التذوق الأدبي، مفهومه، مهاراته، وسائل تنميته

التذوق الأدبي، مفهومه، مهاراته، وسائل تنميته

يعد التذوق الأدبي هدفاً أساسياً من أهداف التدريس في مختلف المراحل التعليمية، وهو محصلة عوامل كثيرة منها ما يتعلق بالمستوى اللغوي عند التلاميذ، وقدرتهم على استخدام اللغة فهماً وإفهاماً، ومنها ما يتعلق بالجوانب النفسية الأخرى عندهم.

ولعل أبرز الأسباب التي أدت إلى تبني التذوق الأدبي هدفاً أساسياً من أهداف التدريس بمختلف المراحل، أن التذوق الأدبي قادر على النهوض بمستوى التلاميذ اللغوي، حيث يتجلى ذلك في تعبيرهم الكتابي، وتقويم ألسنتهم، وتعويدهم حسن الإلقاء والكتابة، والقدرة على النقد الصحيح، ومن ثم حملهم على مواصلة القراءة في أوقات فراغهم. (١)

التذوق الأدبي، التذوق الادبي


ويعرف التذوق الأدبي بأنه "جميع الأداءات السلوكية التي يقوم بها التلميذ بدرجة معينة من السهولة واليسر والدقة؛ استجابة للتفاعل مع أفكار النص الأدبي ومضامينه، وفهم الألفاظ والتراكيب، ودلالتها المختلفة، والإحساس بواقع النص الموسيقي والعاطفي، ورصد نواحي الجمال، وقيمة الصور البيانية، والمعاني المبتكرة، ويظهر ذلك من خلال الفهم، والاستنتاج، والتحليل، والربط، والحكم على النص الأدبي، والإحساس بجماله، ونقد عناصر الأدب". (٢)


مهارات التذوق الأدبي 


وحتى يتحقق التذوق الأدبي لدى الطالب لابد من تمتعه بمهارات عدة، منها (٣):


  1. فهم النص الأدبي، وهذا يقتضي معرفة أولية عن صاحب النص وتاريخه، ومعرفة جو النص وما يتصل به والعوامل المؤثرة فيه، والمناسبة التي قيل فيها، ومعرفة معاني المفردات اللغوية فيه، فضلا عن قراءته قراءة متأنية لتأمل الأفكار التي يحويها.
  2. تذوق النص الادبي، ويقتضي هذا الاحاطة بقواعد اللغة لمعرفة احوال الألفاظ، والاحاطة بعلم المعاني؛ لمعرفة مدى مطابقة الكلام لمقتضى الحال، وعلم البيان لمعرفة إيراد المعنى بطرائق مختلفة لتقوية المعنى، وعلم البديع لمعرفة وجوه تحسين الكلام، وعلم العروض والقوافي؛ لمعرفة موازين الشعر وما يعتريها، ومعرفة الأساليب العربية القديمة والحديثة وما فيها من أصالة، والمذاهب الادبية الحديثة، وتحليل النص وتحديد الفكرة الرئيسة له، وكذلك تجزئتها إلى أفكار جزئية إن كان النص طويلا، وتقصي المعاني الضمنية والمعنى العام للنص، وتقويمه ويتضمن الحكم على:


  • فكرة النص وأهميتها.
  • تسلسل الأفكار وترابطها وحداثتها ومدى توافقها مع الواقع.
  • قدرة الاديب أو الشاعر على التعبير عمّا أحس به، وصدق عاطفته.
  • سعة خيال الأديب وقدرته على تصوير العصر الذي ينتمي إليه.
  • مدى التمايز بين أسلوب الأديب وأساليب الآخرين.


المواقف التي يسترشد بها المدرس في تنمية الذوق عند الطلبة


  1. العناية بالتمهيد عند تدريس النص، وذلك بإلقاء الأضواء على بواعثه والملابسات التي أحاطت به، حتى يكون استقباله من الطلبة في شغف وانتباه، وان يكون إلقاؤه للنص إلقاءً نموذجياً يعيش بهم في جوه وأفكاره وأحاسيسه.
  2. تدريب الطلبة على عقد الموازنات بين نص وآخر سواء أكان للشاعر نفسه أم لمن يشترك معه في الموضوع من اجل تقدير الجمال الفني في النص. 
  3. يجب ألا ينفرد المدرس في تناوله للنص والتعليق عليه، وإنما يشارك طلابه في كل شيء ويكون دوره موجها ومرشدا لمواطن الجمال. 
  4. أن يحاول المدرس تحديد موقع النص، وجوه العام، فإذا كان النص مقتطعا من نص كلي فينبغي له الرجوع إلى الأصل وتحديد مناسبته وعصر قائله وحياته. 
  5. التذوق في العمل الأدبي يحسه من يعرف أسرار اللغة وخصائصها  وقدرتها التعبيرية، والتدريب على هذه المكونات، يساعد على تكوين  نشاط إيجابي لدى المتعلم، يسمح له بأن يحس الجمال الفني في النص.
  6.  مطالبة الطلبة بالا يصدروا حكما ذوقيا من دون أن يتأملوا النص عن طريق القراءة الصامتة. 
  7. عدم الإسراف في سرد الحقائق التاريخية والعلمية التي لا تمس جوهر  النص، أو الإفراط في البحث عن المحسنات البديعية. 
  8. تقسيم الطلبة إلى مجموعات، ثم طرح جوانب التذوق على شكل مشكلات لها علاقة بألفاظ مناسبة موحية، ويطلب من كل مجموعة أن تناقش في هدوء لحل هذه المشكلة. 
  9. على المدرس أن يحرص على تنمية الميول القرائية الشعرية لدى الطلبة وتذوقها، بأن يطلب منهم إعداد دفتر خاص يدونون فيه النصوص التي قرؤوها، وعرضها على المدرس ليناقشها معهم.
  10. ألا يقف المدرس في معالجة النصوص عند الشرح اللفظي                والمعنوي، بل عليه ان يكشف للطلبة نواحي الجمال في التعبير وتأثيره  في النفس.
  11. معرفة العوامل التي تشتت انتباه الطلبة؛ لأن التذوق يتطلب تركيزا في أثناء القراءة، وإعمال الفكر، وتمثل الشاعر التي يتوقى الشاعر               إيصالها لنا.
  12. التركيز على الاختبارات الشفوية والتحريرية اللتين تساعدان على تنمية الذوق الأدبي. (٤)


وسائل تنمية التذوق الأدبي


هناك وسائل عدة يمكن من خلالها تنمية التذوق الأدبي، منها، قراءة النص أكثر من مرة بتمهّل وإمعان، والموضوعية في نقد النص الأدبي من دون تحيز، وعقد الموازنات الدقيقة بين النصوص الأدبية، وايضا عدم المبالغة الشديدة في تحليل المحسنات البديعية، والاكتفاء بتذوقها بصورة عامة، والابتعاد عن الشرح الجزئي الممل، أو الشرح المقتضب الممل، فضلا عن اشاعة روح الوئام والألفة بين المدرس والطلبة، وعدم انفراد المدرس بالتعليق والنقد، وأن يكون المدرس مجرد موجه ومرشد لمواطن الجمال في النص الأدبي. (٥)


قائمة المراجع:


١- ماجد بن عبد الله بن عبد الكريم العبادي، فاعلية نموذج التعلم البنائي الخماسي في تنمية مهارات التذوق الأدبي لدى تلاميذ الصف الثالث المتوسط واتجاهاتهم نحوه، أطروحة دكتوراه، كلية التربية، جامعة أم القرى، المملكة العربية السعودية، ٢٠١٤، ص ٤٧-٤٨.


٢- الزهراني، مرضي بن غرم الله، تقويم نشاطات التعلم في مقرر الدراسات الأدبية في التعليم الثانوي في ضوء مهارات التذوق الأدبي اللازمة للطلاب، مجلة جامعة أم القرى للعلوم التربوية والنفسية، المجلد ٣، العدد ٢، مكة المكرمة، المملكة العربية السعودية، ١٤٣٢ هـ، ص ١٢٣.


٣- شوق عريبي هلال الجنابي، فاعلية أنواع الاستكشاف في التعبير الكتابي والتذوق الأدبي لدى طالبات المرحلة الاعدادية في مادة الأدب والنصوص، رسالة ماجستير، كلية التربية الأساسية، جامعة بابل، ٢٠١٥، ص ٤٦-٤٧.


٤- أحمد جبار راضي العابدي، أثر التدريس بطريقة التنقيب الحواري في حفظ النصوص الأدبية والتذوق الأدبي والتفكير الإبداعي في مادة الأدب والنصوص لدى طلبة الصف الخامس الأدبي، أطروحة دكتوراه، كلية التربية - ابن رشد، جامعة بغداد، ٢٠٠٧، ص ٧٦-٧٧.


٥- شوق عريبي هلال الجنابي، مرجع سابق، ص ٤٧.



مكتبة جواد
مكتبة جواد
تعليقات