القائمة الرئيسية

الصفحات

[LastPost] أخر المواضيع

بحث عن أمير الشعراء أحمد شوقي

أحمد شوقي (أمير الشعراء)

ولد أحمد شوقي في القاهرة سنة ١٨٦٨م، في قصر الخديوي إسماعيل، جده لأبيه اسمه أحمد علي وهو شركسي قدم مصر حاملا وصاة من الجزار والي عكا إلى محمد علي والي مصر، وكان جدُّهُ يجيد العربية والتركية فوُلِّيَ أمينا للجمارك المصرية، وأمه ابنة جارية يونانية في بلاط الخديوي إسماعيل، ولشوقي أخت واحدة توفيت سنة ١٩٣٠م.

وكانت القاهرة ولا سيما في تلك الأيام حينما كان شوقي طفلاً، أي قبل انهيار الدولة العثمانية مفعمة بالأجواء الدينية، حتى سماها البعض بلد الألف مأذنة؛ حيث كانت ولا زالت من أهم مراكز الدعوة والثقافة الإسلامية في العالم؛ حيث تضم جامع الأزهر الشريف الذي يعتبر من أشهر الجوامع والجامعات الإسلامية في العالم، فما إن فتح أحمد شوقي عينيه على الدنيا حتى رأى تلك المآذن والمساجد والتاريخ الإسلامي الذي تنطق به جدران القاهرة وأزقتها، ذلك التاريخ الذي يمتد لأكثر من ألف سنة قبل ولادة شوقي، وقد ترك الإسلام بصماته في نفسية أحمد شوقي وهو يعيش في هذه الأجواء.

أحمد شوقي، أمير الشعراء


وكان نسب أحمد شوقي يمثل خليطاً من الأعراق والقوميات، يقول عنه شوقي ضيف: "وكان أول ما أعدت له (أي ربة الشعر) ميراث دمه وأعراقه فقد جاءت به من عنصر تركي، وآخرشركسي، وعنصر يوناني، وآخر عربي كردي، فتآزرت فيه هذه العناصر، وأخرجت منه شاعراً ممتازاً، لعل مصر لم تظفر بمثله في عصورها المختلفة".


وقد رثى أباه وأمه وجدته اليونانية تمزار في قصائد ذكرت في الجزء الرابع من ديوانه، مداخلة وتحقيق الدكتور إميل كبا.


وأعتقد أن هذا الخليط العرقي لم يكن له أثر في تكوين شخصية أحمد شوقي المتميزة فحسب، وإنما جعل شوقي أيضاً يشعر بارتباطه الشديد بالإسلام، حيث انحدر من أكثر من قومية تنتمي إلى الإسلام فهو يستقي من هذه الأعراق انتسابها للإسلام فهو ابن الإسلام من أعراق متعددة. (١)


تعليمه


التحق أحمد بكتّاب الشيخ صالح، وهو أحد الكتاتيب في ذلك الوقت. وكان حينذاك في الرابعة من عمره.


ويبدو أنه لم يكن مسرورا بالتحاقه بهذا الكتاب. يلوح هذا الاستنتاج واضحا من خلال كلامه حين ذكر أمر التحاقه فقال: "دخلت في مكتب الشيخ صالح وأنا في الرابعة، وهي من أهلي جناية على وجداني أغفرها لهم".

أتم مدته التعليمية المقررة في الكتاب، وانتقل بعد ذاك للدراسة الابتدائية والثانوية، وكان متفوقا في كلتيهما.


ولما أتم دراسته في التجهيزية الخديوية أشار عليه أبوه بدراسة القوانين والشرائع.


فالتحق بمدرسة الحقوق سنة ١٨٨٥م بعد وساطة وكيل المدرسة له عند الناظر. لكونه يراه غير مؤهل للالتحاق لصغر سنه.


واستمر في دراسته لمدة سنتين ثم التحق بقسم الترجمة في المدرسة نفسها وتخرج منه بعد سنتين وحصل على الشهادة النهائية في فن الترجمة من نظارة المعارف سنة ١٨٨٩م.

ابتُعث شوقي بعد تخرجه من مدرسة الحقوق إلى فرنسا برغبة من الخديو توفيق وعلى نفقته، وذلك لدراسة الحقوق والآداب الفرنسية.


فدرس عامين في مونبليه وعامين في باريس، حصل في نهايتها على الإجازة النهائية في الحقوق.

إذاً فقد تهيأت له فرص تعليمية كفيلة جداً بأن تساعده على التحصيل والتنمية الفكرية ولاسيما رحلته العلمية إلى باريس. حيث استطاع - بمستواه اللغوي الجيد - أن يطلع على الأعمال الأدبية لكبار الأدباء هناك مثل: لافونتين، وفيكتور هوجو، ودي موسيه، ولامرتين. وقد كان مهتما قبل هذا كله  بالاطلاع والقراءة خاصة في الأدب، فأكب على دواوين الشعراء يحفظ ويحلل ويعارض، خصوصا دواوين أبي نواس، وأبي تمام، والبحتري،  والمتنبي. (٢)


أخلاقه ومميزاته


اشتهر شوقى بعفة اللسان، فهو لم يهج أحداً، ولم يسمع عنه أنه نظم في العبث والمجون، رغم ظروف كثيرة أحاطت به وكان كل ما فيها يتطلب العبث والمجون.


هذا ما يرويه عنه الذين اتصلوا به، ولعله نظم في هذين النوعين قصائد لم يطلع أصحابه عليها، وربما أطلعهم عليها ولم يشاء وانشرها وفاء له وإبقاء على سمعته، كما هى الحال مع معظم الشعراء.


وإذا صح أن شوقى نزه شعره عن العبث والمجون، فالسبب الوحيد الذى أعمل به هذه الظاهرة، هو تغلغل العاطفة الدينية في نفسه وعرف عنه التواضع والخجل؛ فكان إذا نظم قصيدة لتلقى في حفلة عامة أعطاها أحد أصدقائه ليتلوها عنه، وقلما حضر سماعها تواضعاً منه، وهرباً من الخجل الذي يستحوذ عليه حين يظهر له الحاضرون إعجابهم بما نظم من الدرر. 


ومن ميزات شوقى إحجامه عن مجاراة خصومه الذين كانوا يكيلون له النقد ألوانا، حتى لقد لآمه على ذلك بعض الأدباء، وأرى أن فى إهماله أمرهم أنجع وسيلة للرد عليهم. (٣)


مؤلفاته

أ- في عهد الشباب


الروايات: لادياس، ورقة الآس، على بك الكبير، مذكرات بنتائور، الشوقيات: الجزء الأول.


ب- بعد عودته من المنفى عام ۱۹۱۹م


الشوقيات، الجزءان الأول والثاني، رواية مصرع كليوباترا، ومجنون ليلى، قمييز وعلى بك أو دولة المماليك، عنترة وكل هذه الروايات شعرية، ثم أميرة الأندلس وكتاب أسواق الذهب، من النثر.


ح- مطبوعات 


كتاب عظماء الاسلام، الشوقيات: الجزءان الثالث والرابع، وروايتا السيدة هدى والبخيلة، ثم كشكول جامع القصائد لم تنشر، وقصائد سهلة للأطفال وأغان الخ. وربما وقع في ثلاثة مجلدات.


فيكون عدد مؤلفاته جميعها اثنين وعشرين.


والسبب في كثرة إنتاجه هذا، أنصرافه إلى الأدب العربي مدة أنافت على أربعين عاماً، وإن كان جل هذا الإنتاج في الخمس الأخير من حياته، بعد رجوعه من منفاه في الأندلس. وفى هذا ما فيه من جهد ونشاط وعبقرية. (٤)


نثره


إن نثر شوقى قواف شاردة، إذا لم شمتها كانت من أبلغ الشعر. ولا فرق في ذلك بين نثره المسجوع الذي اقتفى به أثر القدماء، في كتابه «أسواق الذهب»، ونثره الجميل في روايته «أميرة الأندلس».


وإليك نموذجاً من نثره المسجوع، قال في البحر الأبيض: 


«البحر الأبيض المتوسط سيد الماء، وملك الدماء، مهد العلمية القدماء، درجت الحكمة من الجيجه، وخرجت العبقرية من ثبجه، ونشأت بنات الشعر فى جزره وخلجه، بدت الحقيقة من يبسه ومائه، وجرب ناهض الخيال جناحيه بين أرضه وسمائه». 


وإليك نموذجاً من نثره المرسل، قال بلسان المعتمد بن عباد ملك إشبيلية: 


«انقلوا أيها النبلاء إلى الملك ألفونس ما سمعتم، وصفوا له ما رأيتم، وتحدثوا في طول بلادكم وعرضها أن الأسد العربى لا يشتم فى عرينه، وأنه لو غلب على غايته، حتى لم يبق له منها إلا قاب شبر من الأرض، ما استطاعت قوى الإنس والجن أن تنفذ إلى كرامته من قاب هذا الشبر». 


وهو شاعر في نثره مثل ماهو في نظمه. 


أما كتاب «أسواق الذهب»، فلو نسب إلى القرن الثالث أو الرابع الهجرى مثلا، لكنا استسغنا أسلوبه المسجوع، ولكن ليس هناك الآن ما يغرينا على استساغة أسلوب يعتمد على الديباجة اللفظية. (٥)


وفاته

ظل شوقي يصدح بشعره في أجواء الوطن العربي، وإمارة الشعر في يده. إلى أن وافته المنية في أكتوبر سنة ١٩٣٢م.


وبقي شعره يتردد على ألسنة الناس، ويحظى باهتمام الدارسين والنقاد إلى يومنا هذا. (٦)


ملخص حياة أحمد شوقي


ولد سنة م١٨٦٨ في قصر الخديوي اسماعيل من أصل مختلط يجمع بين الدم التركي واليوناني والشركسي عن أبيه وأمه.


تلقى دروسه الأولى في مكتب الشيخ صالح بالقاهرة ثم بمدرسة المبتديان التجهيزية، وبعد الفراغ من هذا التعليم العام التحق بمدرسة الحقوق حيث انضم إلى قسم جديد للترجمة أنشىء فيها.


توظف لمدة عام في قصر الخديوي.


أرسله الخديوي توفيق في بعثة إلى فرنسا حيث درس القانون في مونبلييه وباريس واتصل بالأدب والحضارة الفرنسية وترجم قصيدة البحيرة «للامارتين». كما عرب وحاكى الكثير من قصص «لافونتين» على ألسنة الحيوانات. وألف أول مسرحية له وهي: علي بك الكبير أو ما هي دولة المماليك، وطبعها بعد عودته من البعثة سنة م١٨٩٣ ثم أعاد صياغتها في أخريات حياته.


توظف بالقصر الخديوي طوال حكم عباس الثاني أي منذ عودته من فرنسا حتى خلع الإنجليز عباس الثاني عن عرش مصر وأعلنوا الحماية عليها سنة ١٩١٤م. وفي تلك الفترة الطويلة نظم شوقي تركياته وإسلامياته ومدائحه في الخليفة والخديوي.


نفى الإنجليز شوقي سنة م١٩١٤ حيث أقام في أشبيلية طوال مدة الحرب العالمية الأولى، وبعد انتهائها قام برحلة زار فيها آثار الأندلس العربية، وفي أثناء نفيه كتب أندلسياته معارضاً البحتري والشريف الرضي وموشحات شعراء الأندلس.


عاد إلى مصر سنة ۱۹۲۰م في عنفوان الثورة وانسلخ بعض الشيء عن الاسرة المالكة وتقرب من الشعب وأخذ يظهر اتجاهه العربي وإن ظل به رسيس من الاتجاه التركي القديم.


في سنة ١٩٢٧م بايعه شعراء الأقطار العربية كلها بإمارة الشعر في حفل كبير أقيم بدار الأوبرا في القاهرة.


منذ عام ۱۹۲۷م أخذ ينشر تباعا مسرحياته الشعرية والنثرية.


توفي في ١٤ أكتوبر سنة ۱۹۳۲م بقصره المعروف باسم «كرمة بن هاني» على ضفاف النيل بالجيزة.


طبع شعره بعد وفاته باسم «الشوقيات» في أربعة أجزاء كما طبعت مسرحياته وقصصه النثرية المقامية الاسلوب ومقالاته أو فصوله المعروفة باسم «أسواق الذهب»، كما طبعت منفصلة أرجوزته المطولة عن تاريخ العرب والإسلام. (٧)


قائمة المراجع:


١- هاشم السيد حسن محمد الموسوي، الأنبياء في شعر أحمد شوقي، رسالة ماجستير، كلية الآداب، جامعة بيروت العربية، ٢٠٠٩م، ص ٥-٦.


٢- ماهر بن مهل بن جودالله الرحيلي، التجربة الشعرية بين أحمد شوقي وأحمد الغزاوي، رسالة ماجستير، كلية اللغة العربية، الجامعة الإسلامية، ١٤٢٥هـ، ص ٦-٧.


٣- محمد خورشيد، أحمد شوقي- دراسة تحليلية لحياته وشعره، المعرفة المصرية، العدد ٢، ١٩٣٣م، ص ١٨٠.


٤- محمد خورشيد، المرجع السابق نفسه،  ص ١٨٢-١٨٣.


٥- محمد خورشيد، المرجع السابق نفسه، ص ١٨٣.


٦- ماهر بن مهل بن جودالله الرحيلي، مرجع سابق،  ص ١١.


٧- محمد مندور، عبد العزيز الدسوقي، أديب مروة، أعلام الشعر العربي الحديث أحمد شوقي، أحمد زكي أبو شادي، بشارة الخوري، ط١، المكتب التجاري، بيروت، لبنان، ١٩٧٠م، ص ٣٥-٣٦.


reaction:

تعليقات