التعبير الشفهي، مفهومه، أهميته، أهدافه، مجالاته، أسسه
التعبير الشفهي يعرف بأنه لغة منطوقة تعبر فيها المعاني الداخلية من داخل الفرد بعد اختيار الأصوات المناسبة إياها إلى الخارج على شكل متصل في التعبير الشفوي.(١)
وهو الكلام الذي يعبر به المتحدث عما في نفسه من أفكار ومعان وأحاسيس نحو موقف ما من خلال استخدام الصوت المعبر، والنطق الصحيح، واستخدام الإشارات المختلفة في توضيح المعنى. (٢)
والتعبير الشفوي هو استخدام التلميذ اللغة المنطوقة في التعبير عن آرائه وأفكاره ومشاعره، وقضاء حاجاته الاجتماعية في طلاقة وانسياب، وسلامة في الأداء، وبالفاظ سهلة واضحة معبرة عن المعاني، ومؤثرة في المستمع، ومدعمة بالأدلة والبراهين، مع حسن توظيف الإشارة و التعبيرات الملمحية. (٣)
أهمية التعبير الشفوي
أهمية التعبير من أهمية اللغة في حياة الإنسان أما أهميته التربوية الخاصة تأتي من مكانته تنبع المميزة بين المواد الدراسية، والإسهام في تكوين شخصية المتعلم، ولهذا يحتل التعبير مكانة مهمة بين فنون اللغة؛ فهو الحصيلة النهائية من تعلمها، وهو أداة الفرد في الإفصاح عما يجول بخاطره، وأداة أساسية في الاتصال بغيره، وبفضل التعبير يتمكن الفرد من أن يتكيف مع المجتمع الذي يعيش فيه، فتتحقق الألفة والأمن بينه وبين أفراد مجتمعه.
وعلى الرغم من الأهمية الكبيرة للتعبير الشفوي إلا أنّه لا نوليه الاهتمام الكافي في مدارسنا العربية، ولا يتم تدريب المتعلمين عليه، بل إنّ الكثير يظن بعدم الحاجة إلى مثل هذا التدريب ظناً منهم أننا جميعاً كعرب نتحدث وليس لدينا مشكلة في ذلك، ولكن كثير من الناس يجد نفسه في ورطة بسبب سوء اختياره لكلمة، أو لعدم مناسبة تنغيمة صوته للمعنى المقصود؛ فيفهم كلامه بمعنى يختلف عما يريد، وكثير من سوء الفهم والمشكلات بين الناس تعود إلى أخطاء في التحدث.
ولعل من أهم الأسباب والدواعي للاهتمام ببرامج تعليم اللغات بالتواصل الشفوي الثورة في وسائل الاتصال، وشيوع اللغة المنطوقة في الحياة اليومية، علاوة على أنّ التواصل الشفوي أداة رئيسة للتعلم وعليها يتوقف كثير من نجاح المتعلمين أو فشلهم في الدراسة.
وتظهر أهمية التعبير الشفوي كونه أداة الاتصال السريع بين الفرد وغيره، وفي تقوية الروابط الاجتماعية والفكرية، والنجاح فيه يحقق كثيراً من الأغراض الحياتية، كما يعتبر الممهد للتعبير الكتابي، فنظراً لهذه الأهمية اتفقت أغلبية آراء التربويين والمربين على تنمية قدرة المتعلم على التعبير الشفوي والحديث الصحيح الذي يعد من أهم الأغراض التربوية في تعلم اللغة وتمكن المتعلم من لغته وقدرته على التعبير عن حاجاته وأغراضه التي تعد من علامات التقدم الثقافي والتحدث عمّا يدور في خاطره بلغة سليمة خالية من الأخطاء اللغوية والنحوية وتتصف بالجمال والوضوح والقوة. (٤)
أهداف تعليم التعبير الشفهي
يهدف تعليم التعبير الشفهي إلى ما يلي:
- تزويد الطالب بالخبرات والمعلومات التي يتطلبها التعبير الشفهي.
- تنمية قدرات الطالب العقلية التي يحتاجها في التعبير الشفهي مثل التذكر والاستدلال والاستنتاج.
- استخدام الألفاظ الواضحة التي تدل على المعنى بالتحديد، والبعد عن الألفاظ الغريبة.
- توظيف مهارات وفنون اللغة في مواقف الحياة التي تتطلب التعبير الشفهي.
- الانطلاق في الحديث في دقة ووضوح.
- استخدام التعبيرات والهيئة الإشارية والملمحية المناسبة لموقف وغرض التعبير الشفهي.
- إثراء المعجم اللغوي للطالب.
- تخليص لغة الطالب من الأخطاء الشائعة.
- مساعدة الطالب على التمييز بين الأفكار الرئيسة والفرعية.
- مساعدة الطالب على تخطي التوترات النفسية مثل الخوف والخجل من مواجهة الآخرين. (٥)
مجالات التعبير الشفوي
ذكر يونس وآخرون أن الاتصال الشفوي يدور على نمطين، فقد يأخذ شكل الحديث إلى المستمعين وهذا يسمى (الحديث)، وقد يأخذ شكل الأخذ والعطاء، أي الحديث المتبادل بين طرفين أو أكثر فيسمى (المناقشة).
ويندرج تحت هذين النمطين مجالات كثيرة يُستخدم فيها التعبير الشفوي أهمها وزارة المعارف:
- المحادثة والمناقشة: وتعتبر المحادثة والمناقشة من أوسع الفنون اللغوية وأكثرها استعمالاً، فهي عملية تفاعلية مشاعة لها أثرها الاجتماعي و النفسي للإنسان.
- سرد القصص والنوادر: والقصة فن أدبي تدور حول أحداث معينة يقوم بها أشخاص في زمان أو مكان ما، وهي تستمد الأحداث من الخيال والواقع معا.
- قراءة الصور والرسوم: ويقصد بها معالجة الصور والرسوم المرئية، التي هي اللغة الرمزية، لتوضيحها وبيان مفهومها والتعبير عنها بالألفاظ اللغوية والأساليب الكلامية.
- إدارة الاجتماعات: وهي ترتيب وتنظيم لمناقشة معينة حول موضوع ما ويتوصل فيه المناقشون إلى قرار معين.
- عرض التقارير الشفوية: وهي عرض لفظي يكون غالباً مكتوباً للحقائق الخاصة بموضوع معين عرضاً تحليلياً، بطريقة سلسة بسيطة مع بيان الاقتراحات التي تتفق والنتائج التي تم التوصل إليها بالبحث والتحليل.
- إلقاء التعليمات والتوجيهات: وهو تقديم النصح والإرشاد والتوجيه.
- الوصف: ويقصد به نقل صورة العالم الخارجي أو العالم الداخلي من خلال الألفاظ ويُطرح للمناقشة، على أن ينفرد كل واحد ببحث في ناحية من نواحيه والهدف منها إبراز العبارات و التشبيهات.
- الخطابة: وهو فن من فنون القول الذي يقصد به التأثير في المستمعين وإقناعهم. وهي عمل فني، مادته الأفكار والعواطف والصور واللغة، تتضافر جميعا لخلق أثر جميل يؤثر ويمتع ويجذب.
- الندوة: ويقصد بمفهوم الندوة اختيار ثلاثة أو أكثر، يُعهد إليهم ببحث الموضوع الذي يطرح للمناقشة، على أن ينفرد كل واحد ببحث في ناحية من نواحيه، والهدف منها إبراز العمل الجماعي التعاوني لفعاليات متنوعة في حل المشكلات واستعراض المعلومات.
- المناظرة: وهي محاجة شفوية تدور حول مسألة من المسائل المطروحة على بساط البحث من متنافسين، ويحاول كل منهما تأييد رأيه بالدلالة والبراهين، وإبطال رأي الفريق الآخر.
- المقابلة الشخصية: وهي الاتصال الشخصي المباشر بين شخصين أو أكثر، بهدف جمع المعلومات حول قضية معينة أو مسألة ما. (٦)
الأسس التي يقوم عليها التعبير الشفوي
تعد أسس التعبير الشفوي بأنّها مجموعة المبادئ والحقائق التي ترتبط بتعبير المتعلمين، وتؤثر فيهم ويعتمد فهمها وترجمتها إلى عمل نجاح المعلمين في دروس التعبير من حيثُ انتقاء الموضوعات الملائمة، واختيار الأساليب والطرائق الجيدة في التدريس وبالتالي يتوقف عليها نجاح المتعلمين في التعبير.
ويتفق العديد من المتخصصين في اللغة العربية وطرائق تدريسها على مجموعة من الأسس التي تؤثر على التعبير الشفوي وعلى المعلم الدور في الانطلاق من هذه الأسس ومراعاتها عند اختيار الموضوعات وطريقة عرضها، وتنقسم هذه الأسس إلى ثلاثة أنواع وهي:
اولاً: الأسس النفسية: إن للمعلم الدور الكبير في تهيئة جو من الطمأنينة للمتعلمين؛ مما يدفعهم إلى حرية التعبير وتدعيم ثقتهم بأنفسهم وخاصة الذين يعانون من الخوف والخجل، بالإضافة إلى التصريح عما في نفوسهم وفكرهم، ومنح المتعلمين فرصة للتعبير بلغتهم دون مقاطعة حتى تكون أفكارهم متسلسلة ومترابطة، وتصبح لديهم الطلاقة في التعبير والتفكير الحر السليم وتركهم يعبرون في وضعهم الطبيعي، ومنح الطلبة فرصة التعبير عن خبراتهم وأرائهم وإتاحة الفرصة أمام المتعلمين للتعبير عن المحسوسات والاستعانة بنماذج الأشياء أو صورها من أجل تشجيعهم للحديث عنها، وعلى المعلم أن يثني محاولاتهم ما دامت قائمة على التفكير الحر المستقل، والتعبير عن أفكارهم الذاتية بصدق وتقديم الحافز الذي يثري تعبيرهم، بالإضافة إلى أن يكون المعلم القدوة الحسنة للمتعلمين في مظهره وسلوكه ولغته؛ ليقوم المتعلمين على محاكاته.
ثانياً: الأسس التربوية: إشعار المتعلمين في حرية اختيار الموضوعات والتعبير عنها والاستعداد للحديث، واختيار المفردات والتراكيب في أداء الأفكار ومناسبة موضوع التعبير مع أعمار المتعلمين وارتباطه بالواقع الذي يعيشونه ومعالجته اهتمامهم ومراعاة ميولهم والاهتمام بالخبرة السابقة للحديث في أي موضوع، ومراعاة خصائصهم الجسمية والنفسية والاجتماعية، وإتاحة الفرصة للتعبير بشكل مستمر؛ فليس للتعبير زمن أو حصة محددة؛ بل نشاط لغوي مستمر وتشجيع المتعلمين على التعبير الصحيح والابتعاد عن النقد الذي يثبط الهمم، وتشجيعهم على مهارات الأنشطة الحرة كالإذاعة المدرسية، وجماعة المسرح واستخدام طرائق التدريس والأساليب التي تنمي مهارات التفكير لديهم.
ثالثاً: الأسس اللغوية: التعبير الشفوي أسبق في التعلم من التعبير الكتابي لدى المتعلمين، ويسعى المعلم على إثراء الحصيلة اللغوية لدى المتعلمين في المرحلة الأساسية من خلال القراءة والاستماع، ومنح المتعلمين الفرصة الكافية لاستخدام اللغة العربية الفصحى وسماعها فالمتعلمون يعانون من إزدواجية اللغة في حياتهم فيسمعون الفصحى في المدرسة والعامية في البيت والحرص على تميّز موضوع التعبير بعنصر الجمال متمثلاً في عذوبة الألفاظ وحسن الأداء، وتمثيل المعنى وروعة الإيقاع وسلامة العبارة، إذ يستند عليها وضوح تعبيرهم وقدرتهم في عرض الأفكار وتنظيمها وتسلسلها والاستدلال عليها، والاهتمام بالمعنى قبل اللفظ، فالألفاظ خادمة للمعاني ومعبرة عنها. (٧)
قائمة المراجع:
١- عصر، حسني عبد الباري، تعليم اللغة العربية في المرحلة الابتدائية، الاسكندرية، ١٩٩٧.
٢- عبد الله، عبد الحميد، تقويم مستويات الأداء في التعبير اللغوي لدى طلاب المرحلة الثانوية، مجلة القراءة والمعرفة، العدد ٩،القاهرة، ٢٠٠١.
٣- الكلباني، زيونة بنت سعيد، تقويم مهارات التعبير الشفوي لدى تلميذات المرحلة الإعدادية، رسالة ماجستير غير منشورة، كلية التربية، جامعة السلطان قابوس، سلطنة عُمان، ١٤١٨، ص ٨.
٤- أحلام نواف البري، أثر مسرحة النصوص القرائية في تنمية مهارات التعبير الشفوي لدى طالبات الصف الثالث الأساسي في الأردن، رسالة ماجستير، كلية العلوم التربوية، جامعة آل البيت، ٢٠١٧، ص ٢٨.
٥- محمد بن شديد بن سالم البشـري، جوانب الضعف في مهارات التعبير الشفهي لدى طلاب المرحلة المتوسطة وبرنامج مقترح لعلاجها، أطروحة دكتوراه، كلية العلوم الاجتماعية، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، المملكة العربية السعودية، ٢٠٠٧، ص ١٧.
٦- عابد بن حميد بن بركة الخرماني، الأخطاء الشائعة في التعبير الشفوي والكتابي لدى تلاميذ مدارس تحفيظ القرآن الكريم وتلاميذ قسم العلوم الشرعية و اللغة العربية بالمرحلة الثانوية، رسالة ماجستير، كلية التربية، جامعة أم القرى، المملكة العربية السعودية، ١٤٢٦-١٤٢٧هـ، ص ٣٤-٣٥.
نقلا عن:
- يونس وآخرون، ۱۹۷۷م، ص ١٥٣.
- وزارة المعارف، دليل مقرر الانشاء للمرحلة الثانوية، شعبة اللغة العربية، تعميم مصور، الرياض، ١٤٣٣هـ، ص۱١.
٧- أحلام نواف البري، مرجع سابق، ص ٣٣-٣٤.