التفكير التحليلي: بحث عن التفكير التحليلي
يتمثل التفكير التحليلي بقدرة الفرد على تحديد المشكلة أو الفكرة والقيام بتحليلها إلى اجزائها وعناصرها أو مكوناتها الجزئية وقدرته على تنظيم المعلومات اللازمة لاتخاذ القرار المناسب أو إصدار حكم ما وبناء معيار معين لغرض التقويم والاستنتاج ويعد التفكير التحليلي أحد أنماط التفكير الذي ظهرت أولى إشارته في كتابات المفكر ديكارت من نموذجه الذي شكل جوهر الفكر العلمي الحديث، حيث بين إمكانية فهم الشيء فهما كاملا من معرفة خصائص أجزائه فالتحليل عزل الشيء عن سواه لأجل فهمه. ولا يمكن الاستمرار في تحليل الأجزاء إلا باختزالها إلى أجزاء أصغر. (١)
ويعد التفكير التحليلي من " أكثر النشاطات المعرفية تعقيدا وهو ناجم عن قدرة الفرد البشري على تجزئة المشكلة أو تحليلها إلى اجزاء اصغر التي يواجهها الفرد في جوانب مختلفة من أمور حياته وهو نشاط معرفي يشير إلى عمليات داخلية مثل عملية معالجة المعلومات ". (٢)
مراحل التفكير التحليلي
هنالك العديد من الخطوات المتتابعة المتسلسلة التي ينتظم بها التفكير التحليلي فقد صاغ ديوي طريقة التفكير التحليلي على وفق مراحل مختصرة على النحو الآتي:
- وجود مشكلة تواجه الفرد وتدفعه إلى القيام بالنشاطات الضرورية للحل.
- الملاحظة والمشاهدة لجمع المعلومات الضرورية عن المشكلة من أجل فهمها وتحليلها.
- وضع الفروض بعد جمع المعلومات وتحقيق المشكلة وتحليلها.
- تحقيق هذه الفروض والبرهان عليها وإثباتها بمعلومات أخرى وبما لدى الفرد من خبرات سابقة.
- الوصول إلى النتائج القطعية والقوانين والقواعد العامة. (٣)
افتراضات التفكير التحليلي
يمكن تحديد عدد من الافتراضات التي يبني عليها التفكير التحليلي، وهي:
- إن التفكير عملية ذهنية نشطة يكون الفرد فيها واعيا ومنشغلا بما يواجهه ويهدف إلى أن يتغلب على المشكلة وبذلك يكون نشطا.
- إن التفكير يتضمن عمليات ذهنية متتابعة متسلسلة ومنتظمة تسير على وفق نسق وليست عملیات عشوائية متذبذبة كعمليات المحاولة والخطأ.
- التفكير التحليلي يتطلب من الفرد استدعاء الخبرات السابقة المرتبطة بالموقف الأكثر نضجا والأكثر ارتباطا بالموقف المشكل الذي يواجهه.
- التفكير التحليلي ذو طبيعة محورية أي أن كل الفعاليات الذهنية المتمركزة نحو الموقف المشكل لفهم طبيعته وعناصره والعوامل المؤثرة فيه.
- التفكير التحليلي تفكير هادف يهدف إلى إيصال الفرد إلى حالة من الاتزان الذهني لذلك يكون سلوك الفرد مدفوعا ومضبوطا بالهدف ولهذا تزداد عمليات الضبط الذهني وتصبح أكثر دقة كلما اشتدت صعوبة المشكلة وسيطرتها على أداءات الفرد ونشاطه.
- يمكن أن يفكر الفرد تفكيرا تحليليا مجزئا لتفسير الغموض أو المخاوف.
- التفكير التحليلي تفكير منطقي يسير فيه الفرد على وفق منطق محدد ويصل فيه إلى تفسير الكثير من المواقف وحل المشكلات التي يواجهها بعد أن يعمل ذهنه في إدراك الموقف المشكل وتمثله. (٤)
اقرأ أيضا: بحث عن التفكير الإبداعي
أهمية التفكير التحليلي
تتضح أهمية التفكير التحليلي باعتباره مؤشراً للقدرة على حل المشكلات الحياتية، فتطوير التفكير التحليلي يعد الهدف الأساسي والأول من ضمن أهداف البرامج التعليمية في مؤسسات التعليم كافة، فهو يمثل أكثر النشاطات المعرفية تعقيداً وتقدماً ويساعد الفرد على معالجة الرموز والمفاهيم، واستعمالها في حل المشكلات الحياتية التي تواجه حياته أن الطلبة الذين يتعرضون إلى مواقف تعليمية - تعلمية تتطلب منهم اثباتات، وتفسيرات علمية ومنطقية، وهذا ما يدعو إلى استخدام عملية التحليل الذهني لتلك المواقف من توظيف مهارات التفكير التحليلي الذي يتبع استراتيجيات محددة، متتابعة، منظمة للتعامل مع هذه المواقف بشكل فعال، إذ يحث المتعلم، ويستثيره لتوليد عدد ممكن من الاثباتات المتسلسلة، والمنظمة، والمتتابعة، والمنطقية ضمن تلك المواقف التعليمية - التعلمية لغرض فهمها، واستيعابها، إذ يعد التفكير التحليلي بمهاراته العليا من الخصائص، والصفات ذات القيمة لدى الأفراد بشكل خاص، وان استعمال عملية التفكير التحليلي الناجح من قبل الطلبة يوفر لهم:
- التعلم المستقل، والفعال للاتصال بالمواضيع المطروحة بشكل أفضل.
- الفرصة لتطوير قدرات الاتصال، وتوظيف مهارات استيعابه، وتقييمه.
- استخدام مهارات التحليل، التقييم، حل المشكلات الحياتية ، اتخاذ القرار، تقديم المواضيع بفعالية.
- الفرصة الكافية للقراءة، والاستيعاب، وتحليل الحالة.
- التفكير بمبادئ، وتطبيقات اللغة بشكل واضح مهما كان فيها من رموز.
- خبرة الاستكشاف، والتقييم المحكي، والاتصال بالمعلومات لتنظيمها و تحريرها، وتقييم الأفكار فيها.
- القدرة على إدراك الأهداف، والمحددات عند تطبيق مهارات التحليل.
- جمع المعلومات، وتنظيمها، ومتابعتها، وتقييمها، في أثناء عملية التعلم.
- القدرة على استخدام المعلومات، وتوظيفها في مواقف التعلم المختلفة. (٥) (٦)
خصائص الطلبة ذو التفكير التحليلي
وقد أوضح استلينر إلى أن الطلبة الذين يتميزون بالتفكير التحليلي يتمتعون بالخصائص الآتية:
- يتمتعون بصفتي الحذر والتنظيم في حل المشكلات الحياتية.
- يمتازون بقراءة التعليمات، ومعرفة وقت البدء بالعمل. التعامل المشكلات الحياتية.
- التركيز عند التفكير في حل المشكلة والعمل على ترك الأهداف.
- إعطاء تعريف لأدوات المشكلة بصورة مبسطة.
- يقومون بتجزئة المشاكل الكبيرة إلى مشاكل فرعية صغيرة.
- يتمتعون بفعالية عالية ويمتازون بالعدوانية تجاه المواقف الضعيفة.
- يقومون باستخدام الخبرات السابقة في المشكلة الجديدة.
- يمتازون بالمثابرة والحذر من الحلول الضعيفة للمشكلة. (٧)
- كما أن الشخص الذي يتميز بالقدرة على التفكير التحليلي هو شخص يمتاز بالقدرة على التفكير بالمشكلة، ويعتمد على أسلوب التحليل، والنقد، والمقارنة، وإيجاد الفروق، والتقييم، وجمع المعلومات، وتنظيمها لغرض حل المشكلة بشكل موضوعي، وعلمي، ومنطقي. (٨)
اقرأ أيضا: بحث عن التفكير الناقد
مهارات التفكير التحليلي
يقصد بمهارات التفكير التحليلي بأنها مهارات تتجلى في عملية فحص الأجزاء المتوافرة في المعلومات والعلاقات فيما بينها، وتوضيح مهارة تحليل المعلومات المتوافرة بالتعريف والتمييز بين المفردات والصفات فمن خلال مهارات التحليل يتمكن المتعلم من تحديد المكونات والسمات والادعاءات والافتراضات والأسباب وتميزها. (٩)
ویری ليثبت وكابي بأنها " المقدرة العقلية التي تمكن المتعلم من الفحص الدقيق للوقائع، والأفكار، والحلول، والاشياء، والمواقف، وتفتيها الى اجزائها أو تقسيمها الى مكوناتها الفرعية ". (١٠)
ولذا تعد "مساعدة المتعلم في التعرف على أجزاء الأشياء وخصائصها والتميز بينها والتعرف على العلاقات والأشكال المتتالية ". (١١)
علاقة التفكير التحليلي بحل المشكلات
إن المشكلة هي حالة من عدم الرضى أو التوتر تنشأ عند إدراك وجود عوائق تعترض الوصول إلى الهدف، أو عجز، أو قصور في الحصول على النتائج المتوقعة من العمليات، والأنشطة المألوفة، أو توقع إمكانية الحصول على نتائج أفضل بالاستفادة من العمليات ، والأنشطة المألوفة على وجه أحسن وأكثر كفاءة. (١٢)
تعد الغاية الأهم والأبرز للتربية والتعليم الحديثة، إعداد الطلبة لحل المشكلات التعليمية، والحياتية التي تواجههم وتواجه مجتمعاتهم، فالتعليم وفق طريقة حل المشكلات يتم عن طريق إثارة مشكلة تدفع الطالب إلى التفكير، والتأمل، والدراسة، والبحث، والعمل بإشراف المدرسة للتوصل إلى حل أو بعض الحلول لها، وأن هذه الطريقة لا تدخل في حسابها أن إتقان الطالب للمادة الدراسية الهدف النهائي لها، بل إنها ترمي إلى أبعد من ذلك بأن تجعل الطالب يفكر، ويتعلم كيف يفكر، لكي يستطيع فيما بعد أن ينقل أسلوب التفكير هذا إلى مواقف مختلفة سواء أكان ذلك في حياته الدراسية داخل جدران المدرسة أم خارجها، وضمن إطار حياته اليومية. (١٣)
وبصورة عامة يرتبط التفكير التحليلي بالمشكلات الحياتية؛ لأن التفكير التحليلي في جوهره نشاط ذهني يتناول معالجة الرموز بأنواعها المختلفة، وربما تكون المفاهيم أكثر الرموز أهمية في الموقف المشكل، ويمثل التفكير التحليلي أكثر النشاطات المعرفية تعقيداً، وهو ينجم عن القدرة على حل المشكلات التعليمية، والحياتية المختلفة. والفرد يتجه عادة نحو إيجاد حلول للمشكلات ذات الأهمية الحيوية في حياته، وأن نشاط التفكير التحليلي لديه يزداد عندما يفشل في إيجاد الحلول بناء على مهاراته السابقة، مما يدفعه إلى البحث عن معلومات جديدة تساعده في إيجاد حلول للمشكلات الحياتية، التعليمية التي تواجهه. (١٤)
كما إن التفكير التحليلي يتطلب تجزئة المشكلة، وجمع المعلومات حول عناصرها، وهذا يتطلب وقتاً وجهداً كبيرين للوصول إلى اختيار صحيح للفرضيات الموضوعة مسبقاً، وهذا يستدعي من الفرد – المتعلم - تعريف المشكلة، وتحديدها، ومعرفة جذورها، ولماذا حدثت عن طريق سؤال الفرد لذاته (من، ماذا، متى، أين، لماذا) حدثت المشكلة، وكيف سيتوصل إلى الحلول الصحيحة، والمناسبة، ويشير ستيرنبرغ أن الطلبة يمكنهم استثمار التفكير التحليلي الناجح لحل المشكلات التعليمية من الخطوات الآتية:
- تحديد المشكلة: وبكلمات أخرى يجب عليهم حل الواجبات البيتية، والدراسة للاختبارات، وكتابة الأوراق المطلوبة، وتسليمها في الوقت المناسب.
- تحديد المصادر اللازمة لحل المشكلة: ويجب التفكير بعمق لتحديد كم الوقت، والجهد، الذي يلزم لإنجاز الواجبات البيتية، او الدراسة لاختبار، أو لكتابة ورقة او بحث، كما أنهم بحاجة للتخطيط لبداية ونهاية العمل.
- اتباع استراتيجية معينة في حل المشكلة: على سبيل المثال هم بحاجة لتحديد كيفية حل الواجب البيتي، أو الدراسة للامتحان أو كتابة ورقة، وتحديد نوع الملاحظات التي يحتاجونها، واستراتيجيات الدراسة التي ستؤدي إلى تحقيق النتائج المرغوبة، بالإضافة إلى تحديد نوع المساعدة التي سوف يحتاجونها.
- مراقبة حل المشكلة: على سبيل المثال: في أثناء حل الواجب البيتي أو الدراسة للامتحان يجب أن يكونوا مدركين فيما إذا كانت الأمور تسير على ما يرام، أو إنهم يواجهون مشكلات بها حاجة إلى التعامل معها، وحلّها.
- تقييم حل المشكلة: فبعد إنهاء العمل المطلوب هم بحاجة إلى أن يقرروا فيما إذا كان ما أنجزوه مناسب أو يحتاج الى تعديل أو تحسين. (١٥)
قائمة المراجع:
١- عطية، محسن علي، الجودة الشاملة والمنهج، دار المناهج للنشر والتوزيع، عمان، الأردن، ٢٠١٥، ص ١٣٨.
٢- نشواتي، عبد الحميد، علم النفس التربوي، دار الفرقان للنشر، عمان، الأردن، ١٩٨٥، ص ٤٥١.
٣- قطامي، يوسف، تفكير الأطفال وتطوره وطرق تعليمه، المكتبة الأهلية للنشر والتوزيع، عمان، الأردن، ١٩٩٠، ص ٥٥٨.
٤- قطامي، يوسف وآخرون، تصميم التدريس، ط١، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، ٢٠٠٠، ص ٦٧٨.
٥- الدردير، عبد المنعم أحمد، دراسات معاصرة في علم النفس المعرفي، ج١، ط١، عالم الكتب، القاهرة، مصر، ٢٠٠٤، ص ٢٧٩.
٦- Amer ،ayman ،( 2005) ،Analytical thinking ،pathways to higher education project ،center for advancement of postgraduate studies and research in engineering sciences faculty of engineering - Cairo university. p 62.
٧- Astliner H.(2002) ،teaching critical thinking online journal of instructional psychology ،vol 2. p 53-54.
٨- Sternberg ،R. Grigorenko E. (1997) ،Styles of thinking ،abilities ،and academic performance ،exceptional children. p 296.
٩- عبد الهادي، نبيل عبيد وعياد وليد، استراتيجيات تعليم مهارات التفكير بين النظرية والتطبيق، ط١، دار وائل للنشر، عمان، ص ٣٥.
١٠- Topin and Capie,(1981): Critical Thinking ،Dogmatism and self cocept as Predictions of success adult basic Education student D.A.I VOL.(47).NO(6).p 22.
١١- Koo,and choi,(2007):A Definition of Critical The Reading Teacher..17. p 163.
١٢- العزاوي، عبدالله محمد، علم النفس، ط٣، دار الرفيق للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت، لبنان، ٢٠٠٨، ص ٧٢.
١٣- أبو رياش، حسين محمد، التعلم المعرفي، دار المسيرة، عمان، ص ٢٩٤-٢٩٥.
١٤- Sternberg ،R. Grigorenko E ,(2007). Teaching for successful intelligence 2nded ،califonia، corw in press. p 117.
١٥- Sternberg ،R. Grigorenko E.2000). the effectiveness of triarchicand assessment- nrc/gt-2nd- article retrieved- spring- from. p 8.