ملخص عن البيروني

ملخص عن البيروني

وصف بأنه أعظم عقلية عرفها التاريخ (هكذا وصفه العالم الألماني إدوارد سخاو) وكذلك وصف بأنه كان باحثاً فيلسوفاً رياضياً من أصحاب الثقافة الواسعة، بل من أعظم عظماء الإسلام ومن أكابر علماء العالم (هكذا قال الدكتور سارتون في كتابه مقدمة لتاريخ العلم) إنه العالم الجليل أبو الريحان محمد بن أحمد البيروني. (١)

ومع تباين الآراء حول سنة ولادته، فالراجح أنه ولد في (خيوة)، وهي إحدى ضواحي خوارزم، في اليوم الثاني من ذي الحجة عام ٣٦٢هـ - ٤ أيلول سنة ٩٧٣ م.

البيروني


ويستدل فريق من الباحثين من خلال نسبته (البيروني) أنه من ضواحي خوارزم وليس من نفس المدينة، باعتبار أن بیرون باللغة الفارسية تعني البراني أو الضاحية أي خارج المدينة كما ذكر ياقوت الحموي. (٢)


لقب البيروني


هذا الرجل العظيم هو أبو الريحان البيروني الشهير بلقب «الأستاذ» لفرط ما استوعب من العلوم وعلم من الطلاب، واعد من رجال الفكر في بلاده وفي خارجها. (٣)


ولقب بالبيروني لأن بيرون بالفارسية معناها (خارج البلد) وذلك لأن مقامه في خوارزم كان قليلا، وأهل خوارزم يسمون الغريب بهذا الاسم. (٤)


حياة البيروني


كان البيروني ذا اهتمام ومتابعة للعلم منذ سن مبكرة ... وبقى حتى العشرين فى خوارزم حيث غادرها الى سواحل بحر قزوين ... 


واشتغل عند آل سامان.،، وتعرف على الشيخ الرئيس ابن سينا ودارت بينهما المناظرات العديدة.


وقد لقى البيروني كل رعاية من الأمير نوح بن منصور الساماني ... وبعد سقوط ملك السامانيين اتجه إلى أمير جرجان شمس المعالى نوح بن منصور الساماني ... وبعد سقوط ملك السامانيين اتجه الى أمير جرجان شمس المعالي قابوس بن وشمكير المذى سعد بلقائه ... وأقام البيروني عنده ... وألف له كتاب (الآثار الباقية) وأهداه إليه ... ولكن الأحوال لم تسر على ما يرام إذ سقط ملك شمس المعالي ... فغادر البيروني الى خوارزم، حتى استولى عليها السلطان محمود ... 


وقبض على البيروني، وكان من المقرر أن يحكم عليه بالاعدام كما حكم على استاذه بذلك، ولكن لسعة علمه واطلاعه، وخصوصا في مجال الفلك، عدل السلطان عن رأيه وأخذه معه ودخل بلاد الهند.


ومن هنا تبدأ حياة جديدة للبيروني، ففى الهند تعلم اللغة السنسكريتية واقتبس من علومها وفي ظل هذا السلطان كتب كتابه عن الهند.


وفى سنة ٤٢٢هـ توفي السلطان محمود وكان أبو الريحان في (غزنة).


وفي عصر ابنه محمود ألف البيروني كتابه (القانون المسعودي) وأهداه إليه.


ثم وضع كتاب الصيدنة وهو آخر مؤلفاته الكبرى في عصر مودود الذي خلف مسعود. وفى سنة ٤٤٠هـ الموافقة لسنة ١٠٤٨م. في الثالث من رجب ( ١٣ ديسمبر - كانون الأول) وافاه - الأجل وهو في غزنة ... وقد أحب البيروني غزنة واعتبرها موطنه وفيها توفرت له كل الإمكانيات العلمية.


وقد جاء في كتابه تحديد نهايات الأماكن في معرض سبب تأليف الكتاب: «... وأما بالخصوص في الاجتهاد المعرفة - ذلك بما يمكن في الوقت لغزنة دار مملكة المشرق فإنها للمستأنف على التقدير الانسى والتقدير كلمة بالحقيقة الله وحده - وطني وفيها تمكنت من نفسى آداب على ما لا يزول عن خاطري أمره من الرصد والاجتهاد العلمي ولها اصحح القبلة وأمرها لا يخفى بل يعم أهلها - وإياي ويشارك فيه كل مجتاز بها». (٥)


شيوخه البيروني


شغف أبو الريحان البيروني بالعلم وطلبه منذ نعومة أظفاره وانكب على التعليم ولا يعرف عن اساتذة البيروني في مرحلة شبابه سوى ذلك العالم الرومي الذي لم تسعفنا المصادر بذكر اسمه وكان أبو الريحان يجمع له النباتات وبذورها ليعلمه اسمائها باللغة اليونانية وكان أبو الريحان يقوم بتصنيفها.


ويبدو أن ذلك العالم اليوناني قد غرس في نفس أبي الريحان حب الاستطلاع والتقصي والبحث والاهتمام بالعلوم الطبيعية والنباتات وقد يكون هذا الدافع هو الذي دفع أبا الريحان البيروني الى تأليف كتابه الصيدنة في الطب في أواخر عمره.


أبو سهيل المسيحي(ت401هـ/1010م): هو أبو سهيل عيسى بن يحيى المسيحي الجرجاني طبيب فاضل بارع في صناعة الطب علمها وعملها فصيح العبارة جيد التصنيف وكان حسن الخط متقناً للعربية.


سافر الى بغداد وله تصانيف عديدة منها إظهار حكمة الله في خلق الإنسان، كتاب في العلم الطبيعي كفاية الطب الكلي، كتاب في الوباء، كتاب تفسير الرؤيا.


وقد درس أبو الريحان على يد ابا سهيل صناعة الطب وكان أبو سهيل استاذ ابن سينا ايضا. وقد تأثر أبو الريحان الى حد كبير بهذا العالم الجليل ولاسيما من النواحي التجريبية في المنهج العلمي  حيث برع البيروني في منهج الاختبار والتجريب الذي مارسه في نطاق واسع في أبحاثه العلمية.


عبدالصمد الأول بن عبد الصمد الحكيم(408 هـ/1017م): وهو من اساتذة البيروني التقى به في الجرجانية عاصمة خوارزم وقتل على يد السلطان محمود الغزنوي حيث اتهمه بالزندقة والكفر.


وذلك سنة 408 هـ عندما استولى السلطان محمود الغزنوي على خوارزم.


وقد أخذ البيروني من هذا العالم طلاقة الفكر والبعد عن التعصب ليجمع بينها وبين مأخذ من أساتذته الذين سبقوه ليجتمع عنده سلامة المنهج.


أبو نصر بن عراق (ت425هـ/1033 م): أبو نصر منصور بن الأمير علي بن عراق الخوارزمي. وكان ابن اخي خوارزم شاه وكان يلي بطليموس في علم الرياضة وانواعه.


وهو من كبار علماء الرياضة والتنجيم في خوارزم، عاش أكثر أيامه فيها، له تصانيف عديدة منها كتاب المجسطي الشاهي، ورسالة في الإسطرلاب السرطاني وكتاب في السموات..الخ.


وكان رساماً جيداً وهو الذي رسم صورة ابن سينا بناءاً على طلب السلطان محمود الغزنوي. 


وقد درس أبو الريحان على يد أبي نصر علوم الفلك والرياضيات ولم ينسى فضل أبي نصر عليه حيث يذكر ذلك في شعره فيقول:


فالعراق قد فدوني بدرهم … ومنصور منهم قد تولى غراسيا. (٦)


شخصية البيروني العلمية


كان لعلماء المسلمين فضل السبق في اتباع الأسلوب العلمي في أبحاثهم، وكانوا يحترمون التفكير المنطقي والدراسة القائمة على التجربة.


وتميز البيروني بأنه باحث علمي مدقق، يتلمس الحقيقة بعيدا عن التعصب المضلل أو الوهم، فانتقد منهج الهنود لكونه غير علمي، واتخذ لنفسه نبراسا علميا يتميز بالملاحظة الدقيقة والتجربة.


‏كما اهتم بتعلم اللغات الأجنبية، فأجاد اللغات اليونانية، والسريانية، والفارسية، والخوارزمية لكنه كان يفضل التأليف باللغة العربية.


وتتميز أعمال البيروني بالنقاط التالية:


  1. ترتيب الأفكار وتسلسلها.
  2. استعمال المصطلحات العلمية السهلة.
  3. عدم تنميق الجمل.
  4. العناية الفائقة بمقدمات كتبه.
  5. الرجوع إلى علوم غيره وبخاصة علوم أهل اللغات الأخرى.
  6. الاهتمام بالمشاهدة والاستقراء وإجراء التجارب. (٧)


أسلوب البيروني بالكتابة


أما أسلوبه في الكتابة فقد كان أسلوبا علميًا موجها إلى الخاصة دون العامة، وقد أمن إيمانا كبيرا باللغة العربية وفضلها على غيرها من اللغات فكتب بها جل مؤلفاته تقريبا، وبذلك رفع من شأنها، وحبب الناس فيها، ودافع عنها ضد كل تيار شعوبي. (٨)


مؤلفات البيروني


لقد كان (البيروني) عالماً موسوعياً، محيطاً بعلوم عصره كافة، ومتبحراً في بعضها بحيث لا يجاريه فيها أحد، وذو إنتاج غزير، بحيث بلغ عدد مؤلفاته نحو (۱۹۰) مؤلفاً من كتاب إلى مقالة ورسالة منها نحو (٥٠) كتاباً مقالاً ورسالة في الفلك، ومن مؤلفاته في ذلك: (٩)


  1. كتاب الآثار الباقية عن القرون الخالية.
  2. كتاب القانون المسعودي.
  3. كتاب تحديد نهايات الأماكن لتصحيح مسافات المساكن.
  4. كتاب تحقيق ما للهند من مقولة مقبولة في العقل أو مرذولة.
  5. كتاب التفهيم لأوائل صناعة التنجيم.
  6. كتاب مقاليد علم الهيئة وما يحدث في سطح بسيط الكرة.
  7. كتاب الجماهر في معرفة الجواهر.
  8. كتاب الصيدنة في الطب.


الآثار العلمية للبيروني


ويمكن لنا أن نلخص الآثار العلمية التي خلفها البيروني في ما يلي من النقاط: (١٠)


  1. حسب البيروني طول محيط الأرض بطريقة له اخترعها وأعطانا رقما لا يختلف كثيرا عن طول محيط الأرض كما نعرفه اليوم في ظل العلوم المتقدمة، واخترع معادلة رياضية فذة لذلك الحساب.
  2. أعطانا البيروني شروحا كاملة لطريقة علماء الهنود في الحساب الفلكي.
  3. اعطانا آراء قيمة في معضلة «تثليث الزاوية»، وغيرها من المشاكل الرياضية التي لا يمكن حلها باستخدام المقياس والفرجار فقط.
  4. بسط طرائق الإسقاط الفلكي في الرسم قبل دي باترينو (سنة ١٦٦٠) وهنالك احتمال كبير أن دي باترينو هذا نسب أعمال البيروني الى نفسه.
  5. أعطانا طرقا صحيحة لقياس خطوط الطول والعرض على سطح الكرة الأرضية.
  6. ناقش بعلم ودقة مسألة دوران الأرض حول محورها.
  7. حقق القاعدة العلمية الاساسية القائلة بأن سرعة الضوء هي أكبر من سرعة الصوت.
  8. حقق الكثافة النوعية الصحيحة لثمانية عشر معدنا وفلزاً.
  9. شرح بعلم كيفية نشأة العيون والينابيع.
  10. كان أول من لاحظ أن عدد شتلات زهور النباتات تكون ثلاثة أو أربعة أو خمسة أو ستة أو ثمانية ولكنها لا تكون ابدا سبعة أو تسعة وهذا من اسس علم النبات الهامة جدا.
  11. كان أول من أبدى ملاحظات جيولوجية دقيقة منها، تكوين حوض نهر الاندوس.


قائمة المراجع:


١- محمد مجد صاري، أبو الريحان البيروني والاسطرلاب، مجلة المعرفة، العدد ٥٣٩، ٢٠٠٨، ص ٢٩٨.


٢- عباس فاضل السعدي، البيروني أشهر عباقرة زمانه، مجلة العربي، العدد ١٦٢، ١٩٧٢، ص ٩٧.


٣- رشاد المغربي دارغوث، في الذكرى الألفية لولادة البيروني، مجلة البيان الكويتية، العدد ٤٣، ١٩٦٩، ص ٤٤.


٤- فاضل الطائي، مع البيروني في كتاب الصيدنة، مجلة المجمع العلمي العراقي،  العدد ١٨، ١٩٦٩، ص ١٣.


٥- صبيح صادق، البيروني: العالم العربي الإسلامي الخالد، مجلة اللسان العربي، العدد ١-١١، ١٩٧٤، ص ١٤٢-١٤٣.


٦- سعد خالد عباس محمد الصولاغ، البيروني وجهوده في كتابة التاريخ، رسالة ماجستير، كلية الآداب، جامعة الأنباري، ٢٠١١، ص ٣١-٣٢.


٧- أحمد عبد القادر المهندس، البيروني عالم المعادن والأحجار الكريمة، مجلة آفاق الثقافة والتراث، العدد ٢٢-٢٣، ١٩٩٨، ١٩٢.


٨- المرجع السابق نفسه، ص ١٩٢.


٩- علي حسن موسى، البيروني: صفحة مضيئة في التاريخ العلمي العربي الإسلامي، مجلة دراسات تاريخية، العدد ١٠٧-١٠٨، ٢٠٠٩، ص ٢٥٣-٢٥٤-٢٥٥.


١٠- درويش مصطفى الفار، البيروني، مجلة الدوحة، العدد ٥، ١٩٧٦، ص ٧٣.


مكتبة جواد
مكتبة جواد
تعليقات