القائمة الرئيسية

الصفحات

[LastPost] أخر المواضيع

بحث كامل عن الشاعر جرير

بحث كامل عن الشاعر جرير

هو جرير بن عطية الخطفي، ولد لسبعة أشهر سنة تسع وعشرين أو ثلاثين من الهجرة في بادية تهامة، وأبوه عطية كان متخلفاً منحلا، وجده الخطفى كان كثير المال من الغنم والحمير، وأتاه من قبل أبيه وجده الشعر، وله أخوان هما: عمرو وأبو الورد وكانا ينظمان الشعر حتى أمه كانت ترقصه صغيراً بالأرجاز؛ فصقلت موهبته الشعرية، ونماها إحاطته بتلك البيئة الشعرية فدرج بين مدارج الشعر أذن تسمع ونفس تطبع. 

ويكنى بأبي حزرة ابنه الأكبر، وتوارث أبناؤه الشعر ومنهم ابنه بلال وحفيده عمارة وهو من الشعراء المشهورين في العصر العباسي وعنه أخذ الرواة شعر جده وأكثر أخباره.


وكان جرير كغيره من الشعراء الإسلاميين إذ تمثل في ألفاظه ومعانيه الحياة البدوية أصدق تمثيل؛ لأنه لم يكن قد تأثر بعلوم الفرس واليونان والهنود كما تأثر بها المحدثون من بعده.

جرير


وكانت البيئة البدوية معينة، وما زخرت به الحياة الإسلامية من آداب وحكم وما مزجت به نفسه من تدين وعفة وشاعرية مطبوعة فكانت معانيه قريبة، فطرية سهلة الورود على الخاطر مصبوبة في قوالب محكمة من جزالة اللفظ وفحولة العبارة وسلامة الوزن وحلاوة النبر.


وكان من الشعراء السياسيين؛ لأنه لم يمدح عبد الملك فحسب بل كان محامياً عنه وعن حكمه، ويدافع عن حقه في الخلافة ويهاجم خصومه هجوماً عنيفاً، ويناضل عن الأموميين ويصفهم بالتقوى والعمل الصالح. (١)


أسرته


أبوه: عطيه.

جده: الخطفي.

زوجاته: أمامه أم حكيم، وسلمى، وخالدة بنت سعد أم حزرة.

أولاده: ثمانية ذكور وبنتين، ومنهم: حزرة وعكرمة وسواده وحكيم وبلال ونوح وموسى.

أحفاده: حجناء بن نوح، وعقيل بن بلال، وعمارة بن عقيل بن بلال. (٢)


صفاته


ولم تحدد الروايات التاريخية صفات جرير الجسدية تحديدًا دقيقًا، إلا بعض الروايات التي ذكرت شيئًا من صفاته الجسدية، ومنها: أنه كانت فيه غُنَّةٌ، وكان قصيراً، دميماً، وما عُيَّر به من ولادته قبل أوان الولادة الطبيعية لا يدل على إعاقة جسدية، أو ضعف في البنية الجسمية.


وتشير الروايات التي رويت عن شعره بأنَّ لديه أخلاقاً شخصية يتميز بها، منها: الشجاعة، ويدل عليها تفلُّته إلى غسَّان بن ذُهَيْل لما سمعه يُنْشِد بقومه، ولكنَّ قومه منعوه وقالوا له: "أنت ضَرَعٌ، وهو مُذَكٍّ".


وكان ذكيّاً؛ لأنه لمَّا منعه قومه أدرك أنَّ الشجاعة تكون في الردِّ على الشاعر بالسلاح نفسه الذي يبرزه، وبهذه الفكرة نال إعجاب قومه. (٣)


نزعته الدينية


اتفقت الكلمة على اعتصام جرير بالعروة الوثقى، والتزامه سبل الدين، فلم يكن يأتي من المحرمات شيئاً، وكانت فكرة الدين لا تكاد تغادر مخيلته في سائر أغراضه الشعرية، فهو إن تغزل أو مدح أو هجاء أو رثاء، ذلك على نفسه المتدينة، ولم ينس أنه مسلم، يستطيع أن يستمد من معاني الإسلام وأساليبه وألفاظه ما يتفق وما هو فيه، فإذا عرض للأخطل عاب عليه نصرانيته، وما يتبعها من شعائر ومراسم وأحوال، كشرب الخمر، وأكل لحم الخنزير، وإذا هجا الفرزدق ذكر أنه فاسق يأتي المحرمات، ويمين الأخطل لخروجه على الإسلام، وأنه تارة مع اليهود، وطوراً مع النصارى، وأنه أخرج من المدينة لضعف عقيدته، وفساد طويته.


وإذا مدح الخليفة خاطبه أنه ظل الله في أرضه، والمرجو لإقامة شعائر دينه، وأنه زين المنبر والحجر.


وإذا تغزل تحدث بالمغفرة، والجزاء، والرحمة، وما أشبه، وإذا رأى أشار إلى الأجر، والثواب، والصلاة، والاستغفار، وغيره، فهو في كل ذلك لا يكد يفلت من الفكرة الإسلامية وما تستتبعه من لفظ ومعنى وأسلوب. (٤)


شعره


وأكثر ما تميز به شعره هو  الهجاء؛ لما اتسمَ به من الجفاف وغرابة الألفاظ، وهناك عدة عوامل ساعدت على استفحال شعر الهجاء في طبع جرير، منها ولادتهُ ذميماً وضعيف الجسم، بسبب مرض أصاب والدته أثناء حمله، فضلاً عن الفقر والعوز الذي عاناه كثيراً، مما جعله لا يتوارى عن هجاء الآخرين في محاولة منه لكسر الحاجز النفسي، وملء النقص الذي بداخله، وذلك عن طريق ذكر مثالب الآخرين وإظهار الفحش فيهم، ونقض كل ما يحاولون التباهي به، من أصل وكرم وسؤدد، ليرده عليهم بالذلِّ والهوان، والكلام الفاحش، والذي قد يصل إلى هتك الأعراض.


أما مديحه فكان تقليدياً في المضمون والأسلوب ويسير على نهج الشعر الجاهلي، فيبدأ القصيدة بالغزل والطلل ووصف الرحلة والتنقل، وما يشاهده من طبيعة صامتة ومتحركة ثم يتدرج ليدخل في غرضه الأساس غزلا أو هجاءاً أو مديحا أو فخرا أو غير ذلك.


أما فخره فمميزٌ كتميز مدحه، وهجائِهِ، بغرابة الألفاظ وجفائِها، وكانَ يَعُد نفسه أشعر الناس لأنَّه ظلَّ يُفاخِرُ طوال حياته بأبيه، ومثلما هو معروف فإنَّ والدَهُ كانَ شديدَ البُخلِ يشربُ مِن ضرع العنز مخافة أن يُسمع صوت الحليب في الدلاء فيُطلَبَ منه اللبن، ومما يؤكد ذلك أنَّ رجلاً (قال لجرير من أشعر الناس؟ فقال له: أشعر الناسِ من فاخَرَ بمثلِ هذا الأبِ ثمانينَ شاعراً، وقارَعَهُم، فقلَّهُمْ جميعاً).


والغزل عند جرير صورة صادقة عن نفسه وعن أحداث عصره، فعلى الرغم من خشونة البداوة، وصعوبة الحياة وقساوتها كان يجيد هذا الغرض إجادة ً كبيرة، فكان غزله رقيقٌ واستخدامه لألفاظ ومعانِ واضحة وجميلة، (وكان مع حسن تشبيهه عفيفاً... فكان الفرزدق يقول فيه: (ما أحوجه مع عفته إلى صلابة شعري، وما أحوجني إلى رقَّة شعرهِ كما ترون). (٥)


وفاته


مات جرير باليمامة بعد وفاة الفرزدق بستة أشهر. وعلى أرجح الروايات كانت وفاته عام ٧٢٨م.


يعتبر جرير من فحول شعراء الإسلام، حيث أجد أنّ النحاة قد اهتموا بشعره اهتماماً كبيراً، فاستشهدوا به في كتبهم، فعلى سبيل الذكر لا الحصر أجد سيبويه في كتابه (الكتاب) قد استشهد بتسعة وثلاثين شاهداً منسوباً إلى جرير، منها أربعة وعشرون شاهداً في الديوان، والمقتضب للمبرد واحد وخمسون شاهداً منها ثلاثة وعشرون شاهداً في الديوان، والجمل في النحو للزجاجي، عشرة شواهد منها ثمانية شواهد في الديوان، والخصائص لابن جنّي خمسة وعشرون شاهداً منها اثنا عشر شاهداً في الديوان. (٦)



قائمة المراجع:


١- يسرية محمد إبراهيم حسن، شعر جرير في ميزان النحاة دراسة لغوية نحوية، ط١، جامعة الأزهر، القاهرة، مصر، ص ١٢.


٢- محمد إبراهيم جمعة، جرير، ط٤، نوابغ الفكر العربي ١٩، دار المعارف، ص ٢٩-٣٢.


٣- عوض بن إبراهيم بن خليف العنزي، أساليب الإنشاء الطلبي في شعر جرير دراسة بلاغية نقدية، رسالة ماجستير، كلية اللغة العربية، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، المملكة العربية السعودية، ١٤٣١هـ، ص ٣٠.


٤- جميل سلطان، جرير قصة حَيَاتِهِ وَدِرَاسَةِ أَشْعَارُهُ، المكتبة الهاشمية لأصحابها محمد هاشم الكتبي وشركائه، دمشق، ص ١٢١-١٢٢.


٥- حوراء محمد ياسين الأعرجي، الصورة في نقائض جرير والفرزدق دراسة تحليلية، رسالة ماجستير، كلية التربية الأساسية، الجامعة المستنصرية، ٢٠١٣، ص ٢١-٢٣.


٦- خالد عبد الله محمد الطاهر عبد الخالق، الجملة الفعلية في ديوان جرير (دراسة نحوية)، رسالة ماجستير، كلية اللغات، جامعة طرابلس، ليبيا، ٢٠١٤، ص ٥.


reaction:

تعليقات