا الاسم وحدها. وليست هناك غرابة في أن يكنى الرجل باسم ابنته، لأن ذلك كان شائعاً عند العرب. (٧)


قائمة المراجع:


١- أمل حميد محمد الطويرقي، الزمن في شعر زهير بن أبي سلمى دراسة تطبيقية بحث مقدم لنيل درجة الماجستير في اللغة والنحو، كلية اللغة العربية وآدابها، جامعة أم القرى، المملكة العربية السعودية، ٢٠٠٦، ص ٣-٤.


٢- أحمد مطاع قباني، أحمد الكردي، الشعراء النوابغ، عرض - تحليل - دراسة - خصائص،  ص ١٧٤-١٧٥.


٣-  أمل حميد محمد الطويرقي، مرجع سابق، ص ٤-٥. 


٤- المرجع السابق نفسه، ص ٥-٦-٧.


٥- أحمد مطاع قباني، أحمد الكردي، مرجع سابق، ص ١٧٦-١٧٧.


٦- احسان النص، زهير بن أبي سلمى… حياته وشعره، ط٢، ١٩٨٥، ص ٤٩.


٧- د.عبد حميد سند الجندي، زهیر بن ابی سلیمی شاعر السلم في الجاهلية، وزارة الثقافة والإرشاد القومي، المؤسسة المصرية العامة للتأليف والترجمة والطباعة والنشر، ص ٥٣.


مكتبة جواد
مكتبة جواد
تعليقات