شاذل طاقة، حياته، وشعره
ولد الشاعر شاذل طاقة في اليوم الثامن والعشرين من نيسان عام (١٩٢٩م) في مدينة الموصل. حدث ذلك الميلاد في الربيع أواخر نيسان، في هذه المدينة المتاخمة لمرتفعات الشمال، ولادة بعثت في صدري الاب والام مسيرة عظيمة.
تبدأ ذاكرة شاذل، الفتى، بالتقاط ما يدور من حكايا حول مواقد الشتاء في المدينة الباردة، وأول هذه الحكايا، حكاية المدينة نفسها: فليس ثمة بين الفتى والماضي القريب من مسافة تجعل الحكايات مجرد حكايات.
الفتى شاذل، صار يستمع ويرى هذه المدينة وبيته واحد من بيوتها تتمون كل عام، مستعيدة أوجاع مواسم القحط أو عهود محاصرة المدينة من ابوابها القديمة، نشأ شاذل وهو يراقب جنوداً شقرا من العاملين في العراق المذل بطغيان الحاكم وفساده وتبعيته وهو يستشيط غضبا، يصرخ بالقول: إن الوطن موطوء بأقدام المحتلين.
أما أبوه فرجل متعلم كان يكتب العرائض في الثلاثينات مما يدل على أنه كان يعرف الكثير، ولا بد أن يصيب الابن الأكبر جزءا مما يملك الأب.
هكذا كانت الذاكرة قد تشكلت لدى شاذل طاقة الذي واصل دراسته الابتدائية والثانوية في الموصل، وظهرت أنذاك محاولته الادبية الاولى فكانت مساحة مساهماته في نشرة المدرسة الجدارية تتسع وساعات مناظراته مع زملاء تجربته الادبية الاولى تكبر، ومع اتساع قريحته التحق عام ١٩٤٧م بدار المعلمين العالية في بغداد وهكذا غادر الموصل لأول مرة ليتعرف على عوالم جديدة بثمانية عشر عاما من الطموح والحماس ليلتقي بمهد الحضارات (بغداد) العاصمة المتأججة بمشاعر الغضب الدائم من أجل الحرية وتحرير فلسطين المستلبة.
لقد كان التحاق شاذل بدار المعلمين بداية لنقلة نوعية في حياته فامتزج الهم المحبوس في روحه مع هم الوطن واضطراب الدنيا مما أتاحت فرصة انعتاق موهبته الأدبية، إذ زامل هناك رواد الحركة الشعرية الجديدة وهو الشاب المعبأ بجزالة كلمة التراث وغناها ورصانتها، بعدها عاد شاذل طاقة الى الموصل حاملا شهادة الليسانس فى الأدب العربي ليعلم في مدارسها ومدارس دهوك، كان داعية لحركة الشعر الحديث بقدر ما كان داعية ومحرضا سياسيا، فقد أصدر في ذلك العام (١٩٥٠م) ديوانه الشعري الأول (المساء الأخير) الذي ضمنه مقدمة دافع فيها عن حركة الشعر الجديد وبشر بمنطلقاتها وسمى خصائصها المميزة واستخدم في تلك المقدمة تعبير الشعر المنطلق للدلالة على الشعر العربي الحديث وأما في عام (١٩٦٣م) أصدر ديوانه الثاني (ثم مات الليل) حيث عزز توجهه نحو الميل إلى الشعر الحديث ساعيا الى التطوير والتجديد في بناء القصيدة ثم أصدر ديوانه الثالث (الاعور الدجال والغرباء) عام (١٩٦٩م) التي انجلت صورته الأكثر تطورا، كان شاذل كاشفا عن وجه شعري على شيئ غير يسير من خصوصية التجربة فهو الديوان القمة في تطور شاذل طاقة الشعري فقد عرف شعريا - كما هو السياب تماما - ان يحتفظ بهذا الروح المحلي - البيئي - الاجتماعي، متطابقا فيه مع الحاضر التاريخي للامة.
إما الديوان الاخير (السندباديات) فلم يطبع في حينها بل صدر ضمن مجموعته الكاملة بعد وفاته عام (١٩٧٧م) واستمر شاذل طاقة بعطائه الشعري والإبداعي بجد وعزم كبير حتى حلول عام (١٩٧٤م) من صباح العشرين من تشرين الأول مفارقا الحياة الى الأبد. (١)
شعره
أما ما يخص شعر شاذل طاقة فإن قصائده بلغت حدود ثلاثة وثمانين قصيدة توزعت على نمطين من الشعر، العمودي والحر، الشعر العمودي كان عدده تسع وعشرون قصيدة وما تبقى من القصائد فقد بنيت على نمط القصيدة الحرة وعددها أربع وخمسون قصيدة، وقياسا بالعدد الكلي لقصائد الشاعر نجد أن قصائده العمودية تعكس ارتباط الشاعر بالتراث الأدبي وتشبعه بأصوله وجمالياته وفي الوقت ذاته نجده حريصا على التجديد والتطوير في بناء القصيدة، حيث عدد قصائده الحرة تؤشر ذلك التوجه الإبداعي الساعي الى التجديد المتواصل في حينه. (٢)
أعماله
صدرت لشاذل طاقة الأعمال الآتية: (٣)
- المساء الأخير - شعر - الموصل ١٩٥٠م.
- تأريخ الأدب العباسي - الموصل - ١٩٥٣م كتاب مدرسي للمرحلة الأعدادية.
- قصائد غير صالحة للنشر - الموصل ١٩٥٦م.
- مجموعة شعرية شارك فيها: شاذل طاقة - عبد الحليم اللاوند - هاشم الطعان - يوسف الصائغ.
- ثم مات الليل - شعر - بيروت - ١٩٦٣م.
- الأعور الدجال والغرباء - شعر - بيروت ١٩٦٩م.
- في الاعلام والمعركة - بغداد - ١٩٦٩م.
- شاذل طاقة المجموعة الشعرية الكاملة - بغداد - ١٩٧٧م.
وفاته
توفي في ٢٠ تشرين أول ١٩٧٤م في الرباط حيث كان يحضر مؤتمر وزراء الخارجية العرب المنعقد فيها. (٤)
قائمة المراجع:
١- شروق خليل إسماعيل ذنون الإمام، الإيقاع في شعر شاذل طاقة، رسالة ماجستير، كلية التربية، جامعة الموصل، ٢٠٠٢، ص ٣-٤.
٢- المرجع السابق نفسه، ص ٤.
٣- شاذل طاقة، شاذل طاقة.. أوراق عنه، مجلة الأقلام، العدد ١١، ١٩٨٣.
٤- المرجع السابق نفسه.