إستراتیجیة التعلم المبرمج
إستراتیجیة التعلم المبرمج: إن التطور المستمر للمعرفة العلمية والزيادة الكبيرة في أعداد الطلاب والنقص الشديد في أعداد المدرسين جعلت الكثير من الدول تستخدم طريقة في التعلم تمكن الدارس أن يتعلم بنفسه تبعاً لسرعته وإمكاناته الخاصة، حیث تؤكد الاتجاهات التربوية على أهمية التعلم الذاتي الذي ينقل العملیة التعلیمیة من الاهتمام بالمادة الدراسية إلى الاهتمام بالطالب ليتعلم حسب ميوله واستعداداته وقدراته، ويكون دور المعلم مرشداً وموجهاً للمتعلم، وفي نفس الوقت یعد التعلم المبرمج أول محاولة في هذا المجال فقدم للتعلیم وسيلة یستطیع المدرس من خلالها التخلص من الأعمال الروتینیة ويوفر لدیه الوقت لأداء أنشطة أكثر مهاریة وهذا ما یسمى بالتعلم المبرمج، حیث أنه "نوع من التعلیم الآلي يؤدي إلى استيعاب الدارس للموضوع المطلوب دراسته عن طريق تقسيمه إلى خطوات أو عناصر صغیرة مرتبة ومتتابعة ویوجد بينها علاقات تهدف إلى تجنب الدارس الأخطاء". (١)
ويرى عبد الحميد شرف بأنه "اكتساب الخبرات نتیجة التفاعل بين المتعلم والبرنامج في غياب المدرس". (٢)
وتذهب لمياء الدیوان بأنه "نوع من برامج التعلم الذاتي التي یسیر فیها المتعلمون من إطار إلى آخر بالترتیب نفسه، لكن كل متعلم يعمل حسب سرعته الذاتية، ولا بد من تهيئة المادة التعلیمیة واعدادها أعداداً خاصاً وتعرض في صورة (كتاب، مبرمج، آلة تعلیمیة، أجهزة عرض)." (٣)
فیما ترى محاسن رضا بان التعلم المبرمج هو محاولة للوصول إلى هدف أو أكثر من أهداف التعلیم عن طریق تحلیل الخبرات التي من شأنها أن توصل إلى هذا الهدف تحلیلاً دقیقاً.(٤)
ويعرف التعلم المبرمج بأنه "نوع من أنواع التعلم الذاتي یعمل فیه المعلم على قیادة التلميذ وتوجيهه نحو السلوك المنشودة عن طریق برنامج، أعدت فیه المادة التعلیمیة أعداداً خاصاً وعرفت باستخدام آلة تعلیمیة أو كتاب مبرمج". (٥)
ويقصد بالتعلم المبرمج "استخدام برنامج واجراءات تكون فیما بینها برنامجاً في التعلم الذاتي، أي وضع خطة ممكنة لعمل منسق أو سلسـلة من العملیات المعدة سلفاً لتشكل في مجموعها عملیة تعلیمیة واحدة متكاملة تقدم للمتعلم لتوصله إلى أعراض سلوكية محددة". (٦)
وأوضحت نوال إبراهيم وميرفت علي بأنه "یقوم على مبدأ مراعاة الفروق الفردیة حیث إن هذه الفروق تراعي مراعاة مباشرة إذا ما أتيح لكل متعلم أن يتعلم ذاتیاً حسب قدراته واستعداداته لأن درجة تعلمه فـي نطاق التعلیم الجماعي قد لا تتيح له فرص التعلم حسب تلك القدرات والاستعدادات". (٧)
ويعرفه فخر الدين القلا بأنه "سلسلة من العمليات التي تعطى للدارس كمثيرات یعمل الدارس بها بسرعته الذاتیة فيقوم باستجابة حتى يصل إلى نهاية البرنامج". (٨)
ويذهب محمود الربيعي بأنه "طریقة حدیثة في التعلیم والتدريب تؤكد على التعلم الذاتي للطالب وتعتمد على مبدأ الاستجابة والتعزيز وتكون المواد والمواضيع الدراسية فیها مقسمة إلى سلسلة خطوات صغيرة متتابعة تتدرج بالطالب من الأمور السهلة إلى الصعبة ومن البسيطة إلى الأكثر تعقیداً" (٩)
السیرة التاریخیة للاستراتیجیات التعلم المبرمج
یمكن "إرجاع الجذور الأولى للتعلم المبرمج إلى عصر سقراط الذي استخدم الطریقة الحوارية (Dialoque)، لتوليد الأفكار وقيادة المتعلم على الأهداف المنشودة، حيث كان يؤمن بأن الفكر البشري قادر على أن يكشف الحقائق إذا ما تم توجيهه". (١٠)
فیما ترى الدیوان بأنه "انشطر رأي المهتمین بالتعلم المبرمج إلى اتجاهين منهم من يرى أنه طریقة جدیدة استفادت من التكنولوجيا لخدمة العملیة التعلیمیة والبعض الآخر يؤكدون أن بداياته كانت في عهد فلاسفة اليونان القدماء" (١١)
كما أشار أفلاطون إلى "ضرورة اعتماد مبدأ الإجابة الفاعلة والخطوات الصغيرة والمعرفة الفورية للنتائج وتجنب الأساليب القهرية أثناء التعلم".(١٢)
وفي القرن السابع عشر وصف (كومنيوس)، إن هناك "نوعاً من التعلم الفردي الذي يعتمد على الخطوات الصغيرة أثناء التعلم وهذا ما يعتمد عليه التعلم المبرمج" (١٣)
أما كوانتیلیان فقد دعا في كتابه (المؤسسة الخطابية) إلى "ضرورة اعتماد مبدأ الخطوات الصغيرة والإكثار من الأسئلة واستمرار التعزيز الموجه، وجعل المتعلم معتمداً على نفسه في الحصول على الجواب أثناء التعلم". (١٤)
ويرى Skinner: أنه في "عام ١٩٢٦ قام (بریسي) بوضع أول آلة استخدمت في تصبح الاختبارات الموضوعية وقال عنها (بریسي)، بأنها تعطي اختیارات وتخبر بالدرجات وتقوم بعملية التعلیم، وبذلك اعتبرت هذه المحاولة بداية الاهتمام بالتعلم المبرمج" .(١٥)
وفي فترة الخمسينات وضحت المعالم الأساسية للتعلم المبرمج، وقد ظهر أسلوبان أساسيان من أساليب البرمجة هما:
أسلوب البرمجة الخطية: الذي تبناه (سكنر) وأتباعه، "واعتبر أن المحاضرة التي ألقاها (سكنر) عام ١٩٥٤ في جامعة (هارفارد) والتي كانت تحت عنوان (علم التعلم وفن التعلم).بدایة الاهتمام بطريقة التعلم المبرمج حيث توصل (سكنر) نتیجة دراساته على الحیوانات إلى أن عملية التعزيز التي تعقب عمل ما، تعتبر أساسية في كل صور التعلم ويعد التعزيز عاملاً أساسیاً بالنسبة للمتعلم عند (سكنر) فعندما تحدث الاستجابة وتتبعها معرفة فوریة بالنتيجة، فإن هذه الاستجابة ستعزز، وبذلك تصبح أكثر احتمالاً للظهور في المستقبل". (١٦)
أما أسلوب البرمجة التفریعیة ورائد هذا الاتجاه (كراودر) والذي يرى إن "الإطارات في هذا النوع من البرمجة لا تكون في خط مستقیم ومتابع كما هو الحال في البرامج الخطية (لسكنر) والاستجابة هي من نوع الاختيار من متعدد". (١٧)
أما على "المستوى العربي فيرجع الفضل الأول لإدخال التعلم المبرمج إلى هیئة الیونسكو الدولیة، وأول مؤتمرها عقد في الأردن عام ١٩٦٣ عن التعلم المبرمج، وفي عام ١٩٦٤ عقد في بيروت حلقة دراسية لمتابعة ما تحقق من تطبیقات، وفي عام ١٩٦٥ عقد مؤتمر اليونسكو الإقليمي بالقاهرة للتعرف بالتعلم المبرمج وماهیة فلسفته وأساليبه وطرائقه ووضع البرامج التعلیمیة وتقويمها". (١٨)
خطوات إستراتیجیة التعلم المبرمج
حدد كل من عبد الحمید شرف (١٩) وعبد الحافظ محمد (٢٠)، والتمیمي (٢١)، خطوات إستراتیجیة التعلم المبرمج وهي على النحو الآتي:
١- تحديد الأهداف والمهارات والمعلومات التي ينبغي أن يتقنها الطالب.
٢- صیاغة المادة التعلیمیة في البرنامج بالشكل الآتي:-
- مقدمة أو تمهيد للمعلومات الدراسية.
- تعلیم: أي أن يحتوي الإفطار على معلومات جدیدة.
- تعریف: أي أن یكون الإطارتحدیداً أو تعریفیاً لمفهوم معین.
- اختبار: أن یكون الإطار اختباراً للمعلومات التي وردت في إطارات سابقة.
- مراجعة: أن یكون الإطار مراجعة لمعلومات أكثر من أطار واحد.
٣- تقسيم المادة الدراسية (موضوع الدرس) إلى وحدات صغيرة تسمى كل واحد منها بنداً أو أطاراً.
٤- يشترط في الإطار أن تتوافر فيه ثلاثة أمور هي:-
- المعلومات أو المحفز.
- الاستجابة.
- التغذية الراجعة.
٥- تنظیم الإطارات في تسلسل متدرج من السهل إلى الصعب ومن المعلوم إلى المجهول.
٦- يلاحظ في تسلسل الإطارات أن تدعو إلى التأمل والتفكير بحيث تناسب مسـتوى ونضج الطلاب ونموهم العقلي والمرحلة الدراسیة التي هم فیها.
٧- أن يرتبط الإطار بالإطار السابق ويمهد لإطار لاحق.
٨- تصاغ المعلومات بالإطار الواحد من كلمات وعبارات واضحة وسهلة بحيث يسهل فهمها.
٩- تثبت مجموعة من التعليمات أو الإرشادات قبل بدء الطالب بالإجابة عن الإطارات وتوضيح كیفیة السیر في البرنامج.
مبادئ إستراتیجیة التعلم المبرمج
حدد فاخر عاقل (٢٢)، وسلمان عاشور الزبیدي (٢٣)، المبادئ التي تركز عليها إستراتیجیة التعلم المبرمج هي:-
- مبدأ الخطوة خطوة.
- اعتماد الطالب على نفسه یعطیه مسؤولية التركيز وفهم وتذكر ما يتعلمه.
- یمكن لكل طالب أن یتقدم بسرعته الخاصة وفقاً لقدراته واستعداداته.
- یتعلم الطالب بسرعة أكثر حسب ما یحصل من قوة التعزيز ومعرفته للنتائج في كل خطوة.
- إتقان الخطوات المتدرجة يؤدي بالنهاية إلى النتیجة العامة المطلوبة.
أهمیة إستراتیجیة التعلم المبرمج
ذكر كل من محمد سعد وآخرون (٢٤) وجمال الدين (٢٥) وأبو النجا (٢٦) والوقفي وآخرون (٢٧) أن أهمية التعلم المبرمج تتمثل بما يأتي:-
- يساهم في سرعة التعلم.
- یساعد في اقتصاد زمن التعلم والجهد المبذول.
- یساعد على مواجهة الأعداد المتزايد من المتعلمین.
- یساعد على مراعاة الفروق الفردية بين المتعلمين.
- یساعد على إثارة حماس المتعلمين وتشويقهم للعمل بالدرس بفاعلية.
- يوفر للطالب التغذية الراجعة من خلال ما يقدمه المدرس من تعزيز عند الإجابة الصحیحة.
- يساعد المتعلم على اكتساب مهارات التعلم الذاتي تدریجیاً .
- إیجابیة المتعلم في علاقته بالمادة التعلیمیة وتفاعله المستمر.
- یساعد كل تلميذ أن يتعلم تبعاً لسرعته الخاصة.
- یوفر جهد المعلم ویتیح له التفرغ لأعمال تربویة أخرى مثل التوجيه والإرشاد.
دور المدرس في إستراتیجیة التعلم المبرمج
يختلف دور المدرس في التعلم المبرمج عن دوره في التعلیم المتبع لأن مهمته التعلیمیة تتقلص وتزداد مهماته الإدارية، ويرى كل من نوال إبراهيم، ميرفت علي خفاجة (٢٨)، وحسین الطوبجي (٢٩)، ولمياء الدیوان (٣٠) إن من أهم مهمات المدرس ما يأتي:-
- يخطط ويصمم المواد التعلیمیة اللازمة لنشاطات الطالب، ويرتب مراحل الدرس ونشاطاته.
- یقوم أعمال الطلاب ونشاطاتهم.
- یشخص الأخطاء والصعوبات التي يعاني منها الطلاب أثناء التعلم.
- یختار المادة العلمية التي يتناولها الطلاب كما یختار الأهداف السلوكية.
- یهیئ الوسائل التعلیمیة التي يستخدمها المتعلمون.
- یقوم بدور الموجه والمرشد للمتعلم الذي یعینه على كیفیة استخدام هذا البرنامج والسیر فیه.
- یعد المبرمج الذي یرجع ألیه المتعلم كلما واجه صعوبة أثناء عملیة التعلم.
وسائل التعلم المبرمج
هناك عدد من الوسائل التي يمكن من خلالها تقديم المادة التعلیمیة بأسلوب التعلم المبرمج بوسائل متعددة منها:- (٣١)
- الآلات المیكانیكیة والالكترونية.
- المخترعات غیر المیكانیكیة.
- الأفراد.
قائمة المراجع:
١- احمد السيد عبد الحمید، تعلم الرواسم والعلاقات، ط١، القاهرة ، دار النهضة العربية، ١٩٧٦، ص٣.
٢- عبد الحميد شرف، تكنولوجيا التعليم في التربیة الریاضیة، ط١، القاهرة، مركز الكتاب للنشر، ٢٠٠٠، ص١٠٨.
٣- لمیاء حسن الدیوان، اسالیب فاعلة في تدریس التربیة الریاضیة، ط١، البصرة، مطبعة النحيل، ٢٠٠٩، ص٢٢.
٤- محاسن رضا احمد، برمجة المواد التعلیمیة، القاهرة، ١٩٧٧، ص ٢٠.
٥- عثمان لبيب فراج، مقال في التعليم المبرمج، التربية المقارنة (صحیفة التخطيط التربوي في البلاد العربیة)، ١٩٦٨، ص ١٧.
٦- سلمان عاشور الزبيدي، اتجاهات تربوية عالمية معاصرة، منشورات جامعة الجبل العربي، لیبیا، ١٩٩٧، ص٣٦ .
٧- نوال إبراهيم شلتوت، ومیرفت علي خفاجة، طرق التدريس في التربیة الریاضیة، ج٢،الاسكندرية، مكتبة الاشعاع الفنية، ٢٠ص ١٢٠.
٨- فخر الدين القلا، تقنيات التعلیم والوسائل التعلیمیة، جامعة دمشق، مطبعة الاتحاد، ١٩٩٧، ص٣٢.
٩- محمود داود الربيعي، وسعد صالح محمد أمین، الاتجاهات الحديثة في تدريس التربیة الریاضیة، اربیل، مطبعة منارة، ٢٠١٠، ص٣٩.
١٠- عبد الله عبد الدایم، التربية عبر التاريخ، بيروت، دار العلم للملايين، ١٩٧٥، ص٦٩.
١١- لمياء حسن الديوان، مصدر سابق، ص٢٣.
١٢- دیمون مولان موریس، التعليم المبرمج، (ترجمة) مثال أبي فاضل بیروت، منشورات عويدات، ١٩٨٥، ص٢٥.
١٣- جمال الدین الشافعي، التعليم المبرمج في التربیة البدنیة والریاضیة، القاهرة، دار الفكر العربي، ١٩٧٧، ص٧٢.
١٤- cohen, I" operant behavior and operant conditioning, go, Mccnally, 1996.
١٥- skinner, B.F.Teaching machine and programmed learning, vol.L.Washing ton ,National Education.
١٦- Black man Derek.operant carditioning: An experimental and laiss of beharior, Lond on, Education, 1974.
١٧- crowder, N.A.An tomatic Hutoring by intrinsic programming, National Education,1970, p 286.
١٨- لمياء الديوان، مصدر السابق، ص٢٤-٢٥.
١٩- عبد الحميد شرف، تكنولوجيا التعلم في التربیة الریاضیة، ط١، القاهرة مركز الكتاب والنشر،٢٠٠٠، ص ١٠٩-١١٠.
٢٠- عبد الحافظ محمد سلامة، مدخل إلى تكنولوجيا التعليم، عمان، دار الفكر للنشر والتوزیع، ١٩٩٢، ص ١٢٠-١٢١.
٢١- عواد جاسم التميمي، المنهج وتحلیل الكتاب، ط١،بغداد، دار الحوراء، ٢٠٠٩، ص ٩٨-٩٩.
٢٢- فاخر عاقل، معجم علم النفس، ط١، بیروت، دار العلم للملايين، ١٩٨٤، ص ٢٥٢.
٢٣- سلمان عاشور الزبیدي، التربية المقارنة (اتجاهات تربوية عالمية معاصرة)، منشورات جامعة الجيل العربي، ط١، الزنتان، لیبیا، ١٩٩٧، ص٣٨.
٢٤- محمد سعد زغلول وآخرون، تكنولوجيا التعليم وأساليبها في التربیة الریاضیة، ط١، القاهرة، مركز الكتاب للنشر، ٢٠٠١، ص ٦١.
٢٥- جمال الدین الشافعي، التعليم المبرمج في التربیة البدنیة و الریاضیه، القاهرة، دار الفكر العربي، ١٩٩٧، ص٢١٠.
٢٦- أبو النجا أحمد عز الدین، طرق تدريس التربیة الریاضیة، ط١، مصر، مطبعة جامعة المنصورة، ٢٠٠٥، ص١٢٦.
٢٧- راضي الوقفي وآخرون، التخطیط الدراسي، ط١، عمان، ١٩٩٧، ص٢٠٢.
٢٨- نوال ابراهيم شلتون، ميرفت علي خفاجة، مصدر سبق ذكره، ص١٤٨.
٢٩- حسين الطوبجي، وسائل الاتصال والتكنولوجيا في التعلم، ط٢، الكويت، دار التعلم، ١٩٨٣.
٣٠- لمياء حسن الديوان، مصدر السابق، ص١٩.
٣١- داود ماهر محمد، التعلیم المبرمج، جامعة الموصل، دار الكتب للطباعة والنشر، ١٩٨٨، ص١١٧.