إعداد المعلم، ما هو؟، وما أهميته؟

إعداد المعلم، ما هو؟، وما أهميته؟

يعتبر المعلم أحد المكوِّنات الرئيسة للعملية التعليميَّة والتربويَّة، وعاملاً مؤثراً فيها، وأساساً في تطويرها وتقدمها.

فجميع المناشط التربويّة والتعليميَّة ـ من محتوى تعليمي، وخطة دراسيَّة، ووسائل تعليميَّة، واستراتيجيات تدريس حديثة، وتكنولوجيا تعليميّة متطورة ـ لا يمكن تنفيذها إلا بواسطة هذا العنصر الفعّال في هذه الجانب الأساسي من جوانب الحياة.


ومن المتعارف عليه أن هذا العصر يتميَّز بالمتغيرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتكنولوجية؛ مما أوجب على العملية التعليمية أن تسعى لتجاري هذه المتغيرات، وإلا أصابها الجمود والتخلف والضعف، في عصر يسيطر عليه التقدم العلمي والتقني، واستلزم ذلك الاهتمام المستمر بها من جميع نواحيها، والتي منها المعلم.


وحتى يتحقق التطور والتقدم للمعلم، فإن موضوع إعداده حظي باهتمام المسؤولين في جميع الدول  المتقدمة منها والنامية. 

إعداد المعلم، إعداد المعلمين


فالمعلم الناقل للمعرفة فقط، لابد وأن يتغير دوره، ويصبح مطالباً بالقيام بأدوار متعدِّدة، ومسؤوليات مهنية هامة، من محركٍ للمعرفة على الدوام، ومحفِّزٍ لقدرات التلاميذ، ومشجعٍ على التفكير النقدي، ومساهم في الإبداع والابتكار.


ولن يتحقق ذلك إلا بإعادة النظر في برامج إعداده، داخل المؤسسات التعليمية والتربوية والتي تعده لقيادة جيل المستقبل وتعليمه. (١)


مفهوم إعداد المعلم


يحتل المعلم مركزا مهماً في نظام التعليم، فمهما بلغت كفاءة العناصر الأخرى للعملية التعليمية فإنها تبقى محدودة التأثير إذا لم يوجد المعلم الكفء.  (٢)


ويعرف (الزكي) بأنه مجموعة المبادئ والسلوكيات والإجراءات التي يتضمنها برنامج إعداد المعلم في محاورها المختلفة المتمثلة في المقررات الدراسية والأنشطة الطلابية وأعضاء هيئة التدريس والمناخ الذي يقدم فيه البرنامج، والتي تهدف جميعاً إلى تأهيل وتدريب الطلبة الدارسين في البرنامج ". (٣)


أهمية إعداد المعلم


يُعد التعليم وسيلة لإعداد الأجيال الحاضرة والقادمة، والمعلم أحد الركائز الأساسية التي تعتمد عليها العملية التعليمية، والمساعد على نجاحها وتقدمها، ولا يتم ذلك النجاح إلا بإيجاد المعلم المعد إعداداً جيداً، حتى يسير التعليم مواكباً للعصر الذي نعيشه. فأي مجتمع يريد أن ينشىء جيلاً واعياً صالحاً طموحاً؛ عليه أن يفكر في بإعداد المعلمين أولاً. 


فأهمية المعلم "لم يؤكدها المختصون والتربويون فقط، بل أكدتها العديد من المؤتمرات والندوات والحلقات الدراسية العربية والعالمية، والتي أوصت بتقديم المزيد من الجهد والعطاء والإبداع، بما يدعم عملية إعداد المعلم وتأهيله وتدريبه؛ لرفع مستوى أدائه". 

 

ويمكن أن تُلخّص أهمية إعداد المعلم في النقاط الآتية: (٤)


  1. يعتبر إعداد المعلم بمثابة استراتيجية لمواجهة أزمة التعليم في عالمنا المعاصر؛ ذلك أنَّ الأبنية المدرسيَّة  والتجهيزات والمرافق  والمناهج والكتب والوسائل التعليمية، تبقى محدودة الفائدة إذا لم يتوفر المعلم الكفء.
  2. يساعد إعداد المعلم على تعزيز وزيادة الكفاية المهنية، لأصحاب القدرات العلمية والمواهب الخاصة.
  3. تعطي عملية الإعداد حكماً على كفاءة المعلمين والثقة فيهم، حيث أن النجاح التعليمي يرتبط بالإعداد والتأهيل التربوي، وكلما ارتفع مستوى الإعداد وزادت مستوياته وتحسنت برامجه؛ زادت الثقة في خريجيه، وبالتنبؤ بمدى نجاحهم في مهنة التدريس.
  4. يعتبر إعداد المعلم مطلباً حيوياً لمواجهة تحديات العصر، فالتغيرات العلمية والتكنولوجية والاجتماعية والاقتصادية التي يشهدها العصر؛ تجبر القائمين على العملية التعليمية والتربوية، على إيجاد إعداد للمعلم، يتلاءم مع المتغيرات الحادثة والمتوقعة في المستقبل.
  5. إعداد المعلم يمكّنه من القيام بمهمته على أكمل وجه، فالمعلم هو الخبير الذي أقامه المجتمع ليحقق أغراضه التربوية، ولما كان أي إصلاح يتوقف على نوع الهيئة التي يُعهد إليها  في إنجاز الإصلاح؛ فإن إصلاح المجتمع رهن بإصلاح المعلمين، ولا يمكن للمعلم أن يقوم بهذه المهمة على أكمل وجه، إلا إذا نال نصيباً وافراً من الإعداد.


أهداف إعداد المعلم


إن تحديد أهداف إعداد المعلم، هو النقطة الأولى في وضع البرامج المناسبة لإعداده، وتنبثق هذه الأهداف من الفلسفة العامة للمجتمع، ونظراً للتغير الذي يطرأ على العالم من مستجدات حديثة؛ يفرض على معدي برامج الإعداد عدم وضع أهداف ثابتة على الدوام، فأهداف الإعداد متغيرة تبعاً للتغيرات الطارئة.


ومن الأهداف العامة لإعداد المعلم ما يلي: (٥)


  1. تنمية الطالب المعلم من ناحية الثقافة الشخصية والتعليم العام.
  2. إكسابه القدرة على التدريس وتعليم الآخرين.
  3. توعيته بمبادئ العلاقات الإنسانية داخل وخارج الحدود الوطنية.
  4. تنمية اتجاهات الطالب المعلم نحو مهنة التدريس، ونحو الطلاب.
  5. تعديل اتجاهات الطالب المعلم السلبية نحو مهنة التدريس.
  6. تمكينه من فهم احتياجات الطلاب، ومطالب العملية التعليمية.
  7. تمكينه من فهم متطلبات المجتمع وتطلعاته من عملية التربية.
  8. تغرس في الطالب المعلم أخلاقيات مهنة التعليم.
  9. تساعده على امتلاك القدر من المعرفة والثقافة، التي تعينه على تقديم تخصص ما من التخصصات المعرفية.
  10. تساهم في زيادة قدرته على مواجهة الظروف المتغيرة في مجال التربية والتعليم الذي يعمل فيه، والتكيف معه.
  11. تنمي مجموعة من المهارات التي يتطلبها عمله التربوي، والأدوار المتنوعة التي يقوم بها، تنمي قدراته على الملاحظة والحكم والتقويم والمشاركة في بناء وتطوير وتقويم المناهج ووسائله المعينة.
  12. تساهم في زيادة قدرته على التعليم الذاتي، عن طريق إكسابه مهارات البحث العلمي، في جميع فروع المعرفة.


نظم إعداد المعلم


هناك نظامان رئيسيان تستخدمها مؤسسات إعداد المعلمين في البلاد العربية: وهي: النظام التتابعي، والنظام التكاملي: (٦)


النظام التتابعي: وفيه يلتحق الطالب بكلية التربية بعد تخرجه من الجامعة ويدرس لمدة سنة أو سنتين بهدف الحصول على الدبلوم العام أو إجازة التدريس، ويتضمن برنامج الدراسة الإعداد المهني والثقافي للمعلم أما الإعداد الأكاديمي فمن المفترض أنه قد تم انجازه بحصول الطالب على درجة البكالوريوس في تخصص معين قبل التحاقه بكلية التربية.


ويتيح هذا النظام الفرصة أمام خريجي الجامعات الراغبين في إعدادهم لمهنة التعليم، ويسمح في الوقت نفسه بمواجهة أي تغييرات مستقبلية غير متوقعة.


ويتميز هذا النظام أيضاً بزيادة فترة الإعداد التخصصي، والقضاء على الصراع القائم داخل كليات التربية التي تضم أقسام أخرى غير تربوية.


ولكن يؤخذ على هذا النظام لا أنه يلبي حاجات المدارس المتزايدة من المعلمين المؤهلين لعدم توجه هذا النظام للتدريس، كذلك عدم جدية الكثير من الملتحقين به حيث ينظرون للدبلوم التربوي على أنه (شغل فراغ) لحين البحث عن وظيفة مرتبطة بالتخصص، لا يشعر طالب النظام التتابعي بالانتماء إلى مهنة التدريس من خلال عام دراسي واحد حيث يصعب عليه تكوين اتجاهات ايجابية نحو مهنة التعليم. 


النظام التكاملي: المقصود بهذا النظام أن يدرس الطالب المعلم المقررات الاكاديمية (المتخصصة) والمقررات الثقافية والمقررات المهنية (التربوية) في الوقت نفسه بدون ترتيب زمني على مدى أربع سنوات ليحصل بعدها على درجة البكالوريوس التربوي تخصص رياضيات أو لغة عربية أو تاريخ أو فيزياء....... الخ. 


ويتميز هذا النظام بالاتي:


  1. تخريج عدد كبير من المعلمين يسهم في سد الحاجة المتزايدة من المعلمين.
  2. يتلافى إلى حد كبير تسرب الطلاب لأنه يستقطب الراغبين من مهنة التدريس.
  3. قدرته على تكوين اتجاهات موجبه نحو مهنة التدريس أكبر من قدرة النظام التتابعي.
  4. القدرة على تشرب مواد الإعداد التخصصي والمهني بفضل طول المدة الزمنية.


ومن عيوبه:


  1. قصر مدة الإعداد التخصصي.
  2. استمرار الصراع بين المهنيين (التربويين) والمتخصصين في المجالات الأخرى حول الأوزان النسبية لمقرراتهم .
  3. التساهل في مستوى تأهيل أعضاء هيئة التدريس الذين يقومون بتدريس مواد التخصص في كليات إعداد المعلمين.


قائمة المراجع:


١- خالد بن  سعيد بن أحمد الحربي، أسس الجودة التعليمية في إعداد وتدريب المعلم من منظور إسلامي، رسالة ماجستير، كلية التربية، جامعة أم القرى،  ١٤٢٩ - ١٤٣٠ هـ، ص ٨٠.


٢- د/ عائشة علي محمد البكري، تصور مقترح لتطوير برامج إعداد المعلم من وجهة نظر أعضاء هيئة التدريس في كليات التربية بالجامعات السعودية في ضوء رؤية ٢٠٣٠ م، مجلة كلية التربية، جامعة طنطا، المجلد ٧٢، العدد ٤، ٢٠١٨، ص ٤٢٠.


٣- الزكي، أحمد عبد الفتاح، دور برنامج إعداد المعلم في تعزيز قيم المواطنة لدى طلبة جامعة الملك فيصل، مجلة جامعة الجوف للعلوم الاجتماعية، المجلد ١،العدد ٢، ٢٠١٥، ص، ٦.


٤- خالد بن  سعيد بن أحمد الحربي، مرجع سابق، ص ٨٢-٨٣.


٥- المرجع السابق نفسه، ص ٨٣-٨٤.


٦- مانع بن علي بن محمد الحيدي الشهري، تقويم الجانب التخصصي من برنامج إعداد معلم الرياضيات بكليات المعلمين من وجهة نظر الخريجين وأعضاء هيئة التدريس، رسالة ماجستير، كلية التربية، جامعة أم القرى، المملكة العربية السعودية، ١٤٢٠هـ، ص ٥٤-٥٥.



مكتبة جواد
مكتبة جواد
تعليقات