بحث كامل عن أبو فراس الحمداني
ولد أبو فراس سنة ٩٣٢ في عهد دولة الحمدانيين في شمالي سوريا.
وكان سيد هذه الدولة في زمنه ابن عمه سيف الدولة.
واسم الشاعر الحقيقي هو الحارث، وقد كني بأبي فراس.
كانت ولادته في الموصل، ويعود بنسبه الى قبيلة بني تغلب العربية الشهيرة التي اشتهرت بالنخوة والفروسية، وأسرته هي الأسرة السيدة على هذه القبيلة.
كانت الدولة العباسية آنئذ في طريق الانحلال. وقد انقسمت على نفسها إلى عدة إمارات ومناطق نفوذ، سيطر في معظمها العنصر الأجنبي من فرس وأتراك وأكراد وغيرهم.
وقدر لدولة الحمدانيين أن تكون الدويلة الوحيدة تقريباً التي يسود فيها العنصر العربي كما قدر لهذه الدولة ان تكون حامية الثغور العربية أمام الدولة البيزنطية المجاورة لها أعظم دول ذلك الزمن عاش ابو فراس في بلاط ابن عمه سيف الدولة فشمله هذا بعطفه، وتعهد تربيته تربية الفرسان الأمراء، لما رآه فيه من دلائل النبوغ وصفات الفروسية.
وقد نشأ ابو فراس فارساً سيداً وشاعراً مبدعاً، فحقق امل سيف الدولة به. (١)
حياته
أبي فراس الحمداني: ذكرت المراجع اسمه بالتفصيل وهو أبو أبو فراس الحارث بن أبي العلاء سعيد بن حمدان بن حمدون الحمداني وهو ابن عم سيف الدولة ابن حمدان.
ولادته: ولد أبي فراس في مدينة منبج عام ٩٣٣م، وهناك من يقول انه ولد في الموصل.
كنيته: يكنى (بأبي فراس).
وفاته والده: عندما بلغ أبي فراس سنة الثالثة من عمره توفي والده.
امه: وتولت أمه تربيته بعد وفاة والده.
أسره: أسر أبي فراس مرتين، الأولى في مغارة الكحل سنة
٣٤٨هـ، أما المرة الثانية فأسره الروم سنة ٣٥١هـ
وفاته: توفي أبي فراس نتيجة الصراع على السلطة مع أبي المعالي ابن سيف الدولة وكان ذلك سنة ٣٧٥ هـ. (٢)
ثقافته
لقد كانت ثقافة أبي فراس ثقافة عربية الجذور تعكس إلمامه بتاريخ العرب وشعرهم وأدبهم، عدا عن ثقافته الدينية الواسعة، ولا عجب في ذلك فقد اهتمت والدته بتربيته، ورعايته منذ الصغر، فأحضرت له المؤدبين الذين علموه مختلف أنواع العلوم، وعندما انتقل أبو فراس إلى كنف سيف الدولة، كانت هذه المرحلة من أشد المراحل تأثيراً بالنسبة إليه من الناحية الفكرية والثقافية، إذ كانت هذه الفترة وما تلقى فيها من علوم من العوامل التي ساهمت في بناء شخصيته الأدبية، فقد اعتنى به سيف الدولة عناية بالغة، وتلقى علومه على العديد من الأدباء مثل ابن خالويه النحوي، وأبي ذر أستاذ سيف الدولة، وقد اتصل أبو فراس بأبي حصين القاضي، فأخذ عنه الكثير من العلوم والشعر. (٣)
فروسيته
مثل أبو فراس الفروسية والفتوة أصدق تمثيل وتحلّى بصفات الفارس الحقيقي، فقد خاض أبو فراس المعارك الكثيرة منذ أن كان فتى، وكان له في ميدان الحرب صولات وجولات، كما تمتع أبو فراس أيضا بما تتطلبه الفروسية من أخلاق نبيلة، ومثل سامية، وقد تضافرت على إضفاء ملامح الفارس عليه عوامل وراثية، واجتماعية ، ونفسية، فقد اتسم بنو حمدان بالشجاعة والفروسية بشهادة الجميع، فعنهم يقول العاملي " نشأ أبو فراس في عشيرة عربية صميمة، تقلب أفرادها في الملك والإمارة قرونا عديدة، وكان لهم أحسن السيرة مملوءة بمحاسن الأفعال، وجميل الصفات من كرم، وسخاء، وعز، وإباء، وصولة، وشجاعة وفصاحة، وبراعة، وحلم، وصفح، وتدبير، وحماية للجار، وحفظ للذمار، ورأي رصين وعقل رزين، إلى غير ذلك، وكلهم أو جلهم شعراء مجيدون أهل شجاعة، وإقدام، تعودوا ممارسة الحروب وقيادة الجيوش، ويندر أوليس بموجود أن يكون فيهم من ليس بشاعر ولا شجاع فارس، وسيف الدولة المتقدم في الرياسة، والإمارة، والشجاعة والكرم، وأبو فراس الفائق بشعره فيهم والمتميز بشجاعته وفروسيته.
وعن بني حمدان يقول أبو فراس:
فلم يخلق بنو حمدان إلا … لمجد أو الحمد أو الجود
ويقول أيضا:
ونحن أناس يعلم الله أننا … إذا جمع الدهر الغشوم شكائمه
إذا ولد المولود منا فإنما ال… أسنة والبيض الرقاق تمائمه
والفروسية لدى أبي فراس هي العنصر الأصيل في تكوين شخصيته، بينما يُعد الشعر أحد مكملات هذه الشخصية يقول :
وصناعتي ضرب السيوف وإنني … متعرض في الشعر بالشعراء
وهكذا فإن افتخار أبي فراس بفروسيته وفتوته على اختلاف ملامحها لم يكن من باب الفخر القائم على تضخيم الأنا، بل هو فخر قائم على أرض الحقيقة والواقع، واقع أبي فراس الذي تعود خوض المعارك منذ نعومة أظافره، كما أن نشأته يتيما علمته الاعتماد على النفس والاعتزاز بها. (٤)
شعره
برع أبو فراس الحمداني في قول الشعر منذ الصغر، فقد هيأت له الظروف والنشأة ذلك وكانت لديه الموهبة والفطرة لقوله، وصف القاضي التنوخي شعر أبي فراس الحمداني بأنه "غاية الجودة". وأن محاسنه كثيرة.
وأما الثعالبي المؤرخ الناقد فوصف شعره بأنه: "مشهور سائر بين الحسن والجودة، والسهولة والجزالة، والعذوبة والفخامة، والحلاوة والمتانة، ومعه رواء الطبع وسمة الظرف، وعزة الملك". ويرى أنه لم تجتمع هذه الخلال قبله إلا في شعر عبدالله بن المعتز"، وأن "أبا فراس يعد أشعر منه عند أهل الصنعة ونقده الكلام"، فالثعالبي يرى هو وغيره من نقاد عصره أن أبا فراس الحمداني أشعر من ابن المعتز، والذي يدرج في الطبقة الثالثة من طبقات الشعراء العباسيين مع أبي تمام والبحتري وابن الرومي وقبل المتنبي؛ وأن المتنبي كان "يشهد له بالتقدم والتبريز، ويتحامى جانبه فلا ينبري لمباراته، ولا يجترئ على مجاراته".
أما ابن شرف القيرواني فيراه "فارس" هذا الميدان... لفظا ومعنى... وكان أشعر الناس في المملكة، وأشعرهم في ذل المملكة.
يقول ابن الأثير: "إن له ديوان شعر جيد". لم يعن أبو فراس الحمداني بجمعه؛ لاشتغاله بما اضطلع به من عظائم الأمور في إدارة ولايته وحروبه، وإنما كان يلقيه إلى أستاذه الإمام النحوي اللغوي الحسين بن أحمد ابن خالويه (370هـ)، ويحظر عليه نشره، فلما قتل أبو فراس الحمداني ووجد أن شعره سار بين الناس؛ انبرى أستاذه وصديقه لجمع ما ألقاه إليه، وشرح بعضه، وقدم لكثير من قصائده بمقدمات تاريخية تشرح مناسبة القصيدة والغرض منها، يقول ابن خالويه في مقدمة الديوان: وما زال رحمه الله إيجابًا لحق الأدب ورعاية للصحبة، وعلما بأهل المحافظة، يلقي إلى دون الناس شعره، ويحظر على نشره، حتى سبقتني وإياه الركبان، فجمعت منه ما ألقاه إلي، وشرحته بما أرجو أن يقرنه الله -عز وجل- بالصواب والرشاد بمنه وطوله، وقوته وحوله.
ومن مميزات شعره التي اختص بها أنه "لا يقدر أن يزور على أبي فراس شعرا". (٥)
تساؤلات حول أبي فراس الحمداني
من أشهر مؤلفات الشاعر أبو فراس الحمداني؟
أشهر قصائد أبي فراس الحمداني هي:
- أراك عصي الدمع شيمتك الصبر.
- أما يردع الموت أهل النهى.
- تقر دموعي بشوقي اليك.
- ليتك تحلو والحياة مريرة.
ما هي ديانة أبو فراس الحمداني؟
ابي فراس الحمداني مسلم.
كيف كانت نهاية أبو فراس الحمداني؟
كانت نهايته أبي فراس نتيجة صراع على السلطة مع أبي المعالي ابن سيف الدولة، والتي على أثرها قتل أبي فراس سنة ٣٧٥ هـ.
ما هو لقب أبو فراس الحمداني؟
لقبه هو أبي فراس الحمداني.
قائمة المراجع:
١- ديوان أبي فراس الحمداني، دار أحياء التراث العربي، بيروت - لبنان، ص ٥.
٢- إبراهيم، هند ماهر أبو العطا، شعر أبي فراس الحمداني وابن زيدون في فترة الأسر والسجن: دراسة موازنة، فيلولوجي: سلسلة في الدراسات الأدبية واللغوية، العدد ٦٣، ٢٠١٥، ص ٧٤.
٣- نهيل فتحي أحمد كتانه، دراسة أسلوبية في شعر أبي فراس الحمداني، رسالة ماجستير، كلية الدراسات العليا، قسم اللغة العربية، جامعة النجاح الوطنية، ٢٠٠٠، ص ١٤.
٤- المرجع السابق نفسه، ص ١٦-١٧.
٥- جمانة قاسم سليمان القضاء، صورة الخطاب الشعري في شعر أبي فراس الحمداني "الروميات أنموذجا"، أطروحة دكتوراه، كلية الدراسات العليا، الجامعة الأردنية، ٢٠٢٢، ص ٣٨-٣٩.