القائمة الرئيسية

الصفحات

[LastPost] أخر المواضيع

بحث جاهز عن معروف الرصافي

بحث جاهز عن معروف الرصافي

معروف الرصافي شاعر العروبة الاكبر، وصاحب الرسالة الحرة في الشعر العربي الحديث، والذي عاش مكافحا ومات وهو يحمل علم الكفاح في سبيل وطنه العربي الكبير، وعقيدته القومية الكبرى .. طيلة اثنين وسبعين عاما قضاها وجاب فيها العالم العربي والإسلامي مشردا مفزعا. (١)

وهو شاعر عراقي معاصر ولد عام ١٨٧٥م في حي متواضع جداً ببغداد وربي في كنف أمه إذ كان والده درکاه (GEMDARME)‏ كثير التنقل ما بين القرى والدساكر، يقوم بعمله في حفظ الأمن وتعقب المجرمين.

معروف الرصافي


وعنيت به والدته على قدر طاقتها، فحاطته برعايتها وعطفها وحنانها وغرست حبها في قلبه غرساً ثابتاً عميقاً، عاش معه في حله وترحاله إلى آخر يوم من أيام حياته، وتردد ذكرها في شعره مراراً فقال: إذا ما تذكرت العجوز بكيتها بدمع به الأهداب تطفو وتغرق ومات أبوه وخلفه بين يديها صغيراً، فلم يتذكر منه إلا صورة باهتة وصفها مرة فقال: «إنه كان متديناً كثير الصلاة، كثير قراءة القرآن، حديد المزاج، إذا غضب أخاف، وإذا ضرب أوجع». (٢)


دراسته


أدخلته أمه الكتاب فدرس على أيدي المشايخ وتعلم مبادىء القراءة والكتابة والحساب، ولما أصبح في مستوى يؤهله لدخول المدارس الرسمية سجل في مدرسة «الرشدية العسكرية»، بغداد، قضى فيها ثلاث سنوات، عانى فيها ما يعاني البدوي الحر من قسوة النظام والقوانين العسكرية.


وتخرج منها عارفاً بمبادىء اللغتين العربية والتركية، شادياً شيئاً من العلوم الطبيعية، بما لا يعادل مستوى صف الكفاءة «‏BREVET» في عصرنا الحديث.


وكان به ولع شديد إلى دراسة اللغة العربية والتملي من الثقافة الدينية. فأقبل على مشايخ عصره المشهورين ينهل من علومهم حتى ارتوى واستقام عوده، ولازم الشيخ محمود الآلوسي واختص بطريقته التحرره في الدعوة إلى الإصلاح الاجتماعي والسياسي والوطني، إصلاحاً شاملاً قائماً على القواعد الدينية العامة، وفكرة الوحدة الاسلامية والجامعة العثمانية.


وبقي إلى آخر أيامه داعياً إلى التحرر من ربقة العادات البالية والتقاليد العفنة، محبذاً الرجوع إلى أمس الدين الصافية مستورداً من ينبوعه الأخلاقي، مستمداً أمجاد السلف وعظمة تاريخ الأمة وغابرها المشرف الخالد. (٣)


أخلاقه


الرصافي شاعر مرهف الاحساس دقيق الشعور كسائر الأصلاء من أرباب الفنون. بسيط إلى حد الطفولة، أبي إلى حد العربدة، فيه شمم العربي وصراحته وإباؤه وحبه الحرية حباً يبلغ حد العبادة، وسذاجة البدوي واتكاله. 


ولذا فقد عاش ليومه ينتهب ملذاته نهباً، لا يفكر في غده ولا في مصيره البعيد، كما يعيش الشاب النزق النزاع الى اللهو، يأخذ بأسباب الملذات كما يهوى، ويعطي نفسه مشتهاها كما تريد، فطمن به خصومه من نقطة الضعف هذه، ولم يستطع الرد عليهم بأكثر من أنه حرة في سلوكه الفردي وآرائه الشخصية، وأن ليس للمجتمع عليه من سيطرة إلا في مدى العلاقة التي تربطه إليه فرداً عادياً مخلصاً له في تطوره وتقدمه.


ولكن المجتمع لا يرحم من يشدُّ عليه أو يتنقص تقاليده وعاداته، فرماه بالكفر والإلحاد والزندقة وتألب عليه الحاكمون والساسة لكثرة ما هاجمهم وفضح دسائسهم فحورب حتى في لقمة عيشه.


ولقد كان عميق الثقافة اللغوية، عميق التغلغل في أسرار العربية كثير التطلع في آثارها، حافظاً لما ينتقي منها، محباً لأمجادها، مقدماً تاريخ أمته لا يرى فوقها فوقاً؛ فدعا الى تقديسها باستمرار. (٤)


ميزته


لا تقتصر أهمية الرصافي على شاعريته وإنما يتميز الرصافي بانطلاقته كمفكر حر ومناضل من أصلب الذين خاضوا معترك الكفاح في سبيل الاستقلال الوطني للعراق والنهوض القومي للأمة العربية جمعاء. (٥)


زواجه


وقد تزوج فتاة تركية عندما كان في الاستانة عضواً في مجلس المبعوثان ولما رفضت اللحاق به الى بغداد طلقها دون ان تنجب منه عقباً، ورحل الى فلسطين ليعيش عن طريق التعليم فاشتغل مدرساً في احدى مدارس القدس، وذلك عندما كان المغفور له فيصل الأول ملكاً على سوريا، ولما انتقل العرش الهاشمي الى العراق سنة ۱۹۲۱م ميلادية عاد الرصافي الى وطنه فنسب مفتشاً للغة العربية في وزارة المعارف، ثم محاضراً في دار المعلمين العالية، ثم نائباً عن لواء المنتفك في مجلس النواب العراقي، وزار سوريا ولبنان فلقي فيها حفاوة بالغة تليق بمكانته الادبية وتوائم شهرته التي طبقت الآفاق فقد كانت موهبته الشعرية الخصبة تثير الدهشة. (٦)


مكانته الأدبية


وأما مكانة الرصافي في الأدب العربي ففي الذروة العليا والمقام الأسمى فهو المع جوهرة في نتاج أدب العصر وأثمن درة على جبين الشعر فهو والحق شاعر الأمة العربية وباعث روحها وهمتها وحامل لواء جهادها.


وأما آثاره في الشعر فدیوانان طبع الأول في بيروت مصدرا بمقدمة طيبة للمرحوم الشيخ محي الدين الخياط ثم صدر الديوان الثاني وفيه كل ما نظمه الرصافي بعد صدور الديوان الاول وقد صدره الاستاذ الشيخ عبد القادر المغربي بمقدمة تحليلية نفيسة. (٧)


وفاته


ليلة الجمعة ١٦ آذار ١٩٤٥م فاضت روح الشاعر العراقي العظيم الاستاذ معروف الرصافي.


توفي وحيداً في دار صغيرة يسكنها في الاعظمية من ضواحي بغداد مع خادمه الامين (عبد) وزوج الخادم وبناته. ولم يخلف ولداً فقد تزوج فتاة تركية عندما كان في فروق عضواً في مجلس المبعوثان ولنقص تشريحي في جسم زوجه امتنعت عن الحبل، ثم طلقها قبل عشرين سنة وأظهر لأصدقائه أنه أنما يقدم على هذا لا كرهاً بامرأته بل لعجزه عن القيام بنفقات دار عائلية يجب أن يؤسسها في ما لو جاء بها من اسطنبول الى بغداد.


كان الشاعر وقد نيف على السبعين يشكو جملة أمراض على هيكله في هذه السنين ولكن في الاشهر الاخيرة.


اصطلحت تمتع بشيء من الصحة إلا أن مرض ذات الرئة داهمه في البرد القارس فلم يمهله أكثر من ثلاثة أيام فقضى تاركاً فراغاً واسعاً في عالم الشعر العربي. (٨)


الخاتمة


لقد احتل «الرصافي» مكانا بارزا في تاريخنا العربي، ولقد تعدى بقصائده حدود العراق، فغزى الدنيا العربية لاشواقنا الى المجهول !! فنظم شعرا ينبض بالحركة والجمالية، فرددنا نحن أبناء هذا الجيل قصائده في أفراحنا، وموالدنا، واعراسنا الوطنية.


حمل من بغداد الى الدنيا تاريخ امة وشجاعة شعب وجروح اناس عاديون وولع بالحرية بكل سموها وأخلاقياتها، وربط ماضينا بحاضرنا.


لقد مات الرصافي بصمت وكبرياء وشموخ .. إنها ميتة الأبطال تروي حكاية الجهد والكفاح، والفداء .. فيها نسيج المستقبل تحوكه السواعد الطيبة.


ويوم يكتب التاريخ قصة الشعر ومواقفه الادبية، وعندما يتناول التجسيد الشامل لقوة الكلمة سيهب شاعر العرب فلذة حية من كفاح أمتنا العربية. (٩)


قائمة المراجع:


١- عبد المنعم خفاجة، القومية والاشتراكية في شعر الرصافي- مطالعات - تقديم، مجلة الفكر، العدد ١، ١٩٦٣، ص ١.


٢- د. ممدوح حنفي،  معروف الرصافي ١٨٧٥-١٩٤٥م، شرح وتحليل على مستوى البكالوريا، ص ٥.


٣- المرجع السابق نفسه، ص ٥-٦.


٤- المرجع السابق نفسه، ص ١٠.


٥- نعمان عاشور، الرصافي شاعر البداوة والحداثة، مجلة الدوحة، العدد ١، ١٩٨١، ص ٣٦.


٦- خضر عباس الصالحي، ذكرى معروف الرصافي، مجلة الأديب، العدد ٤، ١٩٥٨، ص ٣٢.


٧- محمد صلاح الدين موسى، المقالة: معروف الرصافي من رواد الأدب العربي الحديث، الثقافة - مدحة عكاش، العدد ١٠، ١٩٩٣، ص ١٠.


٨- رفائيل بطي، الرصافي وزملاؤه على ساحل الأبيض المتوسط، مجلة الأديب، العدد ٥، ١٩٤٥، ص ٣٦.


٩- عبد الكريم أحمد الحمود، تراجم عربية: معروف الرصافي في شاعر وإنسان، مجلة الثقافة - مدحة عكاش، العدد ٤، ١٩٦٢، ص ٤٤.


reaction:

تعليقات