القائمة الرئيسية

الصفحات

[LastPost] أخر المواضيع

المسؤولية الإجتماعية، المفهوم، الأهمية، الابعاد، الأنواع

المسؤولية الإجتماعية، المفهوم، الأهمية، الابعاد، الأنواع

لقد توالت البحوث في إطار المسؤولية الاجتماعية (Social Responsibility) وطرحت وجهات نظر متعددة مثلت تيارات فكرية لتعامل منظمات الإعمال مع مجتمعاتها من جهة ومن جهة أخرى عكست هذه العلاقة طبيعة التطور الاقتصادي والاجتماعي والقانوني التشريعي من جهة أخرى. 

فقد درست المسؤولية الاجتماعية مفهوماً ذا علاقة مع العديد من المفاهيم الإدارية كالأداء واتخاذ القرارات والشفافية والفساد الإداري والميزة التنافسية والإبداع بشكله العام والتكنولوجي بشكله الخاص ومن جانب أخر طورت معايير وقياسات مختلفة وعرضت مداخل متعددة لمفهوم المسؤولية الاجتماعية في بيئات متعددة.


لقد برزت فلسفة المسؤولية الاجتماعية كنتيجة حتمية لتطور الأفكار والحركات التي اهتمت بحماية المجتمع والمستهلك، فضلاً عن الاهتمام بحماية البيئة والموارد الطبيعية، خاصة في ظل الانتقادات الموجهة للفلسفات السابقة، التي كانت لا تولي الجوانب السابقة الاهتمام الكافي، إذ تشير المسؤولية الاجتماعية إلى الدور الذي يتعين على المنظمة أن تؤديه تجاه المجتمع.

المسؤولية الإجتماعية


ازداد الاهتمام بالمسؤولية الاجتماعية في النصف الثاني من القرن العشرين في ضوء ضرورة الموازنة بين مصالح منظمات الأعمال المتناقضة المتمثلة بالربحية ومصالح المجتمع وتحقيق رضا المستهلك. وبذلك برزت أهمية المسؤولية الاجتماعية للمنظمات. (١)


تعريف المسؤولية الاجتماعية


لقد كثرت وتعدد التعاريف لمفهوم المسؤولية الاجتماعية، وذلك لاختلاف وجهة نظر كل مفكر أو هيئة، ومن بين هذه التعاريف نذكر:


عرفها (Caroll) بأنها: التوقعات التقديرية المنتظرة من المؤسسات من خلال الاهتمام بمختلف الجوانب الاقتصادية، القانونية، الأخلاقية، والتقديرية أثناء ممارسة نشاطها في فترة زمنية معينة.


وتم تعريفها في الكتاب الأخضر للمسؤولية الاجتماعية كالتالي: "هي إدماج المؤسسة متخلف الاهتمامات الاجتماعية والبيئية بشكل طوعي حلال قيامها بنشاطاتها وأعمالها، وعلاقاتها مع أصحاب المصالح" 


وهي فكرة يجب على صانع القرارات أن يأخذها في اعتباره عند اتخاذ قراراته لتحقيق رفاهية الجماهير وأن يكون هذا عن طواعية واختيار وليس خوفا من النقد أو التهديد باستخدام القانون.


وكذلك هي التزام بتحسين رفاهية المجتمع من خلال ممارسات أعمال اختيارية تقديرية ومساهمات بالموارد المؤسسية. (٢)


أهمية المسؤولية الاجتماعية


وتبرز أهمية المسؤولية الاجتماعية بوصفها:


  1. أنها تعد من العناصر الرئيسة في تكوين سمعة المنظمات والمشاركة في استراتيجيات واقعية وفاعلة لتقديم الخدمات الاجتماعية وتعزيز السمعة العامة للمنظمة مما يُسهل آليات إدارة المنظمة والرفع من قدرتها على استقطاب زبائن جدد وزيادة حصتها في السوق.
  2. يمكن عد المسؤولية الاجتماعية حلقة وصل تجمع مكونات الالتزام الأخلاقي للمنظمات فيما بينها من جهة أصحاب المصالح من جهة أخرى ولهذه الحلقة تأثير إيجابي على هيكلية المنظمة.
  3. أنها تعد استثمارا طويل الأجل له عائد على المدى البعيد يفوق الكلفة المنفقة على أوجه النشاط الاجتماعي للمنظمة، لأن قيام المنظمة بمسؤولياتها الاجتماعية اتجاه أصحاب المصالح وغيرهم في المجتمع يساهم في تحسين صورة ومركز المنظمة في عيون الزبائن والجمهور مما ينعكس ايجابا على عائدات المنظمة في الأمد المتوسط وللأمد البعيد.
  4. تعد ميزة تنافسية للمنظمة في ظل أسواق عالية المنافسة وتساعدها على تجاوز تحديات المنافسة إلى حد ما.
  5. تعد عنصراً مهماً في صياغة الاستراتيجية الشمولية للمنظمة، إذ إن هذه المسؤولية باتجاهاتها المختلفة ترتبط على نحو أو بآخر بعنصر العمل في المنظمة من حيث إدراك العاملين لهذا العنصر بما يكفل وإسهامهم الفاعل في تنفيذ المهام الموكلة إليهم.
  6. إن إعداد العاملين مهارياً وثقافياً ينبغي أن يتضمن عنصر المسؤولية الاجتماعية التي تعد من صلب الثقافة المنظمية، فضلاً عن ثقافة العاملين في المنظمات التي تهتم بالمسؤولية الاجتماعية والأخلاقية، إذ إن عنصر الثقافة يعكس صورة جيدة عن المنظمة كما وينعكس على نشاط المنظمة. (٣)


أبعاد المسؤولية الاجتماعية


تتضمن المسؤولية الاجتماعية مجموعة من الأبعاد، وهي البعد الاقتصادي، والبعد القانوني، والبعد الخيري، وهي كالآتي:


  1. البعد الاقتصادي: يعتمد نمط المسؤولية الاقتصادية على وجهة النظر التي تركز فيها المؤسسات على هدف تعظيم الربح، ويشير هذا البعد إلى أن قطاع الأعمال عليه الالتزام بأن يكون منتجا، ومربحا، ويلبي الحاجات الاستهلاكية للمجتمع، وأن المساهمات الاجتماعية لا تعدو عن كونها نواتج عرضية للبعد الاقتصادي. فإن لم تتمكن من تغطية التكاليف من خلال تحقيق الأرباح فإنها لن تتمكن من تلبية أي مسؤولية اجتماعية أخرى، إضافة لتحقيق الربح لباقي الأطراف التي تتأثر بقرارات المنظمة، وتتمثل المسؤولية الاجتماعية ببعدها الاقتصادي بتحقيق الربح الذي يمكن المنظمة من تغطية التكاليف المستقبلية.
  2. البعد القانوني: أي التزام المؤسسة بإطاعة القوانين واكتساب ثقة الآخرين من خلال التزامها بتنفيذ الأعمال الشرعية وعدم القيام بالأعمال المخلة بالقانون. ويتضمن عدة عناصر، منها قوانين حماية المستهلك من الغش والتزييف، وحماية البيئة من التلوث ومنع الاستخدام غير المنظم للموارد والتخلص من الفضلات وتأمين السلامة، ومساعدة الأفراد في حالات العجز، والإصابات والتقاعد، وغيرها. كما يمثل البعد القانوني التزام المؤسسة بالقوانين، والتشريعات والأنظمة التي تسنها الدولة التي تعد بمثابة تشجيع والتزام المنظمات بأن تنتهج سلوك مسؤول ومقبول في أنشطتها، ومخرجاتها المقدمة للمجتمع، وأن لا ينتج عنها أي ضرر، ولا ينعكس هذا السلوك على حدود علاقة المؤسسة مع المجتمع فقط، بل يعمل على حماية المؤسسات بعضها من بعض من جراء أساليب المنافسة غير العادلة التي قد تحصل.
  3. البعد الخيري: يرتبط البعد الخيري بتنمية وتطوير المجتمع وتحسين نوعية الحياة ضمن مبادرات طوعية غير ملزمة للمؤسسة تبادر فيها بشكل خيرني تطوعي اعتماداً على برامج لا ترتبط بالعمل بشكل مباشر وقد تكون لعموم المجتمع أو لفئات خاصة به ولا تهدف إدارة منظمات الأعمال من هذه البرامج ارتباطها المباشر بزيادة الأرباح أو الحصة السوقية أو غيرها. (٤)


أنواع المسؤولية الاجتماعية


أن أنواع المسؤولية تتمثل في التالي:


  1. المسؤولية القانونية ويقصد بها مراعاة القانون والبعد عما يجرمه.
  2. المسؤولية الاجتماعية ويقصد بها مراعاة حقوق الآخرين والمحافظة عليها وعدم الإضرار بها، ويدخل ضمن هذا النوع حقوق الوالدين والأقارب والأرحام وحقوق الجار.
  3. المسؤولية الأخلاقية وتعني الالتزام بمكارم الأخلاق مع الناس مثل طلاقة الوجه والكلمة الطيبة.
  4. المسؤولية الدينية وتعني الالتزام بحدود الله، أوامره ونواهيه، أداء الواجبات والبعد عن المحرمات. (٥)


أمثلة على تطبيق بعض المنظمات حول العالم للمسؤولية الاجتماعية


هناك العديد من المنظمات حول العالم بدأت بتطبيق مفهوم المسؤولية الاجتماعية، بعض هذه الشركات طبقت هذا المفهوم طوعاً، ومنها من طبقته بضغط من قبل المجتمع نتيجة للانتقادات التي توجه للمنظمات بأنها تركز فقط على النمو والأرباح، ومن هذه المنظمات التي بدأت بتطبيق المسؤولية الاجتماعية على سبيل المثال:


اولاً: بنك دويتشه Deutsche Bank: وهو أحد البنوك الألمانية، والذي أصدر تقريراً للمسؤولية الاجتماعية في عام ۲۰۰۷م ذكر فيه أن المنظمات لا تعمل في فراغ، وأنها جزء من المجتمع، وأنه كلما كانت البيئة الاجتماعية صحية توفرت للمنظمات فرص أفضل للنجاح، ومنها فقد عمل البنك على المساهمة في بناء المجتمع، ويعتبر ذلك من صميم مسؤوليته الاجتماعية، وقد عمل البنك على عدد من المجالات ليساهم عن طريقها في بناء المجتمع منها: الاستثمار الاجتماعي، حيث يعمل البنك على إيجاد فرص للعمل واستنهاض طاقات الأفراد عن طريق برنامج القروض الصغيرة الذي يقدمه، ويقدم البنك أيضاً برنامجاً يسمى برنامج الفنون، والذي يعمل على إيجاد بيئة تشجع الابتكار والاختراع، كذلك ويقدم البنك برنامج دعم التعليم، حيث يتم فيه اكتشاف وتمكين المواهب الشابة ودعمها لتحقيق النجاح، ويقدم البنك أيضاً برنامج التطوع التعاوني، ويشجع هذا البرنامج الموظفين على المشاركة النشيطة في مجتمعاتهم المحلية، كذلك ويهتم البنك في مجال البيئة ولديه استراتيجية بيئية تعمل على تجنب الاحتباس الحراري، وذلك من خلال المشاركة والدعم للعديد من الفعاليات في هذا المجال، كذلك ويهتم برفع الوعي العام بقضايا البيئة والتغيرات المناخية واستخدام الطاقات المتجددة.


وقد أنفق البنك في ۲۰۰۷م مبلغاً ضخماً على أنشطة المسؤولية الاجتماعية يبلغ ٨٢,٢ مليون يورو كان توزيعها حسب الأنشطة كما يلي: الاستثمار الاجتماعي ٤٢٪ التعليم ٢٤%، الفنون ٢٤٪، التطوع الاجتماعي ١٠٪، وكان توزيعها حسب الأقاليم كما يلي: ألمانيا ٤٩٪، أمريكا ٢٦%، المملكة المتحدة ۱۰٪ بقية أوروبا وأفريقيا ٨٪، آسيا ٧٪. 


ثانياً: بنك التنمية الصيني: نجح البنك عام ۲۰۰۷م في تحقيق نتائج جيدة في تأسيس نظام للمسؤولية الاجتماعية، وذلك عن طريق توسيع معرفة الموظفين بمفهوم المسؤولية الاجتماعية، وقد سعى البنك إلى تعزيز الأنشطة الخاصة بتنمية المجتمع من خلال تقديم عدد من الخدمات والتي تعود بالفائدة على المجتمع بشكل مباشر منها: تقديم قروض للمنشآت الصغيرة، وتقديم قروض تعليمية للطلاب، وتقديم قروض خاصة بالصحة والرعاية الطبية، وبناء المنازل لذوي الدخل المنخفض بالإضافة إلى دعم التنمية في المناطق الفقيرة، وفي مجال البيئة اهتم البنك في بناء مجتمع صديق للبيئة وذلك بمنع الآثار البيئية السلبية للمشاريع الممولة واستحداث وتطوير آليات لتمويل المشاريع البيئية. (٦)


قائمة المراجع:


١- أمير غانم وادي العوادي، المرونة الإنتاجية ودورها في تحقيق فلسفة الإنتاج النظيف وفق مدخل المسؤولية الاجتماعية للشركات، أطروحة دكتوراه، كلية الادارة والاقتصاد، جامعة كربلاء، ٢٠١٦، ص ٣٦.


٢- نصرة بنت سيف بن ناصر اللمكية، دور المسؤولية الاجتماعية للشركات في دعم الرياضة في سلطنة عُمان، رسالة ماجستير، كلية التربية، جامعة السلطان قابوس، ٢٠٢٠، ص ١٠-١١.


٣- علي عبد الحسين حميدي العامري، دور الذكاء الاستراتيجي والمسئولية الاجتماعية في تحقيق الأداء العالي، أطروحة دكتوراه، كلية الادارة والاقتصاد، جامعة كربلاء، ٢٠١٨، ص ٩٧.


٤- منى عوني الغالية، أثر المسؤولية الاجتماعية على التنافسية في المصارف الإسلامية، أطروحة دكتوراه، كلية الدراسات العليا، جامعة العلوم الإسلامية العالمية، ٢٠١٧، ص ٣٩-٤٠.


٥- خالد بن علي بن معيض الزهراني، الحكمة كمتغير وسيط بين المسؤولية الاجتماعية والاتجاه نحو التطرف لدى طلبة جامعة أم القرى، أطروحة دكتوراه، كلية التربية، جامعة أم القرى، ٢٠١٨، ص ٤٢.


٦- عبد الله إبراهيم عبد الله، مدى التزام البنوك السعودية بالإفصاح عن المسؤولية الاجتماعية وأثر ذلك على الأداء المالي، رسالة ماجستير، كلية إدارة الاعمال، جامعة أم القرى، المملكة العربية السعودية، ٢٠٢١، ص ٢٧-٢٨.



reaction:

تعليقات