بحث عن ابن مالك مع المراجع
هو حجة العرب، النحوي، اللغوي، المقرئ، إمام أهل اللسان، صاحب التصانيف، أبو عبد الله جمال الدين محمد بن عبد الله بن مالك الطائي، الأندلسي، الجياني، الشافعي.
ولد ابن مالك سنة: (ستمائة) هجرية في مدينة جيان بالأندلس. (١)
نشأته: نشأ ابن مالك في الأندلس، وتلقى العلم على علمائها، ثم اجتوى العيش فيها لما كانت تموج به من الفتن، والبلابل، فهاجر إلى المشرق نحو عام ٦٢٠هـ، وأقام بمصر، ثم رحل إلى الحجاز حاجا، ثم غادرها إلى دمشق، ثم إلى حلب، وأقام بها مدة، ثم رجع إلى دمشق، ثم إلى حماة، ثم رجع إلى دمشق مرة أخرى، وبقي فيها حتى وافته المنية. (٢)
أخلاقه ودينه
كان كما يذكرون حسن الخلق، ذا صلاح، وعبادة. وكان حريصا على وقته، مكبا على الحفظ، والمطالعة، حتى إنهم نقلوا عنه أنه حفظ في يوم وفاته ثمانية شواهد، وكان لا يرى إلا يصلي، أو يتلو، أو يصنف، أو يقرئ.
هذا مع ذكاء نافذ، ونهوض بعبء التجديد، ومؤونة التحقيق، لا يبالي إذا أداه الدليل إلى خلاف القول السائد المعروف أن يأخذ به.
وكان مع ذلك ذا قدرة عجيبة في النظم، وتصرف واسع في فنون العلم. (٣)
آراء علماء عصره فيه
أن ابن مالك كان أسطع نجم لمع في سماء العلم في القرن السابع الهجرى، وكان له منزلة كبرى يقدرها علماء عصره كل التقدير.
سواء أكانوا معجبين، أو عوازل حاسدين. فمن المعجبين به، المعظمين لشخصه قاضي القضاة شمس الدين بن خلكان فقد قال الصفدى: «أن ابن مالك كان إذا صلى في العادلية - وكان أمامها - يشيعه قاضي القضاة شمس الدين بن خلكان تعظيما له» ويرى ركن الدين بن القويع أن ابن مالك ما خلى للنحو حرمة ويروى أن الشيخ تاج الدين عبد الرحمن الغزاوى العالم المشهور تأسف يوم موت ابن مالك تأسفا كثيرا فقيل له: أكان الشيخ جمال الدين (ابن مالك) في النحو مثلك في الفقه ؟ فقال له: والله ما انصفتموه، بل كان في النحو مثل الشافعي في الفقه.
ولما توفي ابن مالك سارع الأدباء لرثائه بشعر يحمل في طياته الأسى والألم مما يدل على مكانة الرجل في نفوس معاصريه، فقد رثاه الشرف الحصني بقصيدة طويلة.
قال الصفدي: ما رأيت مرثية في نحوي أحسن منها على طولها.
وقد رثاه من تلامذته النجباء الشيخ بهاء الدين ابن النحاس بقصيدة منها:
قل لابن مالك أن جرت بك أدمعي …خمرا يحاكيها النجيع القاني
فلقد جرحت القلب حين تعيت لي … وتدفقت بدمائه أجفاني (٤)
شيوخه
على عادة أهل عصره بدأ ابن مالك بقراءة القرآن، ودراسة القراءات، واللغة، والنحو، والفقه، والحديث، فأخذ القراءات عن أبي الحسن ثابت بن محمد بن يوسف بن خيار الكلاعي (ت ٦٨٢هـ)، وكان من كبار المقرئين، ونحويا ماهرا.
وسمع على الأستاذ أبي علي الأشبيلي عمر بن محمد المعروف بالشلوبين (ت ٦٤٥هـ)، وكان من كبار النحاة، واللغويين، حتى أن بعض العلماء كان يرى أنه إمام عصره في العربية بلا مدافع.
رحل ابن مالك إلى دمشق، وفيها أخذ العربية عن أبي صادق الحسن بن صباح المخزومي (ت ٦٣٢هـ)، وأبي المفضل نجم الدين مكرم بن محمد القرشي الدمشقي، المعروف بابن أبي صقر ( ت ٦٣٥هـ)، وكان عالما محدثا، وأبي الحسن علم الدين علي بن محمد بن عبد الصمد السخاوي ( ت ٦٤٣هـ)، والنحوي المقرئ وكان من أئمة اللغة، والنحو، والتفسير، والفقه.
وفي حلب أخذ عن أبي البقاء موفق الدين يعيش بن يعيش بن محمد النحوي الحلبي المشهور بابن يعيش (ت ٦٤٣هـ)، وكان من كبار أئمة العربية، ماهرا في النحو، والتصريف، وأخذ عن أبي عبد الله جمال الدين محمد بن محمد بن عمرون الحلبي النحوي (ت ٦٤٩هـ)، وكان بارعا في النحو. (٥)
تلاميذه
تتلمذ على ابن مالك عدد كبير من العلماء، كانوا فيما بعد أئمة أعلام، فمن تلاميذه الشيخ العلامة الفقيه محيي الدين أبو زكريا يحيى بن شرف بن مرى بن الحسن بن الحسين بن جمعة النووي (ت ٦٧٦هـ) صاحب كتاب ((رياض الصالحين)).
والأديب شمس الدين محمد بن محمد بن أبي بكر بن جعوان (ت ٦٨٢هـ)، وكان إماما حافظا متقنا نحويا.
ومن تلاميذه ولده بدر الدين محمد بن محمد بن مالك (ت ٦٨٦هـ)، وكان ذكيا حاد الذهن، إماما في النحو، والمعاني، والبيان، له مصنفات كثيرة منها ((شرح الألفية))، الذي يعرف بشرح ابن الناظم. ومنهم أيضا الحافظ شرف الدين أبو الحسين علي بن محمد بن أحمد اليونيني (ت ٧٠١هـ).
وقاضي القضاة بدر الدين أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن جماعة الكناني (ت ٧٣٣هـ) وكان محدثا، وفقيها. (٦)
مصنفاته
أما مصنفاته فكثيرة جدا منها : (٧)
- الألفية في النحو تسمى الخلاصة.
- العمدة
- إكمال العمدة
- شرح إكمال العمدة.
- التسهيل.
- شرحه التسهيل ولم يتم.
- قصيدة في الأفعال.
- أرجوزة في المثلث.
- قصيدة في المقصور والممدود.
- شرح قصيدة في المقصور والممدود.
- شواهد التوضيح والتصحيح لمشكلات الجامع الصحيح.
- قصيدة في الضاد والظاء.
- قصيدة فيما هو مهموز وغير مهموز.
- تعريف في الصرف وشرحه.
- سبك المنظوم وفك المختوم.
إلى غير ذلك من مصنفاته الكثيرة.
وفاته
أجمع من ترجم لابن مالك -رحمه الله- أن وفاته كانت بدمشق في شهر شعبان سنة ٦٧٢هـ، وصلي عليه في الجامع الأموي، ودفن بسفح قاسيون. (٨)
قائمة المراجع:
١- سائد عبد اللطيف علي، شواهد التوضيح والتصحيح لمشكلات الجامع الصحيح لابن مالك الأندلسي دراسة نحوية لبعض شواهده، رسالة ماجستير، كلية العلوم الاسلامية، جامعة بغداد، ٢٠٠٦، ص ١٢.
٢- فيصل بن علي بن أحمد المنصور، وضع ابن مالك للشواهد النحوية بين النفي والإثبات، رسالة ماجستير، كلية اللغة العربية، الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، المملكة العربية السعودية، ١٤٣٤هـ، ص ١٥.
٣- المرجع السابق نفسه، ص ١٥.
٤- عبد العال سالم مكرم، ابن مالك الأندلسي سيبويه زمانه في الدراسات النحوية، مجلة العربي، العدد ١٦٦، ١٩٧٢م، ص ١٣٣.
٥- سميرة علاوي عبد الحسن الفكيكي، مآخذ أبي حيان النحوية والصرفية على ابن مالك، رسالة ماجستير، كلية التربية للبنات، جامعة بغداد، م٢٠٠٣، ص ١٣١٤.
٦- المرجع السابق نفسه، ص ١٤.
٧- سائد عبد اللطيف علي، مرجع سابق، ص ١٤.
٨- سعود بن سعيد نويجي الرحيلي، تنوير الحوالك من أرجاء لامية ابن مالك لمحمد بن عبد السلام بن محمد الفاسي من قوله فى باب أبنية المزيد وافعل ذا ألف فى الحشو رابعة إلى نهاية الكتاب دراسة وتحقيق، أطروحة دكتوراه، الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، المملكة العربية السعودية، ١٤٣٥هـ ص ١١.
تعليقات
إرسال تعليق