المدرسة السريالية: مفهومها، طرقها، مبادئها، أهم فنانيها
المدرسة السريالية: تحددت السريالية للحركة الفنية السريالية منذ صدور البيان الأول عام ١٩٢٤م فجاءت السريالية ضد عدمية الدادائية وطمسها لقيم الإنسان واعتبارها بأن الوجود عبث. (١)
فالسريالية بصفتها حركة لم تقتصر على الفنون التشكيلية وإنما شملت الشعر والأدب والفن المسرحي، وحتى علم النفس والفلسفة، وإن المذهب الرئيس للمدرسة السريالية يقوم على وجود عالم أكثر حقيقة من العالم الاعتيادي عالم (العقل الباطن)، ويعد (سيجموند فرويد) المرجع الحقيقي للمدرسة السريالية، إذ عمل على حل تعقيدات الحياة في مادة الأحلام وسعى للوصول إلى أسرار العقل الباطن المكبوت. (٢)
لقد احتوت السريالية على كل ما هو جديد من الأفكار والموضوعات، وآمنت بأنّ الحلم هو الطريق الأفضل للكشف عن الحقائق الغامضة فاستعملت الكحول والنوم لتنضيج أعمالهم الفنية، وظنا منها أن الإنسان عندما يكون واعيا يعود إلى حكم العقل والذاكرة أما في الحلم فيمكن إيجاد حلول لكل المشكلات. (٣)
لقد عد فرويد أن الأحلام أفعالاً نفسية، وإن منبع الأحلام هو اللاشعور وهو المنطقة الأوسع في العقل بوصفه خزين ومستودع للغرائز، وإنّ محتويات عالم اللاشعور عبارة عن خبرات طفولية ورغبات حسية ومخلفات نفسية، وإن السريالية هي انعكاس لنظرية فرويد النفسية. (٤)
طرق المدرسة السريالية في الاَداء
لقد استعمل السرياليون طريقتين في الأداء:
- الطريقة الأولى: اعتمدت على التجسيم الواقعي الشبيه بالفوتوغرافيا لإبراز الكائنات التي ترسم من قبل الفنان سواء كانت كائنات واقعية مقتبسة من الطبيعة أو وهمية من عالم الأحلام والأساطير أنه أسلوب يجمع بين الواقع واللاواقع وقد أتبعه سلفادور دالي.
- الطريقة الثانية: تشبه الأسلوب التكعيبي ذو البعدين وترتكز هذه الطريقة على الفنان في إطلاق الفكر ليملي نزواته وخواطره من دون رقيب من العقل المقيد بقواعد المنطق، وقد اتخذ هذا الأسلوب الفنان (خوان ميرو). (٥)
ومن أهم فناني المدرسة السريالية (سلفادور دالي، ماكس أرنست، وايف تانغي، ورونیه ماغريت، وبيكابيا). (٦)
ولقد ابتدع سلفادور دالي أسلوبا جديدا أسماه (البارانويا الانتقادية) فهي تمثل نوع من الهلوسة تجعل المصاب ينسب الأحداث إلى ما ليس له وجود في الواقع. (٧)
أما ماكس أرنست فقد اشتهر باستعماله لتقنية (الفرتاج) والتي قام أرنست بملء أشكاله الغريبة التي لا يرسم منها غير خطوطها الخارجية بوضع ورقة على سطح خشن من الحجر أو الخشب أو أوراق الشجر ثم (حك) داخل الأشكال بقلم الرصاص أو الفحم أو الباستيل ، فتظهر عن ذلك صور تثير الخيال وذلك بالتقاء المادة الطبيعية من تجازيع الخشب أو حبب الحجر أو تفاريع أوراق الشجر مع الأشكال المرسومة في صورة واحدة. (٨)
ومن ثم ابتدع تقنية أخرى هي (جراتاج) إذ وضع بعض الأغراض والبصمات على لوحة ومن ثم دهنها بالكامل، ثم إزالة وكشط بعض طبقات الدهان من بعض أجزاء اللوحة ليظهر ما يوجد تحت الدهان من أشكال. (٩)
إن السرياليين يرسمون من دون تخطيط أولي أو فكرة محددة لموضوع العمل الفني، ومن دون رقابة أو تفكير مخصص للجمال أو مبدأ أخلاقي، فرسوماتهم في العالم الخارجي (العقل الباطن) ولا يمكن تفسيرها للوهلة الأولى، إذ لا توجد علاقة بين الأشكال ومضمون اللوحة. (١٠)
اقرأ أيضا: المدرسة التكعيبية
مبادئ المدرسة السريالية
- إسقاط القيم الأخلاقية والدينية والجمالية والأدبية.
- عدم الاهتمام بدراسة الطبيعة والتركيز على دراسة الأوضاع الواقعية.
- إتباع الأساليب اللاشعورية في العمل الفني والاهتمام بأسرار العقل الباطن.
- الحث على رسم الأشياء في عالم الرؤى والأحلام الغامضة بحسب نظرية فرويد.
- دمج الواقع في اللاواقع. (١١)
إن الفنان السريالي عندما يمزج أفكاره بالخيال لا يعمد الابتعاد عن الواقع، وإنما يريد أن يضع نقطة رجوع للعودة إلى الواقع من أجل معرفة ما اكتشفه وابتكره في عالم اللاشعور، ويمكن القول أن السريالية لا تحمل حقيقة صادقة لأن كل ما يصدر منها في الواقع هو نشاط خيالي. (١٢)
اقرأ أيضا: المدرسة الانطباعية
قائمة المراجع:
١- عبد الكريم جاسم محمد، الأبعاد الفكرية والجمالية للدلالات السريالية في الرسم العراقي المعاصر، رسالة ماجستير غير منشورة، كلية الفنون الجميلة، جامعة بابل، ٢٠٠٦، ص ٥٤.
٢- ريد، هربرت، الفن (مقدمة في نظرية الرسم والنحت الحديثين)، ترجمة: فاضل كمال الدين، ط١، ٢٠٠١، ص ١١٦-١١٧.
٣- الخفاجي، مواهب عبد الحميد، سمات الحداثة في الرسم العراقي المعاصر، رسالة ماجستير غير منشورة، كلية التربية الفنية، جامعة بابل، ٢٠٠٣، ص ٧٥-٧٦.
٤- عبد الحميد شاكر، العملية الإبداعية في فن التصوير، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، سلسلة عالم المعرفة، العدد ١٠٩، الكويت، ١٩٨٧، ص ١٦.
٥- أبو حجلة، ليلى فؤاد، تاريخ الفن والنشوء والتطور، ط١، دار المجتمع العربي، عمان، ٢٠١١، ص ٢٩٢.
٦- حمادي، عاد محمود، اللعب في الرسم الحديث، أطروحة دكتوراه غير منشورة، كلية الفنون الجميلة، جامعة بابل، ٢٠٠٤، ص ٨٧.
٧- نيوماير، سارة، قصة الفن الحديث، ترجمة: رمسيس يونان، مكتبة الانجلو المصرية، القاهرة، ١٩٦٠، ص ١٨٩.
٨- نيوماير، سارة، ١٩٦٠، مرجع سابق، ص ١٩١.
٩- أبو حجلة، ليلى فؤاد، مرجع سابق، ٢٠١١، ص ٢٩١.
١٠- الكية، فردينان، فلسفة السريالية، ترجمة: وجيه العمر، منشورات وزارة الثقافة والأرشاد القومي، د.ط، دمشق، ١٩٧٨، ص ٧٥-٧٦.
١١- حسن، محمد حسن، مذاهب الفن المعاصر، ط١، هلا للنشر والتوزيع، مصر، ٢٠٠٢، ص ٢٧٧.
١٢- رغد سلمان خليل الحيالي، أثر التعلم المتحفي الإلكتروني في تحصيل طلبة كلية الفنون الجميلة في مادة تاريخ الفن، رسالة ماجستير، كلية التربية الأساسية، جامعة ديالى، ٢٠١٤، ص ٦٣.