بحث عن حاتم الطائي مختصر

بحث عن حاتم الطائي مختصر

هو حاتم بن عبد الله بن سعد بن الحشرج بن أمريء القيس بن عدي بن أحزم الطائي ويكنى حاتم أبا عدي كنى بذلك بابنته سفانة وهي أكبر ولده وبابنه عدي.

ولا يذكر اسم حاتم الطائي إلا تمثـل لسامعه ((إذا كان ممن عرفوا تأريخ العرب، سيداً من سادات طيء، وشاعراً مـن شعراء الجاهلية، وفارساً مـن فرسانها، رجل يكتنفه الشرف والسؤدد من طرفيه، وتسمه الشجاعة وعفة النفس وكرم الأخلاق، والعاطفة الإنسانية، والروح الاشتراكية بأجمل سماتها، ويزينه السخاء والجود وحبّ الضيافة بأسمى زينة، لم يكن همّه إلا إكرام الضيوف، والنحر لهم والجود عليهم)). 


فالكرم طبع فيه وغريزة متمكنة. 

حاتم الطائي


ويستدل من الأخبار أنه قد أكتسب صفة الكرم عن أمه وهي عنبه بنت عفيف الطائي فقد روى أنها كانت في الجود والكرم لا مثل لها فقد كانت من أسخى الناس وأقراهم للضيف وكانت ثرية تهب من يسألها كل ما في يدها. 


عاش حاتم في الحياة البدوية الصحراوية إذ مات أبوه وهو في سن الطفولة وقام على تربيته جده سعد بن الحشرج ولكن جده تركه في الحي مع جاريته وذلك بعد أن شعر جده بإسراف حاتم وساءه أن يرى أن ماله قد يبدد بيد حفيده. فخرج بأهله وتركه. (١)


ولادته ووفاته


تحديد زمن ميلاد حاتم والعصر الذي عاش فيه، ليس بالأمر الهين اليسير شأنه في ذلك شأن أكثر الجاهلين، ولكن يمكن القول بأن حاتم ولد في أواخر النصف الأول من القرن السادس الميلادي، وتوفي حاتم الطائي سنة ٤٦ قبل الهجرة / ٥٧٨م، وقد ترك لنا كنزاً زاخراً من تراثه الشعري الذي استحق به أن يكون من الشعراء المبرزين… .(٢)


زوجاته وأبنائه


تزوج حاتم فرزق ابنته سفانة جاءت بمنزلة والدها في الجود فكان يعطيها الابل فتنها الناس فقال لها أبوها "يا بنية إن القرينين إذا اجتمعا على المال اتلفاه فإما أن أعطي وتمسكي أو أمسك وتعطي فأنه لا يبقى على هذا شي".


وتزوج حاتم بعد موت امرأته الأولى تباوية بنت عنزر وكانت ملكة تتزوج من أرادت. 


فأتاها ثلاثة يطلبون الزواج بها: حاتم والنابغة الذبياني ورجل من بني النبيت فقالت لهم اتزوج اكرمكم واشعركم. فجربتهم بالكرم فوجدت حاتماً أكرمهم. 


فاستنشدتهم الشعر فانشدها النابعة والنبيتي ثم أنشدها حاتم:


أماوي قد طال التجنب الهجر … وقد غدرتني في طلابكم الغدرُ 


أماوي إن المال غادٍ ورائح … ويبقى من المال الاحاديث والذكر


أماوي إني لا أقول السائل … إذا جاء يوما حل في مالنا النذر


أماوي إما مانع فمبيمن … وإما عطالا لا ينهنهه الزجر


أما وما يغني الثراء عن الفتى … إذا حشرجت يوماً وضاق بها الصدر


أماوي إن يصبح صداي بقفرة … من الأرض لامالا لدي ولا خمر


ترى أن ما أنفقت لم يك ضرني … وأن يدي مما بخلت به صفر


وقد علم الأقوام لو أن حاتماً … أراد ثراء المال كان له وفر


فقالت له ماوية إنك أكرمهم واشهرهم وتزوجت به فولدت له عدياً ثم طلقته لتبذيره باغراء ابن عم لها يدعى مالك رغب في التزوج بها. (٣)


شعره


ولكن هذا لم يكن صفة حاتم الطائي وحسب أي أنه لم يكن جواداً  كريماً حسب وإنما كان شاعراً وشعره شخصي ينطق بشخصية صاحبه.

      

وقال عنه أبن الأعرابي: ((كان حاتم من شعراء العرب وكان جواداً يشبه شعره جودهِ ويصدق قولَهُ فعلُهُ. وكان حيثما نزل عرف منزلهُ. وكان مظفّراً إذا قاتل غلبِ. وإذا غنم أنهب. وإذا سئل وهب.  وإذا ضرب بالقداح فاز. وإذا سابق سبق. وإذا أسر أطلق ... )). 

      

وشعر حاتم الطائي فصيح  الألفاظ سهل التراكيب جداً وينتشر في قصائده شيء من الحكمة إذ تجد أن حكمته واضحة في أبياته التي يذكرها.

      

فأن شعره نابع من أخلاقه إذ أن أخلاق حاتم متمثلة في شعره. فلفظه سهل رقيق وأسلوبه محكم وثيق. 

     

وعند قراءة ديوان حاتم الطائي فأن أشعاره  قد وردت فيها الكثير من العبارات البليغة ذات المغزى العظيم التي ترى الحكمة الصريحة والواضحة فيها.   

     

وذلك لأن حاتم الطائي قد أكتسب خبرة من تجارب حياته المريرة وعلمته الظروف التي عاشها أكبر العبر فكانت العبر أكبر دليل له، والحكمة في لسانه نابعة من خوضه معمعة الحياة الرهيبة فكان يهزأ بالحياة وأن البقاء فيها مستحيل والرحيل عنها واقع. 


ومن قوله في الحكمة: (من الطويل)

        

وعاذِلَةٍ هَبَّتْ عليَّ تلُوُمني … كأنِّي إذا أَعطيْتُ مالي أضيمُها

        

أَعاذِلَ إِنَّ الجُودَ لَيْـسَ يُهلِكني … ولا مُخْلِدِ النَّفْسِ الشَّحيحَةِ لُوُمها

       

وتُذْكرُ أخْلاقُ الفَتَى وعظامُهُ … مغيَّبةٌ في اللَّحدِ بالٍ رَمِيمُها

       

ومَنْ يَبْتدِعْ ما ليْسَ من خلقِ الفَتَى … يَدَعْهُ ويَغْلبْهُ على النفْسِ ضِيمُها. 


إذا كُنْتَ رَبَّا للْقَلوصِ فلا تَدَعْ … رَفيقَكَ يَمْشي خلفَها غيرَ راكبِ 

       

أَنِخْها فأرْكبْهُ فإِنْ حَمَلَتْكُما … فَذاكَ وإن كانَ العِقابُ فعاقِبِ.


ومن هذا  فأن شعره في الحكمة ما هو إلا تجربة حية قد عاشها الشاعر وأن الأبيات التي قالها في  الحكمة ما هي إلا أبيات تحمل في طياتها العبر والدروس التي يمكن على الإنسان تعلمها وأن يأخذ منها كل ما هو نافع له. 


وأن الحياة التي تحياها ما هي إلا حكمة بالغة فيها الكثير من الأمور المهمة أن نستعملها وأن نقتدي بها.

  

وحاتم الطائي يظل مثالاً صادقاً للكرم العربي. (٤)


ديوانه


ولحاتم الطائي ديوانٌ من رواية أبي المنذر هشام بن محمد بن السائب الكلبي من تأليف وصنعة أبي صالح يحيى بن مدرك الطائي، ولم يعتمد أبو صالح هذا على طريق ابن الكلبي فقط في جمع الديوان؛ بل جمع عن غيره أيضاً، وانفرد هو بإيراد بعض أشعار حاتم، وإضافاته جاءت في الشروحات التي أوردها، كاعتماده على شروح وردت عن طريق أبي عمرو الشيباني، والأصمعي، وأبي عبيدة ...(٥)


قائمة المراجع:


١- ورود وليد حمود حسين الصراف، أشعار الحكمة في ديوان الحماسة لأبي تمام دراسة موضوعية فنية، رسالة ماجستير، كلية التربية للبنات، جامعة الكوفة، ٢٠١٥، ٣٥.


٢- جمال عبد الحفيظ هاشم، الشواهد النحوية واللغوية في شعر حاتم بن عبد الله الطائي دراسة وتطبيق، ط١، ٢٠٠٢، ص ١٢.


٣- باب الشعر والإنشاء، حاتم الطائي، مجلة الجامعة، العدد ١١، ١٨٩٩، ص ٢٠٣-٢٠٤.


٤- ورود وليد حمود حسين الصراف، مرجع سابق، ص ٣٦-٣٧.


٥- تامر إسماعيل محمد محمد حسين حميدي، الصور البيانية في شعر حاتم الطائي دراسة بلاغية تحليلية، رسالة ماجستير، كلية اللغة العربية، الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، المملكة العربية السعودية، 1436هـ، ص ١١.



مكتبة جواد
مكتبة جواد
تعليقات